لكل منطقة وبلدة في "حوران" طريقتها في التعبير عن أفراحها وبهجتها سواء في الرقص والغناء أو في الكلمات المعبرة والجميلة، ومن هذه الطرق "الجوفية" التي تعد أحد أهم الفنون الغنائية التي تغنى في أعراس ومناسبات "حوران".

فن الجوفية أصبح موروثاً شعبياً حورانياً وعن سبب تسميتها وممارستها يقول عنه الباحث في التراث "تيسير الفقيه" لموقع eDaraa بتاريخ 10/4/2012: «الجوفية هي نوع من الرقصات المدروسة المتقنة، ومشتقة من الجوف، والجوف هي الأرض المطمئنة، والغناء في الجوفية جماعي وبالتناوب، والجوف نموذج مهاجر. استقر في حوران منذ القرن التاسع عشر الميلادي عندما كان سكان الجوف المسمون الجوفية يأتون حوران للعمل الزراعي الشاق، وحفر صوامع الحبوب الأرضية، وكان المرحوم "باير المسلماني" من مدينة "درعا" يستقبلهم أفضل استقبال ويعينهم على فقرهم وغربتهم. وعندما انتقل "باير" إلى رحمة الله. مشت وراء نعشه النساء الجوفيات، يشيعنه ويغنن:

الجوفية هي عبارة عن مقاطع من الشعر الشعبي لها لحنها الخاص، وتغنى على شكل حلقة يقوم شخص بقراءة بيت ويرد الجميع وراءه، وذلك بصوت عال ولحن خاص وتبعث الحماسة في نفوس المرددين والسامعين، ومن أجمل الجوفيات التي تغنى لحوران وتتغنى ببلاد الأجداد، وتذكر بالتاريخ الغابر الحافل بالبطولات وخاصة أيام مقارعة المستعمر الفرنسي عندما احتل بلدنا العزيز سورية وهنا تقول إحدى الجوفيات: قم يا رسول لا توّنا / عجّل وخذلي كتابي خذلي سلامي لاهلنا / واسرع بردّ الجوابي حوران حوران جنّة / بسهولها والهضابي يا ما بترابا دفنّا / جيش فرنسا والجنابي والبيض لو زغردنّا / ولو لوّحن بالعصابي يا ما من ريقن سقنّا / حلو ولذيذ الشرابي

بشر بنات الجنة / لفى عليهن باير.

الحاشية

وفن الجوفية أصبح موروثاً شعبياً حورانياً، وهناك عدة جوفيات شعبية المنشأ وشائعة في حوران ومنها يقال:

وأشرفت رجم وثاري الليل ممسيني / بديار غرب ياعل السيل ماجاها

اداء الجوفية

علامك ما تدعجين الدمع ياعيني / على هنوف جديد اللبس يزهاها

واضحك مع اللي ضحك والهم طاويني / طية اشنون العرب وان صفقت ماها

السيد قاسم الصياصنة

هبت هبوب شمالي وبردها شين / وما تدفي النار لو حنا شعلناها

ما يدفي إلا حضن مريوشة العين / وليا عطشنا شربنا من ثناياها

وأشوف وضحا تطبع طبعها شين / حامت على طمعة والجيش ماجاها».

وعن هذا الفن الغنائي يقول الباحث في التراث "أحمد المسالمة": «تعد "الجوفية" أحد أهم الفنون الغنائية التي تغنى في أعراس "حوران"، وهي فن شعري بدوي قديم ينسب إلى منطقة "الجوف" في المملكة العربية السعودية، التي كان لأهلها علاقات تجارية ورعوية مع سكان هذه المنطقة منذ القديم. وعرفت الجوفية باسمها نسبة إلى تلك المنطقة، وهي أكثر الفنون البدوية تنوعاً وتعداداً من حيث الموسيقا مثل بحر الرجز والمديد والمجتث والوسيم وهو من البحور المهملة.

ومن بعض أنواع الجوفيات اخترنا:

من قفا روض حايل نشرنا / واعتلينا بظهور النجايب

ربنا لا تخيب سعدنا / نطلب يا مدير الهبايب.

حيوا حوران وحلب مع ضواحيها / جولان مانبيعك بالذهب واصنافا

بالمال والدم والروح نفديها / رجالنا بالحرب دمروا الميركافا».

