تعد قصيدة "الشروقي" من أبرز أنواع الشعر في سهل "حوران"، خاصة أنها قابلة للغناء، ولها محبين ومغنيين منتشرين في كل أرجاء السهل.

وقال السيد "أحمد الحريري": «الشروقي هو نوع من القصيد البدوي، وهو غناء أهل الشرق وكان يكثر ترديده في الغزوات والحروب التي تنشب سابقاً، ويكثر في المنطقة الجنوبية في "حوران والسويداء والقنيطرة"، وفي معظم ألحانه تجد طابع الحزن ويرافق بالترنّح وامتداد الصوت.

قصيدة الشروقي لا تؤدى بشكل جماعي بل فردي، وعلى من يقوم بتأدية هذا النوع من القصيد أن تتوفر لديه عدة أمور منها، الصوت الجميل والمقدرات الشعرية الكبيرة، والحس المرهف ليستطيع أن يدخل الآذان والقلوب بكل سلاسة

وجمالية هذا اللون تأتي من تأديته على آلة الربابة المعروفة بوترها الوحيد، ويجب الإشارة إلى أن المؤدي "الشروقي" يحتاج إلى نفس طويل ، فأبيات قصائد الشروقي طويلة ومعانيها عميقة، وهو يعبر عن تراث منطقة حوران، وما تمتلكه من إرث ثقافي فني فلكلوري تراثي مميز ينتمي إلى أصل وشهامة هذه المنطقة».

الشاعر أحمد الحاج علي

قصيدة "الشروقي" تقسم إلى أنواع وأوزان متعددة، السيد "محمد خالد أبو زيد" مختار بلدة "داعل" تحدث لموقع eDaraa عن تاريخ ونشأة قصيدة الشروقي بالقول: «يستطيع عازف الربابة من خلال قصيدة الشروقي أن يبث أحاسيسه بقدرة كبيرة، وما يميز قصيدة الشروقي الطول والقوة وعمق المعاني، وهذا النوع يفرض احترامه على المستمع، ويتلقاه بكل وقار وهيبة لذلك يتجلى الصمت في المضافة أو الديوان، وترى جمهوره ناصتاً متأملاً في معانيه.

وقصيد الشروقي تتكون من عدة أنواع منها الشروقي الموشح، الشروقي المخمس، موشح الشروقي العادي، الشروقي المربع».

أحدى حفلات الشروقي

وعن أهم القصائد التي تقال في شعر الشروقي يقول مختار "داعل": «كان هناك رجل محسود عند "ربعه" أي قبيلته، وكان محبوب من كل الناس، فذهب ذات يوم ليصطاد مع مجموعة من "ربعه" "فكادوا" له وأرادوا قتله لأنه شهم ومحبوب، فقاموا بمطاردة غزال وأثناء المطاردة قتلوه، بعدها هربوا جميعاً فقام بكتابة قصيدة من نوع الشروقي على صخرة بدمه يخاطب بها جماعته فيقول فيها:

يا يما مالك بهوى الدو قناص/ يا يمينك من عيالاً عفوفي

يا طير لا تهدي على سدر مزلاف/ يا طير لا تأكل محاير عيوني

يا ذيب لا توكل يمني الأكتاف/ وكثير مثلك بالإخلاص حاربوني

يا حيف على منفذ رداف/ ما ترمي إلا من طويلات القروني

حتى مواعيني بينهم قسماً وإنصاف/ حتى محزمي وشبريتي شلحوني

يا بيض لا تنعن على زين الوصاف/ لا بد من موقعني يوقعوني».

وللتوسع بالشرح أكثر عن قصيدة "الشروقي" القينا السيد "حسين العقلة" من عشيرة "شمر" فقال لنا: «قصيدة الشروقي لا تؤدى بشكل جماعي بل فردي، وعلى من يقوم بتأدية هذا النوع من القصيد أن تتوفر لديه عدة أمور منها، الصوت الجميل والمقدرات الشعرية الكبيرة، والحس المرهف ليستطيع أن يدخل الآذان والقلوب بكل سلاسة».

بينما قال شاعر الربابة "أحمد الحاج علي" أحد أبرز شعراء المحافظة: «إذا تكلمنا عن الشروقي كلحن فهو اللحن الأساسي الذي يغنى على آلة الربابة، والشاعر الذي لم ينظم على بحور الشروقي سواءً كان شاعراً أو شاعر وعازف ربابة لا يسمى شاعراً، وإذا لم يكتب أو يغني الشروقي لا يسمى شاعراً، فإذاً نستطيع أن نقول بأن لحن الشروقي هو من الأساسيات الأولى في كتابة الشعر وتلحينه، والشروقي كشعر يندرج على مقام موسيقي يدعى "السيكا".

ويعالج شعر الشروقي عدة مواضيع سواء كانت عاطفية أوغزلية أومعاناة ومراسلات بين الشعراء أو نقد، لو أردنا أن نقيس بحر شعر الشروقي على بحور الشعر الفصيح أي بحور "الفراهيدي"، لوجدنا أن شعر الشروقي هو قريب من بحر "الرجز" للفراهيدي" وتفعيلاته:

مستفعلن مستفعلن مستفعلن/ مستفعلن مستفعلن مستفعلن».

وعن سبب تسمية شعر الشروقي يقول الشاعر "الحاج علي": «هناك روايتان عن سبب التسمية الأولى تقول بأن شاعر الربابة وهو في البادية يبدأ العزف على الربابة منذ الصباح الباكر حين شروق الشمس، فمن كلمة شروق الشمس سمي الشروقي.

والرواية الثانية تقول بأن كل من هو موجود ويعيش بلاد الشرق، وكل شخص له علاقة أو اتصال بجغرافية بلاد الشرق فهو يغني الشروقي، وهنا نستطيع أن نقول بأن الشروقي يحتاج إلى قدرة عالية حين ترديده كأغنية على الربابة بلحنه المسمى المسحوب أو "القصيد"، نذكر على سبيل المثال:

ريما الفلا يا سيد كل المزايين

يا منوة العشاق حيناً بعد حين

وأيضاً يقال:

يا ليت أنا وياك ما غيرنا اثنين

نطرب على نغمات صوت الربابة

وهذا على بحر الشروقي المربع، وهناك عدة أنواع للشروقي منها المخمس المردف ويحتوي على خمس شطرات، وهناك الشروقي العمودي، والمربع.

وفي الشروقي تختلف فيه قوافي الصدر عن العجز وهذا يتوفر غالباً في الشعر العمودي».