أمضى "يوسف الفقيه" الباحث في قضايا التراث الحوراني، أكثر من أربعة عقود، في جمع الأمثال والحكايات الشعبية، دون كلل أو ملل، مصمماً على إنجاز "موسوعته" الحورانيه، لتكون مرجعاً للأجيال القادمة والباحثين في قضايا التراث.

يقول الباحث "نضال شرف" لموقع "eDaraa": «تفرغ الباحث "تيسير الفقيه" لجمع التراث الحوراني، ونذر نفسه لذلك، ودوّن ما جمعه في كتاب صدر له، وكتب أخرى قيد الطباعة والجمع والإعداد، لتشكل إضافة جديدة لما تم إنجازه سابقاً، ناهيك عن مساهمته في حفظ التراث عن طريق محاضراته المستمره بالمراكز الثقافية بالمحافظة، والتي يؤكد فيها أهمية التراث الحوراني وضرورة الحفاظ عليه من الضياع».

استطاع الباحث "تيسير الفقيه"، أن يجمع ويدوّن الكثير من الأمثال والحكايات الشعبية الحورانية، من خلال مسيرتة الطويلة في هذا الخصوص، وعلى الرغم من بلوغه السابعة والستين من عمره، ما زال يسعى جاهداً لإكمال مشواره الذي بدأ العمل به

وذكرالسيد "محمد أمين حريدين" من أهالي مدينة "طفس": «استطاع الباحث "تيسير الفقيه"، أن يجمع ويدوّن الكثير من الأمثال والحكايات الشعبية الحورانية، من خلال مسيرتة الطويلة في هذا الخصوص، وعلى الرغم من بلوغه السابعة والستين من عمره، ما زال يسعى جاهداً لإكمال مشواره الذي بدأ العمل به».

وحول تجربته في تدوين التراث الشعبي الحوراني، تحدث الباحث "تيسير الفقيه" بتاريخ 27/1/2011 لموقع "eDaraa" قائلاً: «أقوم بدراسة وجمع التراث، وخاصة أنه غني جداً، وما زال قسم منه، محفوظاً في ذاكرة كبار السن الذين نطلق عليهم اسم "المكنز" الثقافي الشعبي، كالعادات والتقاليد التي كانت سائدة في مجتمعنا "الحوراني"، وهي عادات تمثل قيم التعاون والمحبة بين أفراد المجتمع وتكاتفهم، سواء في الاحتفاليات الدينية، أو في حالات الوفاة والزواج والأفراح وغيرها.

وقد بدأت مسيرتي في تدوين الأمثال والحكايات الشعبية منذ عام/1966/م، حيث كنت أجمع التراث معتمداً على الأحاديث التي كانت تدور بين الرجال في المضافات، وقد زرت نحو/170/ مدينة وبلدة في "حوران" لهذا الغرض، لأخرج بأكثر من /4/ الآف مثل شعبي، وأكثر من /600/ قصة وحكاية شعبية، وقد ساهم سفري للعديد من الدول العربية، واطلاعي على الأمثال الشعبية في تلك الدول، بالتعرف على العوامل المشتركة بين الأمثال والحكايا والأساطير التي عرفت في "حوران"، مع تلك التي كانت سائدة في تلك الدول».

وفيما يخص أصداراته قال "الفقيه": «صدر لي عام /1995/ كتاب "الأمثال والحكايات الشعبية الحورانية"، وهو جزء من سلسلة موسوعة التراث الشعبي في "حوران"، والتي أسعى إلى إتمامها منذ عام /1993/، وهناك كتاب قيد الطبع بعنوان "حكايا بكايا"، ويتضمن الأمثال والقصص الشعبية الحورانية أيضاً، كما صدر لي العديد من الكتب التربوية في "المغرب العربي" عندما كنت أعمل مدرساً، بمركز تكوين المعلمين في "أغادير"، تتناول جوانب تربوية، وعدداً من الكتب العلمية في الأمارات العربية المتحدة، تتعلق بالبيئة والتلوث، وجذور التراث الشعبي في الخليج».

وفيما يتعلق بمصادره في جمع الأمثال الشعبية ذكر"الفقيه": «تنبع الكثير من الأمثال من تفاصيل الحياة اليومية، وهي أمثال متعددة المصادر مثل "عرم يا جوخ صاحبك تعبان" من أصل سرياني، و"ابن الداية ما عليه مخباية" من أصل فارسي، و"ياللي مالو جامكية لا يعد أيام الشهر" من أصل تركي، و"جاكيت عيرة ما بدفي الأميرة" من أصل فرنسي، بالإضافة إلى القصص الشعبية التي استمدت أيضاً من ثقافات وحضارات سابقة».

وعن أوجه التشابه والتداخل بين الأمثال والحكايات الشعبية العربية والحورانية قال "الفقيه": «من خلال دراسة الأمثال والحكايات الشعبية الحورانية نجد أنها تتقاطع في معظم الأحيان مع مثيلاتها في الوطن العربي، وهذا يدل على وحدة التراث الشعبي وعراقته، ويؤكد أن الشعب العربي شعب واحد، ومما لا شك فيه أن وحدة موضوعات الأمثال والحكايات في الوطن العربي، ووحدة الجملة المثلية، تعبر عن عمق الارتباط الحضاري والمصيري بين أبناء الوطن العربي، وأصلها مصدر واحد هو اللغة العربية الفصيحة، والفكر العربي الموحد».

وتابع "الفقيه" بالقول: «إن التراث الشعبي في "حوران"، والذي يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، يجمع الكثير من الأمثال والقصص التي ورد بعضها من "مصر"، حيث جاء ذكرها في آثار الفراعنة بتاريخ سابق لانتشارها في "حوران"، كما كان لعلاقات التجارة والزواج والظروف السياسية والحروب والاحتلال والهجرات من "حوران" وإليها منذ آلاف السنين، دور في خلق هذا الكم الهائل من التراث الشعبي».

الجدير بالذكر أن الباحث "تيسير الفقيه"، عضو اللجنة العليا للتراث الشعبي في "سورية"، وعضو اللجنة الشعبية للتراث الشعبي "بدرعا، وهو من مواليد مدينة "طفس" عام /1944/م، يحمل إجازة في الآداب- قسم الجغرافيا- منذ عام /1972/م من جامعة "دمشق"، ودبلوم تأهيل تربوي عام /1984/م، درّس في "المغرب والسعودية والإمارات العربية المتحدة"، وزار عدة دول عربية».