ويقول السيد "قاسم الصياصنة" أحد المهتمين بالتراث في "درعا": «الفلكلور والتراث "الحوراني" حافل بالأحداث الاجتماعية والاقتصادية، وهو جزء من هوية المحافظة وأبنائها عبر تاريخها الطويل، بما ينطوي عليه من أعراف متوارثة وعادات وأشكال فولكلورية، تعتبر مخزوناً ثقافياً ينهل منه أبناؤها، والجوفية من أهم الفنون الغنائية الحورانية، وتسمى تراث الفرح والحماسة، وتؤدى دون أي مرافقة لآلة موسيقية، وهناك عدة أنواع لاغاني الجوفية منها جوفية الشباب وهنا يقال:

أول القول ذكر الله / أول القول ذكر الله

والشياطين نخزيها / والشياطين نخزيها.

ومن الجوفيات يقال أيضاً:

يا طير علّي ووصل الرسايل / ودّي سلامي لأهل حوراني

حييّ النشاما من كل الحمايل / سلّم ع هلي وخوالي وعمامي.

ويقال أيضاً:

يا شباب الحورانيه / يا شباب الحورانيه

كلهم اسباع وانمورة / كلهم اسباع وانمورة

زغرتت كل نشمية / زغرتت كل نشمية».

طريقة أداء أغاني الجوفية وتأديتها ومرافقتها مع الدبكة حدثنا عنها الباحث في التراث "إبراهيم الشعابين" الذي قال: «الموروث الغنائي الشعبي رافداً أساسياً من روافد فكر المجتمع الحوراني وثقافته، ومكون من مكونات التراث الحوراني، والموروثات الشعبية قد عكست أمال وهموم ومخاوف وأحلام المجتمع الحوراني، ومن هذه الموروثات غناء "الجوفية" فهي فن معروف لدى الجميع على أنه شعر بدوي. يرافقه الدبكة التي تتكون من فريقان على نسق مقابل الآخر، ويد كل فرد متماسكة مع الآخر خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، والمشي خفيف على شكل دائري مع رقصات داخل هذه الجوفية، يقوم أحد الفريقين بالغناء وتقوم المجموعة المقابلة له بدور الردادة أي تقوم بإعادة ما غنته المجموعة الأولى وعلى شكل ألحان، حتى تنتهي القصيدة والأغنية الشعبية. ثم يتحول الغناء وترديد الأغاني الجوفية إلى المجموعة الثانية، ليتحول دور المجموعة الأولى إلى الردادة. وفي بعض الأحيان تنزل امرأة بين المجموعتين وتسمى "الحاشية" متنكرة الوجه "متلثمة بعصابتها" ترتدي شالاً أو عباءة وبيدها سيف أو عصا لترقص أمام الجميع، لتقوم بدور المحرض لإثارة الحماس لدى الجميع، إذ تدور أمامهم بحركات راقصة ما يزيد الجوفية تشويقاً وحماساً وحيوية وجمالاً.

ومن قصائدنا في الجوفية:

يا أبو رشيدة قلبنا اليوم مجروح / جرحٍ عميقٍ بالحشا مستظل

جابوا الطبيب ومددوني على اللوح / قلت برخا لما عشيري يصلني».

الجوفية هي عبارة عن مقاطع من الشعر الشعبي لها لحنها الخاص وهنا يقول الحاج "محمود رجا": «الجوفية هي عبارة عن مقاطع من الشعر الشعبي لها لحنها الخاص، وتغنى على شكل حلقة يقوم شخص بقراءة بيت ويرد الجميع وراءه، وذلك بصوت عال ولحن خاص وتبعث الحماسة في نفوس المرددين والسامعين، ومن أجمل الجوفيات التي تغنى لحوران وتتغنى ببلاد الأجداد، وتذكر بالتاريخ الغابر الحافل بالبطولات وخاصة أيام مقارعة المستعمر الفرنسي عندما احتل بلدنا العزيز سورية وهنا تقول إحدى الجوفيات:

قم يا رسول لا توّنا / عجّل وخذلي كتابي

خذلي سلامي لاهلنا / واسرع بردّ الجوابي

حوران حوران جنّة / بسهولها والهضابي

يا ما بترابا دفنّا / جيش فرنسا والجنابي

والبيض لو زغردنّا / ولو لوّحن بالعصابي

يا ما من ريقن سقنّا / حلو ولذيذ الشرابي».