طواحين حجرية دارت رحاها على امتداد أكثر من مئة عام على ضفاف "نهر اليرموك"، تعدّ ملتقىً سياحياً وتجارياً واجتماعياً، وبعداً مهماً لأبرز أنهار المنطقة نظراً لغزارة مياهه، ومروره بأراضي "سورية" و"الأردن".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 تشرين الثاني 2015، "عبيدة منصور" أحد سكان قرية "زيزون" التي يمر من جانبها "نهر اليرموك"، فحدثنا قائلاً: «يمثل "نهر اليرموك" علاقة خاصة مع سكان المناطق المحاذية له، تمتزج معه ذكريات بنكهة خاصة يرافقها شعور جميل عند استرجاعها يبعث الأمل في نفس الإنسان، فذكرياتنا الطفولية ما تزال تزخر بأفضل اللحظات التي مررنا بها، كنّا ننزل إلى النهر لالتقاط الصورة التذكارية ومشاهدة الطبيعة الساحرة في فصل الصيف، وفي الشتاء كان الرجال والنساء ينزلون لجمع الفطر والخبيزة والشومر و"الجعدة" لتناولها في الأيام الممطرة والباردة».

يمثل "نهر اليرموك" علاقة خاصة مع سكان المناطق المحاذية له، تمتزج معه ذكريات بنكهة خاصة يرافقها شعور جميل عند استرجاعها يبعث الأمل في نفس الإنسان، فذكرياتنا الطفولية ما تزال تزخر بأفضل اللحظات التي مررنا بها، كنّا ننزل إلى النهر لالتقاط الصورة التذكارية ومشاهدة الطبيعة الساحرة في فصل الصيف، وفي الشتاء كان الرجال والنساء ينزلون لجمع الفطر والخبيزة والشومر و"الجعدة" لتناولها في الأيام الممطرة والباردة

بينما تحدث "عمار الحشيش" مدير غرفة سياحة المنطقة الجنوبية قائلاً: «اعتمد عليه أهالي وسكان القرى التي يجري النهر على جانبيها أو يمر فيها؛ ففيه كل ما يحتاج إليه الإنسان من أمور الحياة، من زراعة ورعي وتجارة حتى الصناعة مثل صناعة الفخار من الماء والطين، كان الرجال والنساء ينزلون إلى الوادي من الصباح حتى المساء لغسل الثياب بمياه النهر ومياه الشرب من الينابيع التي تغذي النهر وإلى هذا التاريخ، وغسل الصوف الذي يجز من الغنم خلال موسمه، وجني النباتات الطبيعية، وقطف الفاكهة مثل الصبار والتين و"الخروب"، ثم يعودون إلى منازلهم يحملون ما جمعوه من خيرات الأرض التي ترتوي من النهر».

ياسر السعدي مدير سياحة درعا

كانت الطواحين التي دارت رحاها على امتداد أكثر من مئة عام، ملتقىً تجارياً لأهالي المناطق المحاذية للنهر، ويتابع الدكتور بالقانون "يوسف المنجر" أحد المهتمين بالتراث الحوراني: «انتشرت الطواحين المائية في المناطق التي يمر فيها "نهر اليرموك" فيما مضى، وتمثل ملتقىً تجارياً واجتماعياً، حيث كان يزورها الناس من العديد من المناطق مثل "حوران، وجبل العرب، والكسوة، وشمال الأردن، والجولان"، ولهذا كان يطلق عليها تسمية منطقة طحن العرب، والسبب في ذلك أنها الوحيدة قبل ظهور طواحين الديزل والكهرباء، ومن الطبيعي أن يحصل نتيجة هذا التجمع حول النهر ألفة وتعارف بين الناس إضافة إلى تبادلهم للحبوب، ومنهم من يرعى أبقاره وأغنامه على جانبي النهر حيث الأعشاب البرية، ومنهم من يجمع الحطب الذي يستفاد منه بأمور الموقد، وكان يتبع السكان شيئاً جميلاً وعادة تسمى "الرد"؛ أي كمية من الحبوب تعطى لمالكي الطاحونة، وكان النهر يؤمه جميع السكان من المناطق القريبة للتمتع بالمناظر المنتشرة على أطرافه، والنزول إليه ليعيشوا مغامرة مسلية».

تزخر سفاح وجوانب النهر أثناء مروره وجريانه بالعديد من القرى والأماكن الأثرية، وهنا يتابع "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني: «يمر النهر بأهم الأماكن السياحية والأثرية في المنطقة، ومنها كنيسة "حيط" التي تشتهر بأرضيتها المرصوفة بالفسيفساء، وتحتوي بقية المناطق على الكتابات القديمة "اليونانية" والعناصر المعمارية والظواهر الأثرية المنتشرة فيها، حيث تشير إلى ازدهار هذه المناطق من العصور الكلاسيكية الرومانية والبيزنطية، وتكثر فيها الأجران وتيجان الأعمدة وقطع المعاصر و"الجواريش" الحجرية، ومنشآت مائية ومدافن ومطاحن مائية، كما تحتضن جوانب النهر الغابات بين شعابه التي تضم أنواعاً غنية من الأزهار التي تمتاز بفوائدها التزيينية والطبية كالبابونج والنعناع البري والنرجس والكأسي، والتي تمثل رئة حية تنشر في هذه المناطق أرق عطورها».

نهر اليرموك

يقول "ياسر السعدي" مدير السياحة بمحافظة "درعا": «يعدّ نهر اليرموك من أهم الأنهار في المنطقة نظراً لغزارة مياهه ولكونه يمر في أراضي بلدين شقيقين هما سورية والأردن، ويشمل حوض اليرموك تلك الأراضي التي تقع في ثلاث محافظات، هي: "درعا، والسويداء، والقنيطرة"، إلى جانب تلك الأراضي التي تقع في الأردن وتمثّل القاع للأودية التي ترفد نهر اليرموك، يبلغ طول النهر 40كم، منها 23كم في "سورية"، والباقي في الأردن وفلسطين، ويصب فيه خمسة روافد رئيسة، هي: "الزيدي، أبو الذهب، الهرير، العلان، الرقاد"، وأكثرهما غزارة: "أبو الذهب" الذي ينبع من جبل العرب مروراً ببلدة "الغاريه الشرقية والغربية والهرير"، وتبلغ مساحة حوضه بحدود 7584كم2. و"نهر الأردن" في جنوب بحيرة طبريا؛ ليشكلا معاً ما يسمى نهر الشريعة».

مجرى النهر