من يأخذ بيد المكفوفين ويسند ارتعاشهم ويعينهم على طريق الحياة الشائك؟ من يتضامن معهم ويدعمهم، وهم جزء منا ويحتاجون إلينا لنكون عوناً لهم في ظروفهم؟ المجتمع يفرض العزلة عليهم بدعوى عدم قدرتهم على الاندماج في الأنشطة ولكنهم في الحقيقة على العكس من ذلك، فالحرمان من البصر دافع لهم لمواصلة التفوق وليس كما يعتقد البعض عائقا.

eDaraa بتاريخ 8/6/2009 حاور أحد هؤلاء المكفوفين الذين رسموا لأنفسهم طريقاً في الحياة وقاوموا إعاقتهم البصرية الشيخ "زهير الحريري" المعروف بين أهلة وذويه باسم "عيسى" فهو خريج كلية الشريعة وخطيب في أحد مساجد "درعا" يشار إلية بالبنان ويرجع إليه الناس في مشاورته في أمور دينهم، تكلم لنا عن بداية معايشته هذه الإعاقة فقال:

الأشخاص الذين لا يعانون من أي إعاقة يجدون صعوبة في الزوج فما رأيك بشخص مكفوف

«فقداني للبصر كان منذ ولادتي حيث انتبه أحد إخوتي أن العيون لا تتحرك، أجريت لي عدة عمليات جراحية، لكن الوضع لم يتغير وتبين أن فقداني للبصر كان نتيجة تناول والدتي بعض الأدوية أثناء الحمل.

زهير أو عيسى الحريري

ويتابع الشيخ "زهير": «في المرحلة الابتدائية كنت أشاهد الأشياء القريبة مني جداً ومع مرور الأيام وفي المرحلة الثانوية كان فقدان البصر بشكل كلي، دخلت كلية الشريعة وتخطيتها دون الرسوب بأية سنة».

وعن كيفية وصوله إلى هذه المرحلة قال: «بما أنني في بداية الأمر كنت أشاهد الأشياء القريبة قمت بوضع نظارة خاصة بالدراسة، عن طريق استشارة الطبيب وعند فقدان البصر بشكل كامل، كنت أستعين بأحد إخوتي عن طريق الاستماع له في الدراسة، وهذا الأمر فيه تعب وإرهاق له لأنه يضطر لإعادة القراءة لأكثر من مرة مما اضطرني لتسجيل صوته على أشرطة كاسيت والعودة إليها في أي وقت حتى أنهيت دراستي الجامعية».

اثناء خروجه من المسجد

وعن رغبته في متابعة تحصيله العلمي قال: «من خلال دراستي للشريعة تعلمت أنه يجب على الإنسان ألا يقف عند حد معين، وعليه أن يكون مؤثراً في أي مجال في حياته، فكلما ارتفع تحصيل الإنسان من المعرفة كان تأثيرة في المجتمع أقوى ويعود الفضل في كل هذا لمساندة والدتي وأساتذتي الذين كنت أستمد منهم الإصرار على المتابعة».

وعن الرابط بين اسم "زهير" و"عيسى" قال: «قديماً كان عندما يولد الإنسان في المشفى يتولى الأطباء تسميته فاسم "زهير" كان في المشفى وبقي على بطاقتي الشخصية، واسم "عيسى" هو ما أراده لي والدي الذي يعرفني به الأهل والأقارب».

وعند سؤالنا عن تجربته الزوجية قال: «الأشخاص الذين لا يعانون من أي إعاقة يجدون صعوبة في الزوج فما رأيك بشخص مكفوف».

ويتابع كانت هناك بعض الصعوبات نتيجة نظرة المجتمع للمكفوف على أنه شخص غير قادر على تحمل أعباء الحياة الزوجية، ولكن ولله الحمد فأنا الآن متزوج ولدي طفلتان وزوجتي متفهمة لوضعي تماماً، حتى أنها تعاملني على أنني شخص مبصر بشكل طبيعي.

وعندما سألناه ماذا ينقص المكفوفين في المحافظة قال: «أول ما ينقص المكفوفين هو تعاون الناس معهم، والأخذ بيدهم في سبيل تحقيق ما يطمح إليه كل منهم. والتعامل معهم على أنهم أشخاص عاديون، وعدم المساس بما يجرح شعورهم ويشعرهم بالنقص. ثم تعاون المسؤولين والدوائر الحكومية مع أصحاب الشهادات منهم بحيث أن توفر المهنة المناسبة لهم، التي من خلالها يكون لديهم دخل يعينهم على معيشتهم في الحياة».

في النهاية سألناه عن النصيحة التي يوجهها للأشخاص الذين هم بمثل حالته فقال: «إذا أراد شخص في هذه الحياة، سواء كان مكفوفاً أو غير مكفوف أن يشق طريقه في الحياة دون صعوبات أو مشاكل أن يرضى بما قسمة الله له وأن يعلم أن ما يختاره الله له فيه كل الخير، فالحاجز النفسي هو الأساس الذي يعيق كل شخص وحتى الأشخاص الذي لا يعانون من أية إعاقة، فيجب على الإنسان كسر هذا الحاجز لكي يصل إلى ما يطمح إليه».