لم يكن فقدانه لحاسة البصر، عائقاً في تحقيق ما يصبو إليه من أماني وأحلام ، بل على العكس فقد استطاع السيد "محمد القراعزة"، الملقب "أبو أنور"، بما يملك من بصيرة نافذه، أن يحقق حلمه في أن يكون نجاراً محترفاً ومشهوراً، ولم يتوقف الأبداع عنده على النجارة فحسب، بل طال مجالات أخرى.

يقول السيد "أديب عمارين"- نجار خشب- في مدينة "نوى" لموقع"eDaraa": «يعد "أبو أنور" من الشخصيات المتميزة في مهنته، فهو نجار بارع ترجم ابداعاته الذاتية إلى حقيقة، من خلال أدواته المتواضعة وقدرته على التعامل مع الآلات الحديثة، باتقان ولمسة فنية رائعة، ويعتبر منافساً قوياً في مهنة النجارة، لجودة عمله واتقانه وحرفيته».

إضافة لمهنتي في النجارة، أجيد العزف على العود سماعي، ومؤذن جامع الأمام النووي منذ عشرين عاماً، وأستطيع صيانة العديد من الأجهزة الكهربائية، وأحب الاستماع الى الطرب العربي الأصيل كالموشحات والقدود

وذكرالسيد "يوسف مسلم" أحد جيرانه: «عرفناه منذ الصغر، صاحب إرادة قوية، ونشيطا يحب العمل، ويسعى من أجله، ولم يمنعه فقدانه لحاسة البصر، من السعي للبحث عن عمل يقتات منه، ظهرت موهبته في النجارة في سن مبكرة، حيث كان يهتم بصيانة الأدوات الخشبية والآثاث المنزلي.

واستطاع أن يجد نفسه في هذه المهنة، بل وتفوق على الكثيرين من أصحابها، ليصبح في قائمة الماهرين بالمنطقة، فقد تمكن من التعامل مع أحدث الآلات الكهربائية المتطورة في تصنيع الخشب، لصناعة غرف النوم والأبواب والنوافذ الخشبية، وطاولات التلفاز والطعام، وكما يجيد عمله بحرفيه يجيد التعامل مع الناس بحرفيه ومصداقية، فهو يحب الناس، والناس يحبونه».

أما السيد "يحيى أبو السل" من سكان مدينة "نوى" فقال: «"أبو أنور" متعدد المهن والمواهب، بدأ حياته بأصلاح الأدوات المنزلية والكهربائية، ثم تعداها إلى مهنة النجارة، وتراه يتلمس أدواته ويتعرف وضعها، ويتحسس صوت المسمار والخشب، ولديه ذوق فني، من خلال اختياره أنواع وأشكال الموديلات التي يبدع في إنشائها، وهو شديد الملاحظة، يتوخى الدقة في عمله، وهناك إقبال على منتجاته».

وحول سر موهبتة وإبداعه في مهنة النجارة، تحدث السيد "محمد القراعزة" بتاريخ 17/1/2011 لموقع"eDaraa" قائلاً: «ولدت ضريراً لكن ذلك لم يكن حائلاً في طريقي الذي رسمته لنفسي، في أن أكون نجاراً، فقد عشقت هذه المهنة منذ صغري، حيث كنت أقوم بتصنيع ألعاب الأطفال من الخشب، وصناعة صناديق خشبية لأجهزة الراديو الصغيرة التي كانت تعمل على البطاريات آنذاك، وفي سن الثالثة عشرة أصبحت قادراً على أصلاح قطع الموبيليا التالفة.

ما شجعني لإختيارمهنة النجارة بعد أن برعت بها، وكانت خطوتي الأولى هي الحصول على شهادة حرفية من اتحاد الجمعيات الحرفية في محافظة "درعا"، الأمر الذي مكنني من فتح محل لصيانة وتصنيع النجارة بأنواعها كافة».

وعن بداية مشواره تابع "القراعزة" يقول: «أعمل في النجارة منذ /30/عاماً، وفي بداية مشواري كنت أتعامل مع أدوات النجارة القديمة، "المطرقة، والمنشار، والملازم،والفاره اليدوية"، عن طريق حاسة اللمس حيث كنت أتلمس أدواتي، وكانت وسيلتي المعتمدة في القياس هي"الشبر" أو"عودالحشب"، وفي عملية القص أعتمد على زوايا الحديد.

وعندما ظهرت أدوات النجارة الحديثة قررت في نفسي أن أواكب هذا التطور، وبعد التدريب لفترة ليست طويلة تمكنت من التعامل مع هذه الأدوات الجديدة بسهولة، "كمنشارة الخشب الحديثة، وجهاز "الشلة" لقص الخشب، و"الفارة" التي تستخدم لمسح الخشب، وآلة "الرابوخ" التي تستخدم لتسوية الخشب، وغيرها من الأدوات المتطورة"، الأمر الذي سهل علي العمل، ووفر الجهد والوقت، وزاد من كمية الإنتاج، في الوقت الذي زاد الأقبال على ما أقوم بتصنيعة بنفسي».

وفيما يخص مواهبه الأخرى ذكر "القراعزة": «إضافة لمهنتي في النجارة، أجيد العزف على العود سماعي، ومؤذن جامع الأمام النووي منذ عشرين عاماً، وأستطيع صيانة العديد من الأجهزة الكهربائية، وأحب الاستماع الى الطرب العربي الأصيل كالموشحات والقدود».

وعن النجار "محمد القراعزة" الأب يقول ابنه "أنور": «كان والدي حريصاً كل الحرص على متابعة تحصلينا العلمي، من خلال متابعتة المستمرة لدراستنا، وتقديم احتياجاتنا المدرسية كافة، وسعيه الدائم على أن نكون من الطلاب المتفوقين والمتميزين دراسياً، في الوقت الذي كان يحرم نفسة من أشياء كثيرة لأجلنا، ولم يهدأ له بال الأ بعد أن أنهينا دراستنا جمعياً، في معاهد وجامعات القطر.

وكان شعاره في الحياة وما زال "من جد وجد ومن سار على الدرب وصل"، ليصبح فيما بعد شعاراً لأولاده الخمسة الذين مضوا على نهج والدهم، ليكون أنموذجاً يحتذى به في الجد والاجتهاد والتصميم على النجاح، وما زال حتى الآن يراقب تحركاتنا عن كثب، ويوجهنا عند الضرورة».

الجدير بالذكر أن السيد "محمد القراعزة"، من مواليد مدينة "نوى" عام /1954/م، متزوج من زوجتين ويبحث عن الثالثة كما يدعي، ولديه خمسة أولاد اثنان ذكور، وثلاث إناث.