كان السيد "أحمد جازية" ومازال يتمتع بقوة إرادة وتصميم على مواصلة عمله الذي بَدَأه مع والده في عقد السبعينيات من القرن الماضي ليمضي سنوات عمره بين محافظتي "درعا" و"ريف دمشق" وتحديداً بين قرى "حيط" و"العجمي" "تلشهاب" "زيزون" من محافظة "درعا" و"منين" من ريف محافظة "دمشق"...

كبائع متجول لألبسة متنوعة، حيث يجوب بين هذه القرى مشياً على الأقدام لعدم امتلاكه وسيلة نقل وهو يحمل ألبسته على كتفيه بواسطة قطعة قماش بيضاء تتسع للكثير من الألبسة، وتبدو هذه القطعة المتكورة كأنما هي جزء منه فقد اعتادها الأهالي على كتفيه منذ 28 عاماً، وما لبث هذا الرجل يرتاد هذه الأماكن منذ بداية عام /1980/ وقد اعتادته الدروب كما اعتادها وأحبه الأهالي الذين يطيب لهم الشراء من بضاعته واستقباله في منازلهم.

تعلم أبنائي من عملي هذا الإصرار على إنجاح العمل والتفاني فيه وعدم الرضوخ للصعوبات التي تواجههم، فبالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية التي تكونت مع أهالي هذه القرى كان هناك أيضا مكسب مادي، حيث استطعت أن أوفر لأبنائي فرص دخولهم الجامعات وإكمال دراستهم، فلدي ابن طبيب يكمل دراسته حاليا في "روسيا" وآخر في "بريطانيا" يكمل دراسته في مجال الأدب الانجليزي

موقع eDaraa التقاه في بيت "محمد فارس الحشيش" في قرية "العجمي" بتاريخ 5/12/2008 حيث بدأ السيد "أحمد جازية" حديثه بالقول: «أنا من قرية "منين ريف دمشق" من مواليد /1950/ أعمل مدرس تربية إسلامية في قرية "منين" وأحمل شهادة ليسانس في الشريعة الإسلامية من جامعة "دمشق" وأعمل حاليا للحصول على شهادة الماجستير. أما في أيام العطل فأمارس عملي كبائع متجول في قرى "درعا" /حيط- العجمي- زيزون- تلشهاب/.

في البداية كنت أرافق والدي في تجواله في هذه القرى للتعرف عليها والذي كان يبيع الأقمشة بمقياس/الذراع/ فتركت السنوات العشر التي رافقته بها ذكريات كانت الدافع لي لأتابع عمله في هذه القرى فأصبحت أجولها حاملا الألبسة المتنوعة التي في أغلبها تكون حسب طلب العائلات لها».

لكن لماذا يتمسك السيد "أحمد" بعمله كبائع متجول للألبسة على الرغم من مرور 28 عاماً؟، ومع الانتشار الواسع لمتاجر ومحلات الألبسة وعن ذلك يقول: «من خلال هذه السنوات الطويلة التي قضيتها بين "منين" وقرى "حوران" استطعت أن أوسع باب علاقاتي الاجتماعية مع من أزورهم في هذه القرى، والتي أمر عليهم مرتين في الأسبوع لتتكون بيننا ألفة ومودة وعلاقات لا يمكن أن تنتهي بمجرد تركي لعملي هذا فأصبح بيني وبين هذه العائلات بالإضافة إلى عملي كبائع ألبسة لهم واجب تأدية الزيارات في الأفراح وكافة المناسبات الاجتماعية التي تحدث، فأصبحت عائلات هذه القرى كأهل وأقرباء لي، فبعد هذه السنوات الطوال التي أمضيتها بينهم لزم عليّ السؤال عنهم ومشاركتهم في جميع المناسبات الاجتماعية كما لو كنت في قرية "منين". فعلى الرغم من الجهد العضلي الكبير الذي أبذله في حمل هذه الألبسة والسير مسافات طويلة إلا أنه يعطيني إصراراً على مواصلة عملي والحفاظ على علاقاتي مع هذه العائلات، فمن خلال عملي هذا أصبح لي في كل قرية بيتاً بل بيوتاً وأهل أشاركهم حياتهم فأفرح لفرحهم وأحزن لحزنهم وكذلك هم أيضا».

أما عن أبنائه وأسرته وكيفية تعاملهم مع التعب الذي يواجهه السيد "أحمد" من خلال عمله يقول: «تعلم أبنائي من عملي هذا الإصرار على إنجاح العمل والتفاني فيه وعدم الرضوخ للصعوبات التي تواجههم، فبالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية التي تكونت مع أهالي هذه القرى كان هناك أيضا مكسب مادي، حيث استطعت أن أوفر لأبنائي فرص دخولهم الجامعات وإكمال دراستهم، فلدي ابن طبيب يكمل دراسته حاليا في "روسيا" وآخر في "بريطانيا" يكمل دراسته في مجال الأدب الانجليزي».