في ظل مشكلة التدفئة الموجودة هذه الأيام وانقطاع الكهرباء وغياب المازوت وغيرها من متطلبات الحياة الأساسية، استخدم أبناء حوران وسائل وحلول بديلة ومنها "الجلة" لتكون سنداً في مواجهة البرد القارس الذي يعاني منه الأهالي في الشتاء.

"فراس القاسم" القاطن في مدينة "درعا" حي "الضاحية" أجاب لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 شباط 2015عن ذكريات طفولته مع جدته التي طالما أتحفتهم بحكايات الماضي عن وسائل التدفئة ومنها "الجلة" ويقول كما روت له جدته: «كان لبيت جدي مسكن في الشتاء وآخر في الصيف الذين يعدون فيه العدة للبرد القارس وأيام المربعانية والثلج، حيث تقوم النسوة وكبار السن بتحضير "الجلة" خلال فترة الصيف واستعمالها خلال هذه الفترة العصيبة والباردة، ويقومون بتخزينها في غرف خاصة مع الحطب أو الكهوف المتواجدة بالقرب من منزلهم على شفف "وادي اليرموك" في قرية "عمورية"، يلجئون لها عندما يشتد سيلان الشريعة في الوادي وتكثر الأمطار، ويشعلون النار للتدفئة وطهو الطعام أو يقمن بغلي الملابس، أو يقتصدون في استخدام الجلة، التي حصلوا عليها من التحضير لفترة طويلة ومن أماكن متعددة وبعيدة، لتكفي فترة البرد لان استعمالها طوال اليوم ينهي الكميات بسرعة».

كان أهالي حوران قديماً وفي هذه الأيام يعون برودة وأجواء الشتاء القاسية، فيقوما بالتحضير له قبل وقت طويل، فتجدهم يحضرون أنفسهم ويعدون العدة له قبل حلوله بوقت كافٍ، فهم يبنون "السناسل أو الصيرة" ليقوموا يتحضر أدوات التدفئة من الجلة، وغيرها لاستخدامهما في إشعال النار كبديل للحطب أو الوقود عبر أيام طويلة تتعاون بينها النساء والرجال ليستقبلوا الشتاء بكل تحضيراته

ويحي "أبو رامي" "خالد عويضة" طريقتهم قديماً في منطقة "الشجرة" التدفئة واستخدام "الجلة" لاتقاء برودة الشتاء القارس: «أبناء مناطق حوران وخصوصاً في منطقة "اللجاة" ومنطقة "عين ذكر والشجرة" في المنطقة الغربية، قديماً كانوا يعتمدون على "الجلة" في إشعال النار في جزء من بيت الشعر أو المضافة المصنوعة من الشادر والخيش، حيث يغلق في أوقات البرد الشديد للحفاظ على دفء المكان, ويوقدون النار بالقش الصغير الذي يجمع من البيادر أو المزارع والبساتين والأودية، ومن الطرق المستخدمة في إشعال النار ضرب حجرتين مع بعضهما البعض، ويوضع بينهما قطعة قماش وتشتعل بها النار ثم توضع على "الجلة" ويوقدون به النار, ولعل ما يميز إشعال النار على الجلة التفاف الأسر والعائلات وكبار السن حول النار وقت السهرة».

تجهيز الجلة

وعاد "زهير الجندي" بذاكرته للوراء وهو من سكان مدينة "نوى" فيقول: «ولا أجمل من الشعور بالفرح وراحة النفس وشرب الشاي إلاّ على نار "الجلة"، وهو مخلفات روث الحيوانات ومنها الأبقار التي توجد بكثرة في الريف وقرى حوران، حيث تقوم النساء في الصباح الباكر كل يوم "بطبع الجلة" على الحجارة وسناسل المنازل التي تبنى من الحجر الأزرق والتي يوجد فيها البوايك، وبعد جفافها يتم توضبيها وتخزينها في الأماكن الخاصة لها في "بوايك" الأبقار، واستعمالها في أوقات الشتاء والبرد الذي تشتهر به مناطق حوران، مسخرين بذلك الطبيعة لخدمة حاجاتهم القروية التي أصبحت اليوم غير موجودة إطلاقاً».

"عبيدة الزعبي" أحد سكان مدينة "درعا" تحدث عن البرد ومادة الجلة وكيف أن الأجواء الباردة أصبح لها ثقافة وطرق خاصة لإتقائه يقول: «كان أهالي حوران قديماً وفي هذه الأيام يعون برودة وأجواء الشتاء القاسية، فيقوما بالتحضير له قبل وقت طويل، فتجدهم يحضرون أنفسهم ويعدون العدة له قبل حلوله بوقت كافٍ، فهم يبنون "السناسل أو الصيرة" ليقوموا يتحضر أدوات التدفئة من الجلة، وغيرها لاستخدامهما في إشعال النار كبديل للحطب أو الوقود عبر أيام طويلة تتعاون بينها النساء والرجال ليستقبلوا الشتاء بكل تحضيراته».

السيد خالد عويضة
تجميع الجلة