هو ذلك الشخص الذي يقوم بالإشراف على قضايا وأمور الناس، والعمل على تسيير وتسهيل معاملاتهم، وعلى الرغم من كل التطورات والتغيرات التي خضع لها المجتمع عبر الزمن، فإن شخصية المختار لا تزال تحتفظ بدورها وبالكثير من صفاتها وأهميتها، "محمد الخضر" (أبو زياد) مختار بلدة "الجيزة" والذي قصدناه بهدف التعرف على المواصفات الأساسية لشخصية المختار فكانت بداية حديثه بالعبارة التالية: «المختار هو فرد من أفراد المجتمع وهو غير مفضل على أحد من الآخرين».

السيد "محمد" الذي فتح لنا باب مضافته مستقبلاً إيانا أثناء زيارتنا لبلدة "الجيزة" وهو من سكان بلدة "الجيزة" ومواليد عام 1959، يرى أن على المختار أن يكون محط ثقة بالنسبة للآخرين وأن يكون محباً لمجتمعه ووطنه وأهله كسمات أساسية لابد أن تتوافر في شخصه، وتابع كلامه متحدثاً عن الدور الذي يلعبه المختار في المجتمع فقال: «يعتبر المختار الواجهة الاجتماعية للبلدة وهو الممثل الأول للمجتمع المحلي، فيفتح بابه دوماً لجميع الناس من أجل الاستماع إلى مشاكلهم وهمومهم والقضايا التي تشغل بالهم، ويسهم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي عن طريق حل تلك المشاكل من خلال التعاون مع الوجهاء في المجتمع ومسؤولي الدولة القادرين على ذلك، فهو بذلك حلقة الوصل بين المجتمع بمختلف فئاته وبين الجهات الرسمية في الدولة، كما يلعب دوراً كبيراً في تنمية العلاقات الاجتماعية بين الناس من خلال تبادل الزيارات والحضور الدائم في المناسبات الاجتماعية المختلفة والوقوف إلى جانب أصحابها سواءً في داخل القرية أو خارجها، حيث يعتبر ذلك واجباً عليه، وهو يلعب في تلك المناسبات دور "المعزب" (من أهل البيت)، كما أنه يسهم بشكل فاعل في تربية الأجيال القادمة تربية صالحة وإيجابية»،

يجب على كل شخص يوضع في مكان هو أهل له أن يكون مؤثراً ومحققاً للهدف الذي وضع من أجله

وهنا التقينا الشاب "عبد الملك الخضر" نجل السيد "محمد" وأحد المتفوقين على مستوى المحافظة في شهادة الثانوية العامة الفرع العلمي والذي قال: «يعود تفوقي إلى التوفيق من الله وإلى جهدي الذاتي، ولكن لدور الأهل النصيب الأكبر وخاصة السيد الوالد الذي كانت مكانته الاجتماعية الهامة بمثابة عامل مشجع للنجاح نظراً للمسؤولية الملقاة على كاهله، كما أنه كان دائماً محفزاً لي كي أكون شخصاً فاعلاً بالمجتمع، وبالنسبة فأنا أعتبره قدوتي في الحياة».

جلسة ملؤها المحبة والتسامح

وعن رؤيته لأهمية المضافة وهل ما زالت تحافظ على قيمتها يقول: «تشكل مضافة المختار مزاراً أساسياً لأهالي القرية من الأقارب والأصدقاء والجيران، وهي تعد بمثابة المجلس الاجتماعي الذي هدفه الحفاظ على التقارب والألفة بين الناس وكذلك المساهمة ببناء المجتمع وبناء ثقافته والتشجيع على النقاط الإيجابية ومحاربة النقاط السلبية»،

وعن دور المختار في المحافظة على التراث يقول: «من ليس له ماضٍ فليس له حاضر، والمختار يصر على ارتداء اللباس الحوراني القديم ويضع المعدات التراثية في مضافته من باب الإبقاء على هذا التراث الذي نعتز ونفتخر به والذي لاشك بأنه تأثر بفعل عوامل التطور والتقدم، ونحن نؤيد الاندماج في هذا التطور مع الحفاظ على التراث والعادات والتقاليد الأصيلة بما يتناسب مع الأخلاق والدين ولا يخرج عن نطاق ما يتقبله المجتمع، لأن من سمات المجتمع السليم التطور نحو الأفضل دون التأثر بالثقافة والأفكار الغربية المستوردة».

المضافة من رموز التراث

وختم السيد "محمد" حديثه بالقول: «يجب على كل شخص يوضع في مكان هو أهل له أن يكون مؤثراً ومحققاً للهدف الذي وضع من أجله».

وأضاف: «لدينا مرتكزات أساسية هي الكتاب والسنة والوطن وهي مصادر غير قابلة للتغيير ولا يمكن المساومة عليها».

السيد محمد الخضر