جذبته الطبيعة بكل تفاصيلها وأغراه الحجر الصلب عندما وجده طيعاً بين يديه، ويحقق حلماً لا يعرف متى راوده لكنه اليوم بدأ الخيار المحبب إليه، لم يجسد شخصاً أو مشهداً عابراً إنما اختار رسالة حملت عنوان حوار الحضارات.

جعل من منحوتته رسالة يبرز فيها حوار الحضارات في زمن قد تباعدت فيه المسافات، ولا تجمعه سوى حضارته وعراقته وتاريخه، ليوصلها من بلد صنعت فيه الحضارات.

استعمل الفنان "إبراهيم" الحجر البازلتي الأسود في أعماله الفنية التي تؤرخ لواقع ثقافي مرتبط بالبيئة المحيطة، كما هو الحال في لوحة السنبلة التي تجسد حضور القمح الحوراني في الحياة اليومية للناس، إضافة لتجسيده حوار الحضارات في منحوتته العملاقة التي أدهشت كل من شاهدها

برؤية فنية إبداعية حول صخرة بازلتية تزن ما يقارب 6 أطنان إلى أكبر كتاب صخري يوثق لمنجزات الحضارة الإنسانية وهنا يروي النحات "إبراهيم أبازيد" "لمدونة وطن eSyria" قصة منحوتته البازلتية ذات الأطنان الـستة من الصخر البازلتي بالقول: «لوحة الحضارات العربية أنجزتها على صخرة بلغت من الوزن ما يزيد على ستة أطنان، جسدت فيها مدائن صالح والأهرامات المصرية ومدرج بصرى، أردت إعادة فكرة أن الحضارات الإنسانية هي نتاج الجميع، فالإنسان أخ الإنسان وهذه المنطقة الجغرافية هي أم الحضارات، فعلى أرضها عرفت الحروف الأولى، وعلى أرضها تنزل الوحي من الله ولجميع الديانات السماوية، لذلك تجسد المنحوتة قصة الخلق من سيدنا "إبراهيم" عليه السلام».

المنحوتة الصخرية

وعن سبب اهتماماته بالحجر البازلتي ذكر بالقول: «تبرز اهتماماتي بالحجر البازلتي لكوني استفيد من الانتشار الواسع للبازلت في المحافظة، ووجود نوعيات جيدة مناسبة لإقامة منحوتات بازلتية كبيرة، حيث سعيت لتحويل الصخرة التي تزن ما يقارب ستة أطنان إلى أكبر كتاب صخري يوثق لمنجزات الحضارة الإنسانية، عبر المرور السريع على عناوين رئيسية ليحمل العمل الصخري عنوان رسالة حب وسلام للعالم، وهدفي الذي ارمي إليه عبر هذه الإعمال هو أن الحضارات الإنسانية هي نتاج الجميع».

بدايات عمله في النحت تجلت في النحت على الصابون لتتطور إلى الحجارة الكلسية والبازلتية وهنا يتابع: «منذ الصغر وجدت نفسي أنحت على الصابون، كنت اخطف الصابون من المنزل وأعيده مجدداً ولكن بهيئة أخرى، ثم لاحقاً دخلت على الحجارة الكلسية لكني وجدتها سريعة الإزالة لأستقر على الصخر البازلتي المميز بقسوته والحافظ لمسارات وتفاصيل العمل الفني، ومعولي ومثقبي ومناشيري هي حاجاتي الأساسية للعمل الذي أمارس فيه موهبتي في "كراج التصليح" الذي أملكه في منطقة "درعا البحار"، أركز بعملي على الأدوات اليدوية لأن الآلة على أهميتها تتحرك دون إحساس، والنحت والفن إحساس قبل أي شيء آخر، وبجميع أعمالي النحتية لا أستعمل إلا الأدوات اليدوية ولم استعمل أياً من الأدوات الكهربائية، لأنك تعبر عن الواقع بأدوات قد تكون بدائية بعض الشيء لكنها توصل رسالة للسلام، وتعبر تعبيراً صادقاً عن كل ما يدور حولنا من أحداث».

مدينة البتراء

منحوتات عديدة وبأحجام متعددة نحتها "الأبازيد" والتي تحدث عنها بالقول: «قمت خلال مسيرتي بنحت أكثر من 300 منحوتة صغيرة الحجم ومتوسطة، وبداياتي في الخروج للإعلام والشهرة بدأت مع إنجازي لمنحوتتي البازلتية التي تزن أكثر من 6 أطنان من الحجر البازلتي الأصم الذي تشتهر منطقة "حوران" به، وأكبر وأضخم أعمالي كانت المنحوتة التي تتجاوز 117طناً من ذات الصخر الأسود، حيث نالت إجماعاً حول ارتقائها لمستوى منحوتات عالمية، جسدت فيها أقدم توقيت في العالم وتاريخ الاستعانة بالكواكب الشمسية، ولا ننسى أول سورة نزلت على سيدنا "محمد"، وأشير هنا إلى ضرورة العودة لتاريخنا العربي والحث على إظهار واستذكار مراحله المشرقة، ومدائن سيدنا "صالح" حيث استعنت بالخيال لإكمال لوحتي، فصورت قصور قوم عاد وأهل الكهف وأهرامات الفراعنة وسليمان وكرسيه وتابوت طالوت، وقصة الخلق بدءاً من سيدنا آدم ثم سفينة نوح ثم العودة للكعبة وحجر سيدنا "إسماعيل"، ومزراب الرحمة ومقام سيدنا "إبراهيم" والحجر الأسود، ثم قصة قوم "ثمود" وحضارة الأنباط، وصولاً لمدينة "القدس" وبواباتها ومجسم لقبة الصخرة، ومقام سيدنا "زكريا" ومحراب السيدة العذراء عليها السلام والنخلة والآية».

الفنان والنحات "ياسين نقاوة" تحدث عن النحات "إبراهيم" بالقول: «استعمل الفنان "إبراهيم" الحجر البازلتي الأسود في أعماله الفنية التي تؤرخ لواقع ثقافي مرتبط بالبيئة المحيطة، كما هو الحال في لوحة السنبلة التي تجسد حضور القمح الحوراني في الحياة اليومية للناس، إضافة لتجسيده حوار الحضارات في منحوتته العملاقة التي أدهشت كل من شاهدها».

عظمة التاريخ

بينما قال الفنان النحات "زيد الكسور": «منحوتات الفنان "إبراهيم" نالت إجماعاً حول ارتقائها لمستوى المنحوتات العالمية، جسد بجميع أعماله مشاهد ولحظات وأزمنة وحضارات متعاقبة، يجعل من الصخر ينطق من خلال روح وإبداع الفنان، ورسم ملامح الحياة في هذا الصخر الأصم لينطق بالنهاية ويعبر عما يريد النحات أن يصل إليه، إنه نحات مدهش لم يدرس النحت بحياته، لكنه تميز عن درسها بموهبته وإصراره على أن يكون دائماً المميز بين الجميع بإعماله العملاقة».