هناك مسميات عديدة ومتنوعة خاصة بطبخ وتجهيز القهوة العربية المرة التي تعد من أساسيات المضافات الحورانية، ومن أهم مرتكزات التراث الشعبي "الحوراني" التي مازالت مستمرةً حتى وإن تغير الزمان.

الملخص: هناك مسميات عديدة ومتنوعة خاصة بطبخ وتجهيز القهوة العربية المرة التي تعد من أساسيات المضافات الحورانية، ومن أهم مرتكزات التراث الشعبي "الحوراني" التي مازالت مستمرةً حتى وإن تغير الزمان.

يرتبط حمل فنجان القهوة لدى أبناء "حوران" بالكثير من المعاني التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيم والعادات العربية، فلها دور مهم في الحياة الاجتماعية وفي حل النزاعات والخلافات، فالقهوة العربية تكريم للضيف ومفتاح للخير، كما تستعمل كذلك في "جاهات الأجاويد"، "الجاهة الفالحة فنجانها ما يبرد"، وربط أبناء حوران القهوة وفناجينها بـ"الطيب والنبل والنخوة والشهامة والكرم والشجاعة"

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 كانون الثاني 2015، التقت السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث الحوراني؛ الذي تحدث عن مسميات طبخ القهوة وأهميتها في "حوران" بالقول: «تعد القهوة العربية المرة من أساسيات المضافات الحورانية، التي مازالت مستمرةً حتى وقتنا الراهن، ولطبخ القهوة لدى عائلات "حوران" مسميات عديدة ومتنوعة منها: "الثنوة، والتشريبة، والتنخيرة، والبجر".

صب القهوة بالثنوة

ويتم تحضير وتجهيز طبخة القهوة في إناء يسمى "الدلـــــة"؛ وهو إناء من النحاس له أشكال مختلفة ولكنها متشابهة، إضافة لـ"المصفاة"؛ وهو إناء يضعون فيه الماء والقهوة لتغلي ثم يسكبونها في "الدلة" بعد إضافة البهارات، وأهم أنواع طبخ القهوة "الثنوة" فهي القهوة التي يعاد طبخها بعد زيادة الماء ووضع البن والبهارات عليها، وتطبخ وتجهز بعد غلي القهوة لمدة ساعات، ونستخدمها لنزيدها على الطبخة "البجر" التي تم تجهيزها لتكون جاهزة للتقديم في المضافات، و"الثنوة" أعلى درجة من "التشريبة"».

ويقول السيد "موسى القاسم" الذي استضافنا في منزله وقدم لنا "القهوة المرة" في بداية الزيارة ونهايتها: «لا تزال القهوة الشغل الشاغل للكثير من العائلات الحورانية وخصوصاً كبار السن الذين تعودوا أن تكون القهوة حاضرة يومياً في مضافاتهم، وتحضر في الدلال التي توضع في منتصف المضافة على "المنقل"، ومن أنواع طبخات إعداد القهوة "البجر" وهي القهوة التي تضاف ويتم طبخها وزلها ووضعها في براد القهوة لتقديمها للشرب، وتعد أهم أنواع القهوة والأعلى في مسميات طبخ القهوة وتجهز من "الثنوة"، يرافقها أهمية "الدلال" التي تجهز من خلالها الطبخات، فمنهم من يصنع القهوة في أربع دلال؛ التي تسمى "المصفاة" وهي أكبر الدلال التي توضع بالقرب من النار وتصفى فيها تشريبة القهوة بعد الانتهاء من صب القهوة، و"المطباخة" وهي أقل حجماً من المصفاة وسميت بذلك لأن القهوة تطبخ بها حتى تغلي وتكون صالحة لوضع البهارات عليها، و"المبهارة" وهي أقل حجماً من المطباخة وهذه الدلة توضع بها البهارات وتصب عليها القهوة من "المطباخة" ثم تقرب من النار، و"المزل" المعروف "البكرج" وهو أصغر الدلال وتصب فيها القهوة من "المبهارة" التي وضعت على النار لتقدم للحاضرين، وذلك لخفة وسهولة حملها ومن أبيات الشعر التي تقال في القهوة:

الدلال التي توضع فيها طبخات القهوة

"يا محلا الفنجال مع سيحة البال

في مجلساً ما فيه نفساً ثقيلـه

تحميس القهوة

هذا ولدعمًّ وهذا ولـد خـال

وهذا رفيقـاً ما لقينـا مثيلـه"».

بينما قال السيد "محمود الدوس" أحد كبار السن في المدينة: «يرتبط حمل فنجان القهوة لدى أبناء "حوران" بالكثير من المعاني التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيم والعادات العربية، فلها دور مهم في الحياة الاجتماعية وفي حل النزاعات والخلافات، فالقهوة العربية تكريم للضيف ومفتاح للخير، كما تستعمل كذلك في "جاهات الأجاويد"، "الجاهة الفالحة فنجانها ما يبرد"، وربط أبناء حوران القهوة وفناجينها بـ"الطيب والنبل والنخوة والشهامة والكرم والشجاعة"».

ويقول السيد "خالد عويضة" أحد المهتمين في التراث الحوراني: «أول ما يقدم للضيف في "حوران" القهوة؛ لما لهذا الضيف من احترام وتقدير كبيرين، ومن العادات في هذا الشأن أن الضيف عادة ما يتناول ثلاثة فناجين كحد أدنى ومنهم من يرى أنها خمسة فناجين، ومن يتجاوز ذلك يكون عيباً لديهم وأن شاربها لم يشربها على أنها كيف، ومن لا يستحق القهوة عند أبناء العائلات والعشائر كثر منهم، الحثالة فتقدم للذين همهم التسابق لحجز المقاعد في المجال، ولا يملكون من صفات الرجال التي ذكرنا شيئاً، ويحجب الفنجان عن الجبان والخائن والنذل وعديم المروءة، فأولئك يحرمون من تناول القهوة مع الرجال، ويعد حجب الفنجان عن أي شخص سواداً في الوجه، وهناك أمثال شائعة ومتداولة بين الناس تقول: "فلان معقب الفنجال"».

ويتابع: «من أهم أسماء طبخات القهوة "التبييض" ويعني عدم وجود القهوة سابقاً، وهنا يتم تجهيزها من جديد ومن دون أي "تشريبة أو الثنوة"، وهنا تطحن القهوة ويضاف إليها مرتين حب القهوة على الماء الأبيض، وتتم عملية صناعة القهوة بغلي الماء جيداً ثم توضع الخميرة وتلقم بالكميات المخصصة من القهوة المطحونة، وتغلى جيداً حتى يتكون سائل القهوة بلونه الرائع وقوامه المتجانس، وهنا يقال تبييض أي صنعت على بياض، أي من دون "تشريبة"، وهنا يقال:

"يـا حـلــــو فـنـجـال الـضـحـــا فــي مـحـلـــه... قـبــل الــغـــدا والـبـيــت حـــــدره فــيــايــاه

فـي ربــعــة الــلــي مـجـلـســه مــا تـمـلـه.... الـبـيـت شــامــــخ والــركـــايـــب تـنــصــاه"».