عبق التراث والتاريخ كان عنوان اليوم الأخير في مهرجان "درعا" الأول للموسيقا والتراث. فعلى وقع الأغاني الفلكلورية التهبت مشاعر جماهير المحافظة تفاعلاً مع الأداء، حيث فاجأت الفرق الحاضرين بسحر التراث، وأطربت الآذان بسرد تعاقب الحضارات على المسرح، فأصبح مهرجان التراث عرساً أسعد مهجة الحاضرين.

فقد قدمت فرقتا "محردة" و"درعا" للموسيقا العربية فقرات فنية تمجد تراث الآباء والأجداد، وبين الغناء الفردي لكلا أعضاء الفرقتين والغناء الجماعي كان التراث هو الحاضر الأبرز. البداية كانت مع فرقة "محردة" والتي استمرت لقرابة الساعة، بعدها كان الجمهور على موعد آخر مع الفن قدمته فرقة "درعا" للموسيقا العربية بفقرات غنائية تمايل معها الجمهور الذي كان يزداد يوماً بعد يوم، فقدم الفنان "حسني حرفوش" والفنان "شادي أبازيد" العديد من الأغاني الفلكلورية، ثم اعتلت المسرح بعدهما الطفلة "تسنيم النابلسي" التي قدمت أغنية "لأم كلثوم" "اسأل روحك"، تلاها حفل فني ساهر للمطرب الشاب "حسام اللباد" الذي ألهب المدرجات بأغانيه المنوعة، فدبك عليها جمهوره المحب الدبكات المتنوعة ثم ما لبثت أن تحولت إلى "الدبكة الحورانية" ليسجل اسمه في طليعة فناني جيله. وفي نهاية المهرجان تم تكريم عدد من الفنانين.

المهرجان الذي كان لنا شرف الغناء في آخر أيامه أعتبره بمثابة الحلم للجميع لكونه أطلقت فعالياته للمرة الأولى في "درعا" وعلى مستوى القطر، وقد شكل الخطوة الأولى في طريق الحفاظ على هذه الثقافات الفنية التراثية الموسيقية المتنوعة، حيث يشكل جسراً لتلاقي تراث المحافظات السورية، ويعمل في الوقت نفسه على تعزيز التراث المحلي والحفاظ عليه من التشويه. قدمت اليوم أغانٍ تراثية حورانية تمثل الفلكلور الغنائي الخاص بمنطقتنا بمختلف أنواعه

السيد "محمد سليمان" أحد الذين تابعوا عروض اليوم الأخير وكان برفقته زوجته وأسرته قال لموقع eDaraa: «يومياً أتابع فعاليات المهرجان برفقة أسرتي. فرحنا في اليوم الأخير بالفقرات التي قدمتها فرق "محردة" و"درعا" التي أمتعتنا بالغناء التراثي والفقرات الفردية المتنوعة التي تلونت بالفلكلور الفني الأصيل. أعتقد أن المهرجان يشكل حالة وجدانية يعيشها أهالي المنطقة، وفرصة لاستعادة الروح التي زرعها الأجداد من خلال أغنية هنا وأهزوجة هناك، ومن هذا المنبر الإعلامي نطالب جميع المعنيين بالمحافظة، وفي جميع المحافظات بإطلاق مثل هكذا مهرجانات في جميع المحافظات السورية لتدوين التراث والمحافظة عليه».

مارسيليا دخيخ من فرقة محردة

مدير فرقة "درعا" للموسيقا العربية الأستاذ "أحمد ناجي المسالمة" قال عن مشاركة الفرقة في آخر أيام المهرجان: «قدمنا اليوم "التراث الحوراني" الأصيل القديم الذي هو امتداد لأصالة التراث الفني والموسيقي العربي المفعم بالصدق وعفوية الأداء، ومن الذي عرضناه هو سماعي من مقام "الكرد"، ومجموعة من الأغاني واللوحات التي تنسجم مع البيئة المحلية على امتداد منطقة "حوران" من موشحات وتقاسيم وطرب أصيل بجميع أشكاله، قدمه أفضل المطربين والعازفين في المحافظة، اجتمعوا بمحبة ليعيدوا هذا التراث الغني الذي تم تداوله في الوطن العربي لإعادة إحيائه من جديد، تأسست هذه الفرقة التي تضم 20 عضواً بين عازف ومطرب منذ سنوات قليلة، وتهدف إلى نشر وتعميق الفن الشعبي الخاص بمنطقتنا وتوفير المتعة للمتلقي بأسلوب رفيع وهادف».

وقالت الشابة "مارسيليا دخيخ" إحدى أعضاء فرقة "محردة" للغناء الجماعي: «الفرقة تهتم بالدرجة الأولى بالموسيقا الشرقية مطعمة برؤيا خاصة بالعزف، وتهدف من خلال فقراتها إلى إحياء التراث الشرقي من موشحات وطرب أصيل، وتعمل من خلال التدريبات المستمرة على تمثيل محافظة "حماة" في المهرجانات المحلية والعربية ونقل تراثها الأصيل إلى كل مكان، قدمنا خلال المهرجان أغانٍ من الذاكرة لعدة مطربين، تفاعل معها الجمهور الكبير الذي قل ما نشاهده في المهرجانات والفعاليات التي نشارك بها، ووجوده ما هو إلا دليل على اهتمامه بالغناء والتراث الذي سعى المهرجان إلى إحيائه».

فرقة درعا للموسيقا العربية

بدوره أوضح قائد فرقة "محردة" الفنان "مازن نجار" بالقول: «كثيراً ما يتجاوز الفن المسافات الشاسعة مقرباً بين الشعوب فكيف إذا كان خلال مهرجان محلي للتراث والموسيقا، هو فرصة لتبادل الخبرات بين الفرق الفنية السورية في مجال إحياء التراث الشعبي، إذ يشكل التراث في المحافظات امتداداً ثقافياً واحداً، الأمر الذي جعل الأغنية السورية محببة لجميع الشعوب، ومنتشرة انتشاراً كبيراً. قدمنا عدة وصلات غنائية تراثية منها "حاصودا" و"يما قولي لبيي" بآلات شرقية تقليدية، وفقرات فردية للسيدة "فيروز" وأغانٍ من الذاكرة للفنان "محمد عبد الوهاب" "كل ده كان ليه"، وفرقتنا المشاركة مؤلفة من 16 عضواً بين عازف ومطرب وكورال».

المطرب "حسني حرفوش" أحد أعضاء فرقة "درعا" للموسيقا قال: «المهرجان الذي كان لنا شرف الغناء في آخر أيامه أعتبره بمثابة الحلم للجميع لكونه أطلقت فعالياته للمرة الأولى في "درعا" وعلى مستوى القطر، وقد شكل الخطوة الأولى في طريق الحفاظ على هذه الثقافات الفنية التراثية الموسيقية المتنوعة، حيث يشكل جسراً لتلاقي تراث المحافظات السورية، ويعمل في الوقت نفسه على تعزيز التراث المحلي والحفاظ عليه من التشويه. قدمت اليوم أغانٍ تراثية حورانية تمثل الفلكلور الغنائي الخاص بمنطقتنا بمختلف أنواعه».

الطفلة تنسيم نابلسي

بينما قال الفنان الشاب "حسام اللباد" الذي ختم المهرجان بأغانيه المحببة والتراثية: «المهرجان هو الشمعة الأولى التي ستعقبها شموع عديدة على هذا الطريق الذي يعيد التراث والفلكلور إلى الحضور مجدداً، وبالحب والتعاون الذي رأيناه على جميع من ساهم بتنظيم هذه الفعالية يستطيع الإنسان أن يصنع كل شيء، ربما كان هذا هو السر في النجاح الذي قرأناه في عيون الحضور دون استثناء، كما كانت الرغبة والهاجس لدى الجميع في تحقيق شيء للمحافظة يترسخ في أذهان من تابع المهرجان من بدايته إلى فترات طويلة، ونجاح هذا الكرنفال هو نجاح للجميع. وهنا يمكننا القول بأننا بدأنا في الاتجاه الصحيح نحو توثيق التراث الذي أسعى من خلال ما أقدمه من أغانٍ ومنها "جمالها" و"الغربة"، ليكون التراث موجوداً بيننا نغنيه وننشره في المكان السليم».