تعدّ الأدوات التراثية القديمة في "حوران" إرثاً لتواصل الأجيال مع الأجداد، ومنها "الغربال" الذي يعد جزءاً من التراث، وله صلة وثيقة بعادات الغذاء وتقاليده، عرفته جداتنا كأداة من أدواتهن المنزلية الأساسية، ولا يغيب عن موسم الحصاد بعد درس القمح.

"الغربال" و"الجربالة" و"المقطف"، هي من أنواع الغرابيل التي تستخدم في "حوران" لتنقية حبوب القمح من الشوائب، حدثنا عنها "عمار الحشيش" المهتم بالتراث من مدينة "درعا"، ويقول لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيار 2016: «في تراثنا الشعبي كان للغربال حضور قوي في حياة الناس من الناحية العملية، والمجازية؛ فمن الناحية العملية كان "الغربال" من الموجودات الأساسية في كل بيت من أجل غربلة القمح قبل إرساله إلى المطحنة، وغربلة العدس والشعير و"الكرسنة" وما شابهها من الحبوب، وكان أحد أهم حاجيات المنزل في الريف الحوراني، قلما تجد منزلاً لا يوجد فيه غربال، وقد يعلق في المضافات كرمز من رموز التراث والفلكلور.

مازال أبناء "حوران" يهتمون بالمسميات والمفردات التراثية وجمعها، وحفظ كل الأدوات والأشياء التراثية التي استعملت في الماضي، والتي ربما اندثر منها الكثير، وأصبح في طي النسيان، لكن بعضها الآخر لا يزال قيد الاستعمال، وذكراها بقيت خالدة في أذهان من عاصروها وعاشوا معها في ربيع عمرها وأوج مجدها، ومنها "الغربال" وبعض الملحقات والمسميات التي تشبهه، ويستعملها أبناء "حوران"، وخصوصاً النساء في العديد من الأعمال في الحقل والخبز والأكلات المهمة، مثل الفطائر الحورانية

ومن أهم أنواع الغرابيل "الجربالة" الخشنة، وتكون فتحاته متسعة نسبياً، حيث تسمح من خلالها بنفاذ الحبوب والأتربة والحصى الصغيرة، بينما تحتفظ بالشوائب الأكبر، كالحصى والقش و"القصل"».

الغربال

"محمد الإبراهيم" أحد سكان مدينة "درعا" يقول: «مازال أبناء "حوران" يهتمون بالمسميات والمفردات التراثية وجمعها، وحفظ كل الأدوات والأشياء التراثية التي استعملت في الماضي، والتي ربما اندثر منها الكثير، وأصبح في طي النسيان، لكن بعضها الآخر لا يزال قيد الاستعمال، وذكراها بقيت خالدة في أذهان من عاصروها وعاشوا معها في ربيع عمرها وأوج مجدها، ومنها "الغربال" وبعض الملحقات والمسميات التي تشبهه، ويستعملها أبناء "حوران"، وخصوصاً النساء في العديد من الأعمال في الحقل والخبز والأكلات المهمة، مثل الفطائر الحورانية».

الحاج "محمود الدوس" أحد كبار السن في مدينة "بصرى" يقول: «كان "الغربال" سيد البيدر في مناطق "حوران"، حيث تتساقط من بين ثقوبه كل حبات "الزوان"، ويبقى القمح بلونه الذهبي يعانق شمس حزيران وتموز ليمد الناس بكامل قوتهم عبر عام قادم، وكانت النساء "تقرقر على البيادر"؛ أي يكون مع المرأة "غربال" وتأتي في موسم الحصاد بعد درس القمح وتملؤه بـ"التبن"، وتجمع القمح مع الحصى وما بقي على البيدر وتغربل به، وكان هناك العديد من الأمثال الشعبية ذات الخصوصية عن "الغربال"، وأشهر هذه الأمثلة وأكثرها انتشاراً المثل القائل: "اللي ما بشوف من الغربال أعمى"، ويقولون عن محاولة حجب الحقيقة: "الشمس ما تتغطى بغربال"، وإذا وبخ أحدهم الآخر، يقولون: "غربله ع الناعم"، ويقال: "غربله بغربال أعمى"، والغربال الأعمى هو الغربال ذو الثقوب الضيقة؛ وهذا يعني أنه كان قاسياً عليه، وضيق عليه الخناق».

تنقية حبوب القمح من الشوائب

للغرابيل أنواع متعددة وأحجام وأشكال مختلفة، وهنا يقول المهندس "سليمان بدران": «"الجربالة"، "المقطف"، "الغربال"، من أنواع الغرابيل، تتكون من إطار خشبي يبلغ عرضه نحو ثمانية سنتيمترات، وثخانته أقل من 1سم، ملتف بشكل دائري خشبي ليشكل إطاراً دائرياً بقطر يزيد على نصف المتر، وتستخدم لتنقية حبوب القمح من الشوائب، لكنها تختلف عن بعضها بحجم فتحاتها، فـ"الجربالة" تحتوي فتحات أكثر اتساعاً من فتحات المقطف، وفتحات "المقطف" تكون أكثر اتساعاً من فتحات "الغربال"؛ مزودة من الأسفل بثقوب تمرر من هذه الثقوب خيوطاً من أمعاء الأغنام المجففة، تنسج وتتقاطع داخل الإطار لتشكل بتقاطعها مع بعضها فتحات صغيرة، تكون أكثر اتساعاً في "الجربالة" وأقل اتساعاً في "المقطف"، وأصغر منهما في "الغربال"، وكان الناس الرحّل مختصين بصناعة "الغربال" وملحقاته، يتنقلون بين الأرياف أيام مواسم الحصاد والبيادر، ويتقاضون أجوراً قليلة، أو يحصلون على المؤونة من القمح والبرغل والزيت والعسل بدلاً من أجورهم».

سليمان بدران