تناول التراث الشعبي "الحوراني" مراحل العمل الزراعي كافة، ومنها مرحلة حصاد القمح التي لازال يتذكرها أهل محافظة "درعا" بكل تفاصيلها، بدءاً من عملية الحصاد والرجيده، وانتهاءاً بعمليات الدرس والذراوة.

يقول السيد "محمد مسلم" من أهالي مدينة "نوى" لموقع "eDaraa": «عندما يستوي القمح وتتمايل السنابل وتموج بالخير، وتميل إلى الاصفرار يكون وقت الحصاد قد حان، وكان الحصاد يتم بطريقتين: الأولى باليد وتسمى "الزحفة" وتقلع السنابل من جذورها، والثانية "بالمنجل" أو الحاشوشة وهي تشبه المنجل لكن نصف دائرتها أصغر، وللحصادين تسميات مختلفة حسب مكان جلوسهم أثناء الحصاد فمنهم "حصاد القنطرة وحصاد الشقة وحصاد الجحشة"».

هي العملية التي يتم فيها فصل الحب عن التبن ومشتقاته، وآلة الذراوة هي "المذراة" وهي قطعة على شكل الكف تماماً ولها خمسة أصابع متصلة بيد طويلة، وتتم الذراوة عادة عندما يهب الهواء الغربي المعتدل، حيث يتم فصل "التبن" عن القمح

وحول الحصاد في الموروث الشعبي الحوراني تحدث السيد "عبد الرحمن الحوراني" باحث في قضايا التراث الحوراني بتاريخ "5/6/2011" لموقع "eDaraa" قائلاً: «تتم عملية الحصاد في الأيام الندية حيث يكون الزرع ندياً رطباً، ويسمى يوم الحصاد هذا "النداوية". أما إذا لم يكن هناك ندى فيسمونه يوم "قياسْ" وهنا لا يمكن حصاد الزرع فيه، لأنهم يفقدون كل السنابل وتسقط على الأرض ولا يستطيع الحصادون جمعها. والندى له علامات وإشارات فبعد المساء تهب ريح غربية عليلة، وتتوشج السماء ببقع من الغيوم الرطبة، وبعد منتصف الليل يسقط الندى فيرطب الحصيد.

السيد عبد الرحمن الحوراني

أما القياس فعلاماته أن الهواء يهب من الشرق قاسياً وتكون السماء صافية وخالية من الغيوم، والأفق الغربي أحمر كالنحاس، وتسمى بقع الغيوم في السماء صيفاً "غزلان الندى" فيقولون "مد الندى" فيبدأ الحصادون عملية الحصاد.

وعندما تأتي بنت المعلم أو امرأة أخرى يشملها أحد الحصادين فيقول لها: "هذا شمالكْ" فتقبله وتطبخ لهم بدلاً من هذا طبخة وتأتي بها للحصادين الذين شملوها».

السيد نضال شرف

وفيما يتعلق بعملية "دراسة المحصول" تابع "الحوراني" حديثه بالقول: «بعد أن ينتهي الحصادون من عملية الحصاد يتم نقل المحصول إلى البيدر، وهو المكان الذي يتم جمع كامل المحصول فيه ليتم درسه، وتكون الدراسه بواسطه لوح خشبي سميك مثبت بأربع قطع من الخشب وجهاً وظهراً وتسمى "السيوف"، وأسفله مجوف بثقوب صغيرة عميقة وكثيرة ومحشوة بقطع الحجارة الخشنة الحادة الصغيرة، لتقطع سنابل القمح وكأنها سكاكين».

وفيما يخص عملية "الذراوة" قال "الحوراني": «هي العملية التي يتم فيها فصل الحب عن التبن ومشتقاته، وآلة الذراوة هي "المذراة" وهي قطعة على شكل الكف تماماً ولها خمسة أصابع متصلة بيد طويلة، وتتم الذراوة عادة عندما يهب الهواء الغربي المعتدل، حيث يتم فصل "التبن" عن القمح».

السيد محمد خير العامري

وحول أغاني الحصاد يقول السيد "نضال شرف" باحث في قضايا التاريخ والتراث الحوراني: «يقوم الحصادون بالغناء للترويح عن أنفسهم، كون ساعات عملهم طويلة وتدفعهم للملل، ويشترك الجميع في الأغاني التي هي عبارة عن ترديد كلمات قد لا يكون لها معنى أحياناً، ولكنها توحي بالحركة وتشجع على العمل، ويقولها أحدهم ويرد الباقون بنفس الكلمة المنشدة مثل:

"عويدْ الندْ عويد الند/ سير واقعد بالمقعد

يا اسنانك رز بحليب / يا صدرك رزْ مفرهدْ

سير واقعد عالفراش / واعطيني الحبهْ ببلاشْ

طمن واحني لي ظهرك / يا بعد ظهري ظهرك

يا أم العرجة ميلي جاي / مشان الله ميلي جاي

زرعنا واحنا اصحابه / بالمناجل ما نهابه

زرعنا دلى اعنوقه / بالمنجل حنا انسوقه"

وهكذا تستمر الأغاني طيلة أيام الحصاد، وهي كثيرة جداً وتتكرر كل موسم كموروث شعبي.

أما أغاني البيدر فيغنيها "الدارس" وهو واقف على "لوح الدراسه" ومنهمك بدرس القش، وتلخص ظاهرة التنافس بين الدارسين ومنها:

"نسف يا طبقنا / تا نلحق رفقنا

رفقنا صبحيهْ / وارده عالميه

لاحقها شبين / واحد اسمه سلامه

على خده علامه / والعلامة بالصندوق

والصندوق ماله مفتاح / والمفتاح عند الحداد

والحداد بدو بيضه / والبيضه تحت الجاجة

والجاجة بدها قمحه / والقمحه تحت الداروس

والداروس بدوعروس / تفرش وتنام بحدو

والمعلم بدو موس / تايزين حنجرته"

ومن أغاني عملية "الذراوة":

"ياالله هوا يا الله هوا / غربي سوا غربي سوا

ياحمام بروس العلالي يصيح / ماخمنت الحبيب يقر الصحيح

يا حمام بروس العالي بقى / ماخمنت الحبيب يرد النقا».

وعن الأدوات المستعملة في مواسم الحصاد ذكر السيد "محمد خير العامري" من أهالي مدينة "جاسم": «كان المزارعون يستخدمون في مواسم الحصاد العديد من الأدوات أهمها: "الشاعوب" ويتكون من عصا طويلة من الخشب تثبت بها قطعة حديدية تتكون من أربعة أصابع طويلة طول كل أصبع حوالي /30/ سم، ويبعد كل أصبع عن الآخر حوالي /5/ سم، ويستعمل لقلب القش وتعريضه للشمس ووضعه موضع الدرس.

و"المذراة" وتستعمل لفصل الحب عن التبن، وهي مصنوعة من الخشب على شكل عصا تنتهي بخمسة أصابع خشبية على شكل الكف.

و"المنجل" ويستعمل لحصيد القمح والشعير وهو قطعة من الحديد المطروق والمسنن على شكل هلامي.

و"النورج" أو ما يسمى "اللوح" وهو مصنوع من الخشب المصقول، طوله متران وعرضه نصف طوله، وأسفله مجوف بثقوب صغيرة توضع فيها حجارة حادة الأطراف تقطع القش وتهرسه وتنعمه.

و"الزيقل" وهو آلة حديدية قطعة واحدة تنتهي بإصبعين قويين جداً بينهما مسافة حوالي /30/سم، ويستعمل لرمي القش ووضعه للدراسة».