نتيجة النقص وغياب المتطلبات الخاصة بالعمل الزراعي، استرجع الفلاح في "حوران" أدواته التراثية القديمة، واستغنى عن الآلات الزراعية الحديثة ليستخدم الأساليب التقليدية في الزراعة للحفاظ على أرضه.

الأزمة الحالية وضعت الفلاح في حالة معاناة متواصلة جعلته يتجه ويعود إلى الأساليب التقليدية في الزراعة، ويضيف "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 آذار 2015، فيقول: «تميز الاقتصاد في "حوران" بأنه اقتصاد زراعي بالدرجة الأولى لأن معظم سكان المحافظة اعتمدوا في عيشهم بوجه مباشر على الزراعة، وهنا حققت الاكتفاء الذاتي في الإنتاج والاستهلاك من خضراوات وحبوب بصورة خاصة، لكن الأزمة الحالية وضعت الفلاح في حالة معاناة متواصلة جعلته يتجه ويعود إلى الأساليب التقليدية الفلكلورية القديمة في ممارسة العمل الزراعي، حيث استخدم فيها الوسائل القديمة واسترجع أدواته التراثية كالمحراث البلدي والفأس والمنجل والمذراة، ولا سيما في المناطق الوعرة والمنطقة الغربية، وقد اعتمدت هذه الزراعة في أغلبها على الأمطار "محاصيل شتوية"، وتطبيق نظام الدورات الزراعية؛ تعاقب المحاصيل الزراعية المختلفة، فكان نشاطه واضحاً في التأقلم مع الوضع الجديد، وابتعد عن الآلات الحديثة التي تحتاج إلى مبالغ كبيرة لاستثمارها في الأراضي الزراعية، فاعتمد على حراثة الأرض بالمحراث القديم على الدواب لارتفاع أسعار حراثة الأرض من قبل أصحاب الجرارات، ووضع الحجج لارتفاع أسعار المازوت وعدم توافره».

رفع تكاليف الإنتاج الزراعي من أسمدة ومازوت وعمالة دفعت الفلاحين إلى تقليص العناية بمنتجاتهم لتقليل الأعباء المادية؛ وهو ما انعكس على مردودية وحدة المساحة، ودفع الكثيرين من الفلاحين -وأنا واحد منهم- للابتعاد عن العمل الزراعي تاركين أراضيهم وانتقلوا إلى الزراعة البعلية المحدودة التي تعتمد على الأمطار مضطرين للاعتماد على الموسم الشتوي فقط، فقمت شخصياً بالتركيز على زراعة البامياء والبطاطا لتخفيف الضغط والمصاريف الكبيرة، وخلال الصيف أبتعد كغيري من المزارعين عن الزراعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه خوفاً من عدم القدرة على توفير مياه الري، كما اعتمدت على مخلفات الحيوانات كبديل للمبيدات في مواجهة النقص الحاد في متطلبات الأعمال الزراعية

استثمر الفلاح بدائل جديدة تتيح له متابعة العمل في أرضه، وهنا يقول المزارع "فيصل الزعبي" من مزارعي منطقة "طفس": «الزراعة الكثيفة والمختلطة، أي زرع أكثر من مادة بعضها مع بعض في نفس المكان والموسم، استثمرها الفلاح في "حوران" كبدائل واعتادها لأنها تعتمد على توافر الري والتسميد ورأس المال، وتزرع الأرض فيها أكثر من مرة في السنة، وهنا وتماشياً مع الأزمة والمعاناة التي يمر بها جميع الفلاحين، اعتمدنا أسلوباً قديماً جديداً؛ وهو تجميع المياه في جور كبيرة لاستثمارها في السقاية وضخ المياه على الآلات الحديثة، وساهم غياب وعدم توافر الأدوية والمبيدات بتوجه الفلاح إلى السوق السوداء التي ترفع الأسعار وخاصة إن المواد فيها غير مضمونة وخارج المجال الرقابي لذلك يخشى من عدم فاعليتها، فقام باستخدام مخلفات الحيوانات "الزبل" في تسميد الأرض والابتعاد عن هذه المبيدات والأسمدة والتأقلم مع الظروف الجديدة».

الابتعاد عن الآلات الزراعية

حدد المزارع "محمد مناجرة" من منطقة "تل شهاب" مسؤولية تراجع الإنتاج الزراعي بعدم التخطيط السليم، وعدم توفير أدواته ومستلزماته من قبل المصارف الزراعية ومديرية الزراعة، وأضاف: «عدم تواجد وتفاعل المؤسسات المختصة بالعملية الزراعية ساهم في تراجع العملية الزراعية وتدهور حالة الفلاح على الرغم من كل ما يعانيه من الأزمة الحالية، وغياب العديد من متطلبات العمل الزراعي أهمها مادة المازوت وعدم توافرها وارتفاع سعرها وتوزيعها لغير المستحقين، وارتفاع أسعار المحروقات ضمن القطاع الزراعي، حيث اكتوى الفلاح بها ما أثر في العملية الزراعية لعدم مقدرة الفلاحين على شراء المازوت لتشغيل الآبار التي تقدم وتوفر المياه للمزروعات، وعدم توافر وتوزيع البذار المختلفة والأسمدة على الفلاحين وتقديمها بالمجان أو التقسيط أو بأسعار مدعومة لمساعدة الفلاحين على زراعة أراضيهم وتقديم الإرشادات وتفعيل الندوات لتقديم كل ما هو جديد في العملية الزراعية ومسالة تسويق المحصول».

إجراءات بديلة اتخذها الفلاح "محمد الموسى" لتجاوز معاناته في زراعة أرضه بعد ارتفاع أسعار مستلزمات العمل الزراعي، فقال: «رفع تكاليف الإنتاج الزراعي من أسمدة ومازوت وعمالة دفعت الفلاحين إلى تقليص العناية بمنتجاتهم لتقليل الأعباء المادية؛ وهو ما انعكس على مردودية وحدة المساحة، ودفع الكثيرين من الفلاحين -وأنا واحد منهم- للابتعاد عن العمل الزراعي تاركين أراضيهم وانتقلوا إلى الزراعة البعلية المحدودة التي تعتمد على الأمطار مضطرين للاعتماد على الموسم الشتوي فقط، فقمت شخصياً بالتركيز على زراعة البامياء والبطاطا لتخفيف الضغط والمصاريف الكبيرة، وخلال الصيف أبتعد كغيري من المزارعين عن الزراعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه خوفاً من عدم القدرة على توفير مياه الري، كما اعتمدت على مخلفات الحيوانات كبديل للمبيدات في مواجهة النقص الحاد في متطلبات الأعمال الزراعية».

استخدام "الزبل" بدل الأسمدة
خالد عويضة