طور فلاحو "حوران" تجربة غنية في مجال تخزين وحفظ الحبوب تبعاً لتنوع البيئات والمناطق الجغرافية المنتشرة في "حوران"، ومنها "المطمورة" التي كانت ولا تزال أهم صوامع تخزين غلال الحبوب في المنطقة.

يقول الحاج "محمد المحمد" الذي يعمل مزارعاً بريف "درعا" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 6 تشرين الثاني 2015: إن المتغيرات التي ضربت المجتمع الحوراني منذ زمن بعيد هي التي عادت وأبرزت العديد من الأمور في خدمة الفلاحين لتأمين محاصيلهم وتنسيق عمليات الحصاد ومنها "المطمورة"، ويتابع: «كانت المطمورة ولا تزال أهم صوامع تخزين الحبوب في مناطق وقرى "حوران" الريفية، وهي لا تزال "مواعين" تخزين محلية للحبوب وأبرزها القمح والعدس والشعير، فكانت وجهاً جميلاً لتفاصيل الحياة في الماضي، حيث يوضع فيها ما يتم حصاده حتى لا يتعرض للتلف، وفي سهول المنطقة الغربية أساليب تختلف عنها في منطقة "اللجاة"، وهناك درجة ملحوظة من التنوع، حيث قام فلاحو المنطقة الغربية في القرى المحاذية لوادي "اليرموك" باستعمال "المطمورة" كنوع جديد لتخزين الحبوب لكون المنطقة غنية بالتجاويف الصخرية، وهي عبارة عن حفرة مستطيلة أو مستديرة وبأعماق مختلفة حسب الكمية المراد تخزينها».

تكون على شكل حفر معزولة الهواء وضد الرطوبة، وهي عبارة عن حفرة تخزين تحت الأرض، يمكن حفرها يدوياً بواسطة العمال العاديين، وهي حفرة واسعة في الأرض وبعمق حوالي مترين ونصف المتر، ويتم تبطين أرضيتها وجدرانها بالطين المخلوط بـ"التبن" الرفيع، وتوضع فيها الحبوب بعد تمليسها بالتبن والطين، وهي تقاوم الحرائق؛ حيث لا تتسرب النيران العشوائية إلى المخزون تحت الأرض خاصة خلال فصل الصيف، كما أنها تستوعب كميات كبيرة حسب الكمية التي يقوم المزارع بتخزينها

ويكشف "موسى القاسم" -رجل ستيني وموظف متقاعد- ميزات "المطمورة" فيقول: «تكون على شكل حفر معزولة الهواء وضد الرطوبة، وهي عبارة عن حفرة تخزين تحت الأرض، يمكن حفرها يدوياً بواسطة العمال العاديين، وهي حفرة واسعة في الأرض وبعمق حوالي مترين ونصف المتر، ويتم تبطين أرضيتها وجدرانها بالطين المخلوط بـ"التبن" الرفيع، وتوضع فيها الحبوب بعد تمليسها بالتبن والطين، وهي تقاوم الحرائق؛ حيث لا تتسرب النيران العشوائية إلى المخزون تحت الأرض خاصة خلال فصل الصيف، كما أنها تستوعب كميات كبيرة حسب الكمية التي يقوم المزارع بتخزينها».

عمار الحشيش

ويكشف "عمار الحشيش" مدير غرفة سياحة المنطقة الجنوبية أحد المهتمين بالتراث الحوراني أن "المطمورة" كانت تمثل ضماناً للمزارع لأيام العوز، ويتابع قائلاً: «تمثل المطمورة المخزن الأساسي الذي يستعين به الفلاح في ريف "درعا" لحفظ الغلال، ولم يكن الفلاحون يحملون هماً للغد بسبب اطمئنانهم لوجود مخزون القمح والحبوب الذي تم تخزينه تحت الأرض، فهذا المخزون المتوافر الذي يقوم الفلاح بتخزينه لا يكون فقط خاصاً بصاحبه إنما يمتد إلى الفقراء والجيران والأقارب، وإذا تم حفر "المطمورة" حسب التقنيات المتعارف عليها لدى المختصين بها وكبار السن، يمكن أن يظل المحصول بها لمدة سنة إلى ثلاث سنوات من دون أن يتعرض للتلف طالما لم تدخل إليه المياه أو الرطوبة لأنه محفوظ بإحكام وبطريقة يدوية تدعو للدهشة من متانة الصناعة وقوة الفكرة للتغلب على سنوات القحط والجفاف، فهي الاحتياط لتلك الأيام».

مثّلت المطمورة بعداً اجتماعياً مهماً؛ حيث يؤكد ذلك الدكتور بالقانون "يوسف المنجر" أحد المهتمين بتراث "حوران" في مدينة "درعا" بالقول: «لم تكن "المطمورة" مخزناً للقوت فقط، بل كانت إحدى أدوات التكافل في المجتمع الحوراني، ومخزناً مهماً للغلال، والغلة هي كل ما تغله الأرض من المحـاصيل وخاصة الحبوب كالقمح والشعير، فكانت الحبوب في سنوات الغلال تفيض عن الحاجة لكون "سهول حوران" تشتهر بزراعة القمح الذي تكون غلاله وفيرة فيتم تخزينه للسنوات العجاف، ولا تصلح كل المناطق في "حوران" لحفر "المطمورة" بها، خاصة الأراضي التي فيها "النمل"، الذي يساهم بتلف المحصول المخزّن في المطمورة. كما لا تصلح الأراضي الرملية أيضاً لحفرها لأنها قابلة للانهيار، والأراضي التي تصلح فقط الصخرية مثل مناطق "اللجاة"، أو بالقرب من الأودية والأنهار».

القمح الجاهز للتخزين
الحاج محمد المحمد