لعبت الإبل دوراً مهماً في حياة أبناء منطقة "حوران"؛ لكونها وسيلة العبور لتسويق الحبوب والزراعات إلى الشام وأسواقها القديمة عبر الطريق السلطاني، حيث لها ألوان ميزتها ودخلت ضمن تسميتها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 كانون الأول 2014، التقت السيد "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني، الذي قال: «للإبل مكانة مهمة وكبيرة لدى أبناء "حوران"، وخصوصاً عند بعض المربين والعائلات والعشائر التي كانت تستخدمه في حلها وترحالها، فكان أحد استعمالات الإبل أن تزف عليه العروس من قرية إلى قرية أخرى وتجلس على الهودج، وهو عبارة عن خيمة من القماش المزخرف توضع على ظهر الجمل، وتحمل فيها إلى بيت عريسها، ومن استعمالات الإبل المهمة أيضاً أثناء موسم الحج؛ حيث كانت تسير قوافل من "حوران" إلى مكان الحج على طريق الحج القديم الذي يمر من "المزيريب"، وكان يتباهى أهالي "حوران" بالشخص مربي الإبل الذي يوجد عنده "نوق" أو "إبل وضح" يعني بعد لم يأتها "الضنى" أي لم تلد، وكانوا يتباهون بـ"القاعود" ابن الجمل أحمر اللون».

كان الجمل يستعمل لنقل القش من الأراضي والحصاد، فبعد وضع الحصاد في البيادر يسمى كومة القش "الكديس" القمح أو الشعير، يفرش فوق قسم بأرض البيدر بعد الدراس "الكديس"، ثم يدرس بعدما يتم فصل القمح عن التبن، ويوضع بعدها القمح على الجمال بعد تثبيت الشاعر على ظهره ليستطيع تحميل كميات جيدة من المنتجات، ولكي تحمي ظهره من الحمولة، ويتوجهون على الجمال من القرية إلى "دمشق" على الطريق السلطاني، طريق "دمشق درعا القديم"، ليتم إيصال الحمولة إلى "الميدان" لبيعها لتجار الحبوب، وفي طريق العودة من "دمشق لحوران"، يحملون الجمال بـ"التمور والدبس والتين اليابس والعسل"

استعمل الإبل لنقل الحبوب ومؤونة الشتاء، وهنا يضيف السيد "محمود الدوس" أحد كبار السن في المحافظة قائلاً: «كان الجمل يستعمل لنقل القش من الأراضي والحصاد، فبعد وضع الحصاد في البيادر يسمى كومة القش "الكديس" القمح أو الشعير، يفرش فوق قسم بأرض البيدر بعد الدراس "الكديس"، ثم يدرس بعدما يتم فصل القمح عن التبن، ويوضع بعدها القمح على الجمال بعد تثبيت الشاعر على ظهره ليستطيع تحميل كميات جيدة من المنتجات، ولكي تحمي ظهره من الحمولة، ويتوجهون على الجمال من القرية إلى "دمشق" على الطريق السلطاني، طريق "دمشق درعا القديم"، ليتم إيصال الحمولة إلى "الميدان" لبيعها لتجار الحبوب، وفي طريق العودة من "دمشق لحوران"، يحملون الجمال بـ"التمور والدبس والتين اليابس والعسل"».

الإبل تحمل الحصاد

ويقول السيد "زهير الجندي" أحد المهتمين بالتراث الحوراني: «كانت النوق والإبل لها مهمة كبيرة وأساسية في المصالحات العشائرية، حيث كانت أحد أركان "الدية" التي هي ميزة مهمة لتصحيح الأخطاء الاجتماعية، وعبارة عن صورة من صور التسامح الاجتماعي والديني، وخطوة للمواءمة الأخلاقية، وتصحيح الأخطاء الاجتماعية، وتعد من الأعراف المنتشرة في "حوران" لحل الخلافات والنزاعات، حيث لا يزال المجتمع الحوراني يراعي في حكمه العادات والأعراف، وكانت الطلب المؤدى إلى المجني عليه أو وليه بسبب الجناية، حقناً للدم وعدم تطور الأمور، وكان دائماً يقضي القاضي العشائري بتقديم عدد من "النوق الوضح" أو "الإبل الحمراء" ذات اللون النادر لأهل المجني عليه وصاحب الحق لإنهاء الخلاف».

بينما قال السيد "محمد أبو عزيزة": «لعبت الإبل دوراً مهماً في حياة أبناء "حوران" في الفترة الماضية، فكانت وسيلة العبور وتسويق الحبوب والزراعات إلى الشام وأسواقها القديمة، حيث لها ألوان ميزتها ودخلت ضمن تسميتها، واختلطت بعادات وتقاليد المجتمع الحوراني، فالألوان التي يتفاءلون بها يطلقونها على الإبل، وتمتاز إبل "حوران" بطول رقبتها وارتفاع قوائمها، وتعددت مسمياتها وأوصافها فهناك الجمل الأحمر وهو الجمل صاحب اللون البني الفاتح الذي يميل إلى الأحمر، والجمل الأوضح هو الجمل ذو اللون الأبيض أو الذي يميل لونه إلى الأبيض، ومنه جاء اسم "وضحا"، إضافة للون "الأشقح"، وتطلق بعض أسماء الإبل على لونها فالإبل "الأشعل" يسمى إذا خالط الأبيض الذنب أو دخل لون آخر إلى الذنب».

النوق الوضح

ويقول الباحث في التراث الحوراني "محمد فتحي المقداد": «كانت الإبل والجمال ضرورة من ضرورات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها لدى أبناء "حوران"، فهي وسيلة السفر والتجارة ونقل البضائع، وعند الفلاحين تستخدم لنقل الحصاد والمزروعات من الحقل إلى البيدر، وكل بيت من بيوت الفلاحين كان يحوي على عدد من الجمال، وكانوا يربطونها على شكل قطار ويقود القافلة "الراجود"، وعادة ما يكون أصغر أبناء عائلة الفلاح أو مستأجراً، وفي الحقل يقوم الرجال الأشداء بتحميل الجمال وذلك بمد "الكبك"، وهو عبارة عن أخشاب ملساء مبرومة بطول متر تقريباً موصولة ببعضها بعضاً بحبال من المرس ويضعون فيها القش المحصود، وبعد أن يصبح كمية يقومون بطي "الكبك" عليه وتحزيمه بقوة حتى يصمد على حاله كي يصل إلى البيدر، وهكذا يصنعون واحدة أخرى يطلقون عليها اسم "الرنة" حتى يتساوى الحمل، ويسندون ذلك إلي جانبي الجمل ويربطونها بتوثيقهما بالحبال من خلال الشاغر الأداة الخشبية، التي تتربع على سنام الجمل حتى لا تؤذي الحبال ظهر وسنام الجمل».

السيد خالد عويضة