ارتبط زواج المرأة الحورانية من القدم بالعديد من المزايا التي يجب أن تتمتع بها، ومن هذه المزايا مزية "سطل" الماء، حيث كانت النساء المعمرات ينتظرن الفتيات اللواتي يعدن من نبع الماء ليراقبن مشيتهن وفطنتهن في المشي وهن يحملن "سطل" الماء؛ ليخترن المتزنة لتكون متزنة في حملها لأبناء المستقبل.

"مالك نصيرات" وهو مدرّس في تربية "درعا"، تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 15 تموز 2016، عن المزايا التي كانت منتشرة في المجتمع الحوراني منذ زمن بعيد، والتي كانت تبرز في حياة سكان الريف والمناطق التي تنتشر فيها الينابيع، ومنها مزية "سطل" الماء التي كانت ميزة مهمة، وعنها يقول: «أربع مزايا تطلب المرأة للزواج لأجلها، وزاد أهل "حوران" فيما مضى مزية خامسة، لانتقاء العروس فضلاً عن دينها و جمالها ومالها وحسبها، وهي مزية "سطل الماء"؛ فمن أجل انتقاء زوجة المستقبل كان الشاب يطلب من أمه أو أخته مراقبة العروس الهدف، وهي تسير في درب "الملايات"؛ وهن الفتيات اللواتي كنّ يجلبن الماء من بئر القرية إلى المنازل، يحملنه بـ"سطل" أو دلو على الرأس من دون الإمساك به متوازناً من تلقاء ذاته، فالتي تمد يدها لتمسك "سطلها" كانت تعدّ نقيصة، والأنكى من ذلك وصلت دقة الانتقاء إلى أن يقال: "إن فلانة بنت فلان شوهدت، وبعض نقاط الماء بللت ثوبها الشرش"؛ وهذه أيضاً نقيصة؛ فـ"الشطارة" كانت حقيقة هي المزية الخامسة من مزايا العروس، وذلك حرصاً منهم لأن يكون مصنع أبنائهم وبناتهم أمهات "شاطرات"، معدلات، دقيقاتٍ بكل ما يفعلنه، والأهم من كل ذلك متزناتٍ حتى في حملهنَّ لـ"سطل" الماء، وبذا سوف يكنَّ متّزنات في حملهن لأبناء المستقبل».

المرأة في "حوران" كانت من مزاياها أنها قادرة على نقل الماء من العين، في "سطل" تنقله على رأسها وهي متوازنة، وهذه تعدّ ميزة للفتاة التي لا ترفع يدها لتثبيت "السطل" على الرأس، وكان هناك سباق بين الفتيات بمن تحمل "سطل" الماء من دون "حواية"؛ وهي قطعة قماش تنظمها الفتاة وتضعها على رأسها تحت "السطل"، وكان هذا يلفت نظر النساء المتقدمات في السنّ لتزويج أبنائهن، وأحياناً تخرج المرأة مع ابنها وتقف معه على درب "الملايات" لتختار له الفتاة التي سيتزوجها ويرتبط بها، وتعدّ مرشحة أكثر للزواج من لا تضع "حواية"؛ لأنه من وجهة نظرهن إمكانياتها أكثر من غيرها

الدكتور "نبيل السعدي" أحد سكان مدينة "درعا" وناشط في العديد من القضايا التي تهمّ المجتمع، وعين مؤخراً سفيراً للسلام العالمي، قال: «كانت النسوة أو الريفيات يذهبن إلى عين الماء في الريف، وهي بئر ماء كبيرة، فكانت كل امرأة منهن تحمل على رأسها جرة ماء تتسع لنحو 20 ليتراً تقريباً، وتحملها من عين أو بئر الماء إلى بيتها، وكنّ يتباهين أن كلاً منهن تحمل على رأسها جرة من دون أن تمسكها بيدها، ولا تخشى عليها من السقوط. لقد كنّ يتحكّمن بحركة رؤوسهن بحركات ثابتة، بينما كانت منطقة الورك أو الخصر هي التي تتحرك، ولكي ترتكز الجرة بثبات على رأس المرأة كانت تعمد على لف قطعة قماش بشكل دائري وتضعها على رأسها، ثم تقوم بمفردها أو بمساعدة غيرها بوضع الجرة على رأسها، وتسير النسوة وكأنهن في موكب حتى تصل كل منهن إلى بيتها؛ وهذه العادة تراقبها كبيرات السنّ من السيدات لمراقبة الفتيات اللواتي يعدن من النبع لاختيار الأكفأ، وتكون صاحبة مقدرة على حمل الدلو على رأسها، لاختيارها رفيقة درب وزوجة لأولادهن الذين يبحثون عن فتاة للزواج».

"الملايات" على درب النبع

الأديب والكاتب والشاعر "إسماعيل العمار" تحدث لنا عن هذه المزية المنتشرة في الريف الحوراني سابقاً، يقول: «المرأة في "حوران" كانت من مزاياها أنها قادرة على نقل الماء من العين، في "سطل" تنقله على رأسها وهي متوازنة، وهذه تعدّ ميزة للفتاة التي لا ترفع يدها لتثبيت "السطل" على الرأس، وكان هناك سباق بين الفتيات بمن تحمل "سطل" الماء من دون "حواية"؛ وهي قطعة قماش تنظمها الفتاة وتضعها على رأسها تحت "السطل"، وكان هذا يلفت نظر النساء المتقدمات في السنّ لتزويج أبنائهن، وأحياناً تخرج المرأة مع ابنها وتقف معه على درب "الملايات" لتختار له الفتاة التي سيتزوجها ويرتبط بها، وتعدّ مرشحة أكثر للزواج من لا تضع "حواية"؛ لأنه من وجهة نظرهن إمكانياتها أكثر من غيرها».

السيد مالك نصيرات
الدكتور نبيل السعدي