لا يخلو يوم في حياة أهل "حوران" إلا ويكون فيه مناسبة لذبيحة أو وليمة كبيرة، وهناك العديد من المناسبات التي تكثر فيها الولائم، ولكل وليمة اسم ومناسبة ترتبط بموسم ما أو حدث مميز قد لا يتكرر.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 كانون الأول 2014، التقت السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث الحوراني؛ ليحدثنا عن مناسبات الولائم بالقول: «ترتبط الولائم، عند "الحوارنة" بمناسبات محددة، ومن المناسبات المهمة التي تقام من أجلها الولائم، "للضيف القادم لزيارة أو عمل ما"، وهنا على الشخص المضيف وهو ما يطلق على تسميته "المُعَزّبْ"، أن يقوم بحقّ ضيفه من ذبح شاة على الأقل، ويدعو إخوته وأبناء عمومته وبعض أصدقائه، للتعرف إلى الضيف ومشاركته بالحديث وملاطفته، كما يقومون بدعوته إلى بيوتهم بعد أن يستأذنوا من "المعزّب"، وهنا الضيف هو الذي يقرر قبول الدعوة أو الاعتذار عن عدم القبول إذا كان لا يملك الوقت الكافي، والمناسبة الثانية تسمى "الجُّورَعَهْ" التي يقوم فيها الفلاح عند الانتهاء من الحصاد ومعظم الأحيان كانوا يحتفلون بذبح شاة لأهل البيت لتعويضهم عن التعب الذي لحق بهم، خاصة إذا كانت هناك "فزعة" أي معونة بلا أجر من الأهل والأصدقاء».

وكان هناك ما يُسمّى "الهَدّهْ" وهو جوار الحقل عندما ينتهون باكراً من حصاد حقلهم، ينقلبون إلى جوارهم حتى ينتهوا كلهم معاً، والمناسبة الثالثة التي يجري نحر الذبائح فيها عند إتمام إجراءات الصلح العشائري في حل الخلافات وإصلاح ذات البين، والقتل غير العمد "قتل الخطأ" بعد الاتفاق على عقد الصلح وعقد الراية، يقوم أهل الجاني بدعوة أهل المجني عليه لبيتهم بحضور أطراف الواسطة، وعند الظهيرة تجيء المناسف العديدة، بما يليق بالحضور

ويتابع: «وكان هناك ما يُسمّى "الهَدّهْ" وهو جوار الحقل عندما ينتهون باكراً من حصاد حقلهم، ينقلبون إلى جوارهم حتى ينتهوا كلهم معاً، والمناسبة الثالثة التي يجري نحر الذبائح فيها عند إتمام إجراءات الصلح العشائري في حل الخلافات وإصلاح ذات البين، والقتل غير العمد "قتل الخطأ" بعد الاتفاق على عقد الصلح وعقد الراية، يقوم أهل الجاني بدعوة أهل المجني عليه لبيتهم بحضور أطراف الواسطة، وعند الظهيرة تجيء المناسف العديدة، بما يليق بالحضور».

تجهيز المناسف للمناسبات

ويقول السيد "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني: «تكثر وتتعدد مناسبات الذبائح في العرس الحوراني؛ فهناك ذبيحة "الجاهة"، وذبيحة "الفاردة"، وذبيحة "الدخلة"، وذبيحة "الزوّارة" لدى زيارة العروس لأهلها، وهنا تعد الأعراس من المناسبات الكبيرة عند أهل "حوران"، وفيها تتم الاحتفالات لمدة أسبوع، فإذا ما ذهبوا لطلب يد فتاة من أهلها، فإنهم يأخذون معهم ذبيحة من أجل الجاهة، حيث إن أهل العروس يقومون بعمل غداء للضيوف، فيذبحون الشاة التي جاؤوا بها، وكذلك هناك دعوة التعارف المتبادلة ما بين أهل العريس وأهل العروس، ويجري فيها إعداد المناسف المكللة بلحم الضأن، ووليمة العرس التي يجتمع فيها معظم أبناء القرية، فبعد زفاف العروس إلى بيت زوجها تبدأ مراسم الغداء، وهذا يستلزم العديد من الذبائح حسب قدرة كل شخص المادية، وقبيل الزفاف بأيام؛ يأتي أهل العروس بأغراضها وثيابها لبيت زوجها، فيقوم أهل العريس بإكرامهم بعمل غداء وربما يذبحون شاة أو اثنتين، وعندما تقوم العروس بالزيارة الأولى لبيت أهلها ويسمى هذا "ردّتْ الرِّجِلْ" أي إن رجلها عادت لعتبة بيت أهلها، وهنا يقومون كذلك بإعداد الغداء ويدعون أبا العريس وأمه وإخوته وأخواته».

بينما قال السيد "عبيدة الزعبي" من أبناء مدينة "درعا": «تكثر المناسبات التي يقوم فيها سكان وأهالي قرى وريف حوران بذبح الذبائح في المناسبات واللقاءات التي تقام في هذه المناطق، فللذبيحة بعد تراثي ووجداني صريح أو مضمَر، ومن ملامح هذا البعد؛ أن رأس الذبيحة يوضَع على المنسف في وضع إعلان الفرح أو الحزن، فيكون في الأعلى مرفوعاً في الأفراح، ومعكوفاً هابطاً في الأتراح.

محمد فتحي المقداد الباحث في التراث

ومن مناسبات الذبائح ذبيحة المعاملات أي ذبيحة الشراكة؛ فعندما يقوم عدة أشخاص بالمشاركة في أي عمل تجاري أو زراعي؛ يقومون بذبح الشاه وعزيمة بعض الأشخاص المقربين ليشهدوا على الشراكة القائمة بينهم، و"ذبيحة الفرس"، حيث كان الفرس ومازال رمزاً للبطولة والشجاعة لدى أبناء "حوران"، وحياة البدوي ومستقبل عشيرته تعتمد إلى حد كبير على حسن تربية الخيول وتحسين سلالاتها، ولهذا فإن ابن "حوران" يزود فرسه بالطعام الجيد، ليضمن لها صحة جيدة تمكنه من ركوبها في أي وقت؛ فعند شرائها يقوم صاحبها الجديد بإقامة وليمة كبيرة ويدعو إليها الأهل والأصدقاء والمهتمين بتربية واقتناء الخيل، ومن المعروف عن الخيل العربية الأصيلة وفاؤها وتضحيتها لأجل صاحبها، ومن المناسبات "الموالد" ومناسباتها متعددة، ومنها تقديم الذبائح لمن نذر نذراً لوجه الله، إن حقق الله له أمنية، وكذلك كصدقة عن أهل البيت إن صدّ الله عنهم بلاء محققاً».

البرغل والمليحي