رسَّام سوري مغترب، أبدع باستخدام تقنيات مبتكرة خاصة به، فتح من خلال لوحاته نوافذ إلى الإنسانية، فوصل من خلالها في شهرته إلى العالمية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان "كريم العواد" المقيم في "النمسا" بتاريخ 9 كانون الثاني 2019، وكانت بداية الحديث عن نشأته ومرحلة إقامته في "سورية"، حيث قال: «ولدت في قرية صغيرة تميزها بساطة الحياة آنذاك، ما زلت أذكر فيها سهول القمح الممتدة على مدّ النظر بالنسبة لنا كأطفال، وحجارة البيوت البازلتية الكبيرة والأثرية، كلّ شيء كان يدل على الخير والجمال والمحبة بين الأهالي، فهم كانوا وما زالوا من محبي العلم ورواده، وفيها كانت دراستي للمرحلة الابتدائية، ونظراً إلى ظروف عمل عائلتي انتقلت إلى مدينة "السويداء" وتابعت دراستي هناك، لكن الشهادة الثانوية حصلت عليها في مدينة "درعا" عام 1966».

ولدت في قرية صغيرة تميزها بساطة الحياة آنذاك، ما زلت أذكر فيها سهول القمح الممتدة على مدّ النظر بالنسبة لنا كأطفال، وحجارة البيوت البازلتية الكبيرة والأثرية، كلّ شيء كان يدل على الخير والجمال والمحبة بين الأهالي، فهم كانوا وما زالوا من محبي العلم ورواده، وفيها كانت دراستي للمرحلة الابتدائية، ونظراً إلى ظروف عمل عائلتي انتقلت إلى مدينة "السويداء" وتابعت دراستي هناك، لكن الشهادة الثانوية حصلت عليها في مدينة "درعا" عام 1966

وعن رحلة الاغتراب في حياة "كريم العواد" وكيف بدأت، يقول: «عام 1967 سافرت بقصد الدراسة إلى "تشيكوسلوفاكيا"، وبعد عامٍ واحد انتقلت للعيش في "النمسا"، وهناك باشرت دراسة هندسة الاتصالات في كلية "فيينا" التقنية عام 1968، ثم انتسبت إلى مدرسة "فيينا" للاقتصاد، لكن ميولي كانت في اتجاه آخر؛ وهو فنُّ الرسم، لذلك استقر بي الحال في أكاديمية "فيينا" للفنون الجميلة عام 1970، حيث درست أصوله، واطلعت على أهم مدارس الرسم في العالم، في بلادٍ خرج منها أشهر الرسَّامين العالميين مثل: "غوستاف كليمت"، و"أوجين دي بلاس"، وبدأ مشواري مع عالم الألوان واللوحات منذ ذلك الوقت، كما اتبعت عدَّة دورات في مجال طباعة الرسوم البيانية وعلى الخزف، وفي عام 1990 بدأت العمل في تركيبات الصور والرسوم على الحاسوب، كما عملت كمحررٍ وناقد فني في مجلة "تريفبانكيت" المتخصصة بأمور الفن والواسعة الانتشار في دول "أوروبا"».

قطعة فنية من منحوتاته

هنا دخلنا في الحديث عن أسلوب الرسم، وما الرسالة التي أراد "كريم العواد" أن يوصلها من خلال لوحاته، وعن ذلك يقول: «بدأت مشواري مع الألوان المائية، ولاحقاً طورت أساليبي باستخدام مواد جديدة ومبتكرة، منها مثلاً مزج الرمل والرماد مع الصباغ والمواد النفطية، فإدخال مواد من الطبيعة يعطي بالنسبة لي روحاً مختلفةً للوحة، حتى إنني زودت لوحاتي بنصوص من أشعاري، من أجل إيصال الفكرة والإحساس باللوحة لمن يشاهدها. أمَّا رسالتي التي أعمل على إيصالها دائماً، فهي نشر المحبة والتآخي بين شعوب الأرض عامة، والدفاع عن القضايا الإنسانية، وفي مقدمتها قضية اضطهاد المرأة، وخاصةً ما تتعرض له المرأة في المجتمع الأوروبي، وهذا ينطبق على المرأة في أيّ مكان من العالم، لأنَّ المرأة رمزٌ للحب والجمال والعطاء والمحبة، وهي مصدر تجدّد الإنسان، وحتى منحوتاتي تحاكي تلك القضايا، وهنا يأتي دور الفنان كلٌ حسب تخصصه، فالفن برأيي قد وجِدَ من أجل أن يعبِّر عن مظاهر الحب والجمال عند الإنسان، وفي حياته أيضاً من خلال طريقة تعامله مع الآخر المختلف عنه».

وفي التطرق إلى معارضه الفنية وأهم أعماله تابع "كريم العواد" حديثه، وقال: «من شاهد وتابع المعارض التي أقمتها على مدى أكثر من أربعين عاماً، يلاحظ أنني كنت أضع لها ذات العنوان؛ "نافذة إلى الإنسانية"، لأنني مؤمنٌ بأنَّ الإنسانية لا تموت، ويجب ألا تموت، لأنَّ هدفي كان وما يزال نشر ثقافة المحبة بين البشر عموماً، بعيداً عن التفريق بين إنسان وآخر بسبب العرق أو الدين، أو أي انتماء مختلف في العقيدة والثقافة بينهم، ومَعرِضي الأخير الذي يقام حالياً في "سويسرا" يحمل ذات العنوان، فهذه رسالتي الأسمى والأوحد، التي أريد إيصالها من خلال اللوحات التي أقدمها في معارضي، وربما كان لأصولي المشرقية وسنوات حياتي الطويلة التي قضيتها في الغرب، تأثيرٌ بمضمون لوحاتي من خلال الخلط بين ثقافتين مختلفتين، والمزج بين التاريخ الثقافي والظواهر الاجتماعية عند الشعوب المختلفة، وهذا لاقى إعجاب زوار معارضي في دول عديدة من العالم، من "أوروبا" بمعظم دولها، إلى "اليابان" و"جنوب أفريقيا"، و"أميركا الشمالية"، وتبقى لوحتي الجدارية بعنوان: "الكل" الموجودة في مسرح " jugendstil" في مدينة "فيينا"، التي عُرِضَت كتكريمٍ لي عن أعمالي، الأشهر على مستوى "أوروبا" والعالم، فهي بقياس 10×3م، وقد استغرقت في إنجازها مدة ثلاثة أعوام».

لوحة جدارية كبيرة موجودة في أحد مسارح فيينا بعنوان "الكل"

"موفق مخول" فنان تشكيلي صاحب خبرة طويلة ومطلع على أعمال "كريم العواد"، وعند سؤالنا عن رأيه أجاب: «من خلال مشاهدتي لبعض أعماله، دهشتني الجرأة العالية لديه في اللون والخط المستخدَمين في لوحاته، فهو يبحث في ماهية وأهمية اللون، وبرأيي فإنَّ اعتماده النمط التجريدي في معظم رسوماته دليلٌ على عملية البحث اللوني والتكوين البصري المعاصر، ولديه رؤية بصرية مختلفة عن الآخر، وهو متمكن مما يريد أن يقول في اللوحة، واستخدامه أكثر من مادة دليلٌ على هذا التمكّن، ويعطي العمل أهمية فنية أكبر، وأنا بصراحة مقتنعٌ بفنه وأسلوبه، وأشكره على هذا العطاء الطويل، أتمنى له التميز أكثر كفنانٍ عالمي سوري الأصل».

الجدير بالذكر، أنّ "كريم العواد" من مواليد عام 1948 في قرية "بصير" التابعة لمحافظة "درعا"، وهو متزوج، ولديه ثلاثة أولاد، ومقيم في "النمسا".

"موفق مخول" فنان تشكيلي