أكلة تراثية حورانية قديمة، تأخذ اهتماماً كبيراً من قبل الأهالي في الشتاء، مرتبطة بقيم الاهتمام بالضيف، سهلة التحضير، ومكوناتها من المؤونة المنزلية.

الملخص: أكلة تراثية حورانية قديمة، تأخذ اهتماماً كبيراً من قبل الأهالي في الشتاء، مرتبطة بقيم الاهتمام بالضيف، سهلة التحضير، ومكوناتها من المؤونة المنزلية.

يحتسي أهل "حوران" هذه الأكلة من "السحلة"، وهي وعاء من النحاس مقعر له قاعدة صغيرة تحيط بها، وهي ترتشف ولا تشرب، حيث ترتشف رشