شكّل المطر عند أبناء "حوران" حالة اجتماعية، لكون حياتهم تعتمد على مياه الأمطار للزرع والرعي، لذلك تعرفوا أحوال الطقس وتقلبات الجو، ورصدوا أوقاتها وحفظوا مواسمها، وأطلقوا مسمياتها وذكروها في أشعارهم وغنائهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت الحاج "محمود الرجا" أحد وجهاء وكبار السن في مدينة "درعا" بتاريخ 1 كانون الأول 2013 فقال عن فوائد المطر: «للمطر فوائد عظيمة لدى أبناء "حوران" علاوة على إضفائه روعة وجمالاً على المكان، فإن له فوائد لدى مربي الماشية في "اللجاة"، ومن هذه الفوائد أهميته لطلوع العشب الذي تتغذى به المواشي وبعض أنواعه يأكلها الإنسان، ولعدم وجود مراصد حديثة اعتمد البدو وأهالي "حوران" على اقتران الثريا مع القمر لتحديد أوقات الشتاء لديهم، وكان أكثر حرصهم على وقت نزول الأمطار والشتاء ثم الربيع الذي يعقبه، لأنهم اعتمدوا في معيشتهم على الإبل والغنم، يتتبعون الماء وأماكن تجمعه، وكذلك الربيع والعشب وأماكن ظهوره، وهكذا يعتبر البدو "قران 19" هو أول قران يهتمون له ويسمونه "الوسم البدري"، وقران "الهريف" يصادف أول صفر عند البدو وسمي "الوسم" لأنه يسم الأرض بالعشب، وتشاهد الثريا عند العشاء».

تتطلب طبيعة حياة أهل البادية في الخلاء واعتمادهم على مياه الأمطار مهارة عالية وإلماماً واسعاً بالأحوال الجوية، لذلك تعرفوا على أحوال الطقس والتقلبات الجوية وألموا بها ورصدوا أوقاتها وحفظوا مواسمها، ليس ترفاً بل ضرورة تفصل الحياة عن الموت، والنجاة عن الهلاك وأطلقوا مسميات كثيرة لتلك الحالات وزادوها بالأمثال والأشعار التي تتردد دائماً في حلهم وترحالهم، فعندما يقارن القمر نجم الثريا في ليلة يوم الحادي عشر من الشهر القمري "العربي" فهذا يعني أول بداية برد الشتاء، ويقولون بخصوص هذا القران الكلمة التالية "قران حادي برد بادي"، وكلمة "حادي" يقصدون بها "حادي عشر"، وهنا يرددون "إذا ما البدر تم مع الثريا، أتاك أول برد الشتاء"

للمطر العديد من المسميات لدى أبناء "حوران" وخصوصاً البدو مربي الماشية وهنا يقول السيد "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني: «اهتم البدو بإطلاق عدة أسماء لأنواع المطر، وخاصة أمطار فترة الوسم لأهميتها وفائدتها العظيمة، وهنا سأذكر بعض المسميات: إذا كان المطر قوياً غزيراً سمي "هملولاً"، أما إذا سقط المطر و"البرَد" معاً (البرَد هو كريات ثلجية متجمدة) فيسمى "برديــة"، والمطر الخفيف على مكان محدد ولمدة محددة قصيرة يسمى "ســـحابة"، أما إذا شمل المطر منطقة أكبر وتواصل تهاديــه ليوم أو لعدة أيام متتالية فيسمى "ديماً"، وتسمى الريح المطرية شديدة السرعة والبرودة "شحوفاً"، و"الرذاذ" هو الساكن الصَغير القطر كالغبار، و"الهطل" المطر الغزير السقوط و"الحيا" الذي يحيي الأرض بعد موتها، و"الرّش" هو المطر الخفيف ويطلق كذلك على بداية المطر قبل أن يصبح وابلاً أو بعد أن يخف الوابل، و"المطر الجارح" هو الذي يغير ملامح الأرض ويجرف التربة».

تتطلب طبيعة حياة أهل البادية المكشوفة واعتمادهم على مياه الأمطار مهارة عالية وإلماماً واسعاً بالأحوال الجوية وهنا يقول الحاج "أحمد الحسن" أبو يحيى أحد كبار السن في المنطقة: «تتطلب طبيعة حياة أهل البادية في الخلاء واعتمادهم على مياه الأمطار مهارة عالية وإلماماً واسعاً بالأحوال الجوية، لذلك تعرفوا على أحوال الطقس والتقلبات الجوية وألموا بها ورصدوا أوقاتها وحفظوا مواسمها، ليس ترفاً بل ضرورة تفصل الحياة عن الموت، والنجاة عن الهلاك وأطلقوا مسميات كثيرة لتلك الحالات وزادوها بالأمثال والأشعار التي تتردد دائماً في حلهم وترحالهم، فعندما يقارن القمر نجم الثريا في ليلة يوم الحادي عشر من الشهر القمري "العربي" فهذا يعني أول بداية برد الشتاء، ويقولون بخصوص هذا القران الكلمة التالية "قران حادي برد بادي"، وكلمة "حادي" يقصدون بها "حادي عشر"، وهنا يرددون "إذا ما البدر تم مع الثريا، أتاك أول برد الشتاء"».

وعن أهمية المطر وكيفية رصد أبناء "حوران" وترقبهم للمطر يقول السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث الحوراني: «سكان "حوران" كغيرهم من بني البشر، قديماً وحديثاً ينتظرون ويترقبون نزول المطر بفارغ الصبر كما يقال، فهي حياة الروح لهم ولماشيتهم،‏ وكان من أهم أنواع المطر لديهم "الغيث" وهو المطر الذي يأتي عند الحاجة إليه وسمي غيثاً لأنه يغاث به الحيوان والنبات والعباد، وهو المطر الذي يأتي بعد موسم جفاف ويحيي الأرض بعد موتها، وعندما يتكرر سقوط المطر بعد فترات زمنية متقاربة يسمى "الولي"، ويسمى "المغرق" حينما تكون الأرض مبتلة دون وجود تجمع للمياه.

ولحب أبناء المنطقة لأسماء النجوم التي تقترن بالمطر، أطلقوا بعض أسمائها على أبنائهم، و"الثريا" من الأسماء المحببة التي يسمي أبناء البادية وعشائر "حوران" بها بناتهم، ويسمون الابن باسم "ثروي"، نسبة إلى مطر "الثريا"، ويقولون: "فلان ثري" أي كثير المال والحلال والأولاد والعلم وكل ما هو خير وفيه الخير هو ثروة».