«كل شيء قسمة ونصيب ولو أكملت تعليمي لكنت اليوم من النحاتين المعروفين. مناهج الدراسة لم تستهوني وكانت الطبيعة تجذبني بكل تفاصيلها فقد أغراني الحجر الصلب عندما وجدته طيعاً بين يدي، ويحقق حلماً لا أعرف تحديداً متى راودني لكنه اليوم بدا الخيار المحبب إلي».

بهذه الكلمات بدأ النحات الشاب "إبراهيم أبازيد" حديثه لموقع eDaraa الذي التقاه يوم 31/1/2009 وهو الذي لم يدرس علوم النحت وفنونه في أكاديمية للنحت، فجأة وجد نفسه خارج المدرسة منذ طفولته لكنها الموهبة أبت في نفسه إلا المتابعة.

معاولي ومثاقبي وحرارة الشمس أتعبت يديَّ فاخترت "كراج التصليح" الذي أملكه وأحصل منه على رزقي اليومي مكاناً لأمارس فيه هوايتي والأدوات التي استعملها أمام هذه الصخرة هي "مناشير ومثاقب" فقط. الفن إحساس قبل أي شيء آخر وبجميع أعمالي النحتية لا أستعمل إلا الأدوات اليدوية

"إبراهيم" وعن بدايات ممارسته لهواية النحت يقول: «منذ الصغر وجدت نفسي أنحت على الصابون كنت أخطف الصابون من المنزل أعيده مجدداً ولكن بهيئة أخرى ثم لاحقاً دخلت على الحجارة الكلسية لكني وجدتها سريعة الإزالة لأستقر على الصخر البازلتي المميز بقسوته والحافظ لمسارات وتفاصيل العمل الفني. عملت أكثر من /200/ منحوتة صغيرة الحجم ومتوسطة، لكنني نلت الشهرة المحلية بعد إنجازي لمنحوتتي البازلتية التي تزن أكثر من /6/ طن من الحجر البازلتي الأصم حيث تشتهر منطقة "حوران" بهذا النوع من الصخور الصلبة، وانتهيت اليوم من منحوتة جديدة تتجاوز /117/ طن من ذات الصخر الأسود، حيث نالت إجماعاً حول ارتقائها لمستوى منحوتات عالمية حيث لم أجسد شخصاً أو مشهداً عابراً إنما اخترت رسالة تحت عنوان حوار الحضارات، أحضرت الصخرة الكبيرة التي صنعت بها منحوتتي من بلدة "صيدا" التي تقع إلى الشرق من مدينة "درعا"، حيث كنت أعمل هناك استأجرت رافعة أحضرتها إلى ورشتي وبدأت العمل بها قبل سنوات لتنجز بهذه الصورة».

على طريقة الأنباط

وعن أسباب اختياره لفكرة حوار الحضارات والتي جسدها في منحوتته يضيف "ابراهيم": «أردت من خلال المنحوتة إعادة فكرة أن الحضارات الإنسانية هي نتاج الجميع، فالإنسان أخ الإنسان وهذه المنطقة الجغرافية هي أم الحضارات فعلى أرضها عرفت الحروف الأولى وعلى أرضها تنزل الوحي من الله ولجميع الديانات السماوية، لذلك تجسد المنحوتة قصة الخلق من سيدنا "إبراهيم" عليه السلام وحتى خاتم الأنبياء "محمد" (ص)، حيث تعرض المنحوتة في جوانبها المختلفة قصة سفينة "نوح" وبعد العودة إلى الكعبة وحجر سيدنا "إسماعيل" ومزراب الرحمة ومقام "إبراهيم" والحجر الأسود، ثم قصة قوم "ثمود" وحضارة الأنباط ومدائن "صالح"، ويتابع الابازيد لتكتمل اللوحة بفنية عالية استعنت بالخيال فجسدت قصور قوم "عاد" وأهل الكهف والأهرامات و"سليمان" وكرسيه وتابوت "طالوت"».

ويواصل سرده التاريخي عبر النحت فتبرز مدينة "الأقصى" وبواباتها ومجسم لقبة الصخرة ومقام "زكريا" ومحراب السيدة العذراء والنخلة والمحراب، كما تضم جنبات المنحوتة تصويراً لأقدم توقيت في العالم وتاريخ الاستعانة بالكواكب الشمسية لأنهي منحوتتي من الأسفل بمجسم لوعاء كبير دائري الشكل باعتباره حاضناً للحضارة.

الفنان "ابراهيم أبا زيد"

ويختم "إبراهيم" حديثه قائلاً: «معاولي ومثاقبي وحرارة الشمس أتعبت يديَّ فاخترت "كراج التصليح" الذي أملكه وأحصل منه على رزقي اليومي مكاناً لأمارس فيه هوايتي والأدوات التي استعملها أمام هذه الصخرة هي "مناشير ومثاقب" فقط. الفن إحساس قبل أي شيء آخر وبجميع أعمالي النحتية لا أستعمل إلا الأدوات اليدوية».

من الجدير بالذكر أن "ابراهيم أبازيد" من مواليد محافظة "درعا" عام /1974/م ويعمل في كراج خاص له في أقصى جنوب محافظة "درعا".

مسلة للفنان "ابراهيم"