بعد أن غادرت مقاعد الدراسة مدة عشرين عاماً لتذهب في رحلة زوجية لم يقدر أن يستمر صفوها، عادت السيدة "أمل محمد" أم سلطان إلى الدراسة وإلى الكتب لتحقق ذاتها التي طالما طمحت وتطلعت إلى إثباتها بنهل وتحصيل العلم. فكانت المدرّسة والجامعية والأم وربة المنزل الناجحة.

eDaraa التقى السيدة "أمل محمد" والتي حدثتنا عن حياتها قائلة: «اسمي "أمل المحمد" وعمري /42 عاماً/ وأنا من بلدة "بصر الحرير" المتوضعة إلى الشمال من مدينة "درعا" ابنة عائلة بسيطة تزوجت في سن مبكرة /15/عاماً قبل أن أحصل على الشهادة الثانوية، وبعد أن حصلت على الابتدائية بعامين تزوجت على الرغم من حبي وتعلقي بالدراسة حيث كان يرى أهلي أن من مصلحتي الارتباط بزوجي المتوفي حالياً، كانت حياتي مستقرة وبسيطة وسعيدة وهي بكل الأحوال من مراحل العمر الجميلة».

عرفت "أمل" من صغرها بحكم أنني صديق الوالد ومن أبناء البلدة، وبعد وفاة زوجها أثبتت أنها على قدر المسؤولية ومن ثم كان نجاحها مفاجأة لأهل البلدة وكذلك أرى فيها مدرسة ناجحة وقديرة وكذلك نموذجاً للأم التي أحسنت التربية وكذلك مثلاً للبعث على الأمل والثقة بالقدرة على تحقيق النجاح

وتتابع السيدة "أمل" بالقول: «رحل زوجي باكراً عام /1992/ تاركاً لي مسؤولية تربية ستة أولاد (خمس بنات وولد) وقلبت حياتي خلال هذه الفترة رأساً على عقب، تبدلت كل الأمور وكاد اليأس أن يتمكن مني ويأخذني عن تحمل مسؤولية تربية الأولاد، عملت في بعض الأعمال البسيطة كان منها عملي في أحد المحلات التجارية في بلدة "خربة غزالة" وأعجبتني الحركة والحياة التي تسكن البلدة وكذلك نسبة التعليم العالية، هذا أثر بي إيجاباً وأعطاني دفعاً للنهوض بتحمل المسؤولية والبحث عن ذاتي التي كنت أطمح من خلال الاهتمام بتحصيل العلم مع الحرص الشديد على مستقبل أبنائي الدراسي».

وعن عودتها إلى سلك التعليم بعد انقطاع دام عشرين عاماً تقول: «إن مدرستي وكتبي لا بل حب العلم رافقني على مدار العشرين عام التي انقطعت فيها عن الدراسة عدت عام/2002/ كانت خطوة مترددة جداً في البداية بسبب الخوف من الفشل، تقدمت لامتحان الشهادة الاعدادية دون أن يعلم أحد من البلد فقط أبنائي الذين شجعوني كثيراً، حصلت على الشهادة الإعدادية ومن ثم تقدمت إلى امتحان الشهادة الثانوية أنا وابنتي الكبرى حيث كنت أنا في الفرع الأدبي وهي في الفرع العلمي، كنا نتنافس في الدراسة على مبدأ تحفيز كل منا للآخر وتحقيق النجاح، وبعد الثانوية تابعنا دراستنا في الجامعة، أنا في قسم رياض الأطفال وحالياً أنا على وشك التخرج وكذلك ابنتي درست في جامعة "دمشق" رياضيات، أما ابني الأكبر يدرس سنة أولى في كلية الاقتصاد وإحدى بناتي تخرجت من المعهد التجاري وهي متزوجة ولديها أطفال، وحالياً أدرس في مدرسة "بصر الريفية" وأطمح بعد التخرج من الجامعة للدراسات العليا وأنا جداً سعيدة بوضعي الحالي إذ أشعر بأني ولدت مجدداً بعد تجربتي هذه».

تركت تجربة "أمل" أثرها الكبير على وسطها المحيط وعلى الأخص أفراد أسرتها ونساء البلدة، تذكر ابنتها "سلطانة" أن الأم "أمل" كانت الحافز الأول لنجاحها ويسعدها جدا أنها مضرب مثل في البلدة وتقول بأن سؤال صديقاتها عن نتائج الامتحان يكون دائماً عن أمي قبل نتيجتي وأنا فخورة بها. الحاج "أحمد عليان" ذكر لـeDaraa: «عرفت "أمل" من صغرها بحكم أنني صديق الوالد ومن أبناء البلدة، وبعد وفاة زوجها أثبتت أنها على قدر المسؤولية ومن ثم كان نجاحها مفاجأة لأهل البلدة وكذلك أرى فيها مدرسة ناجحة وقديرة وكذلك نموذجاً للأم التي أحسنت التربية وكذلك مثلاً للبعث على الأمل والثقة بالقدرة على تحقيق النجاح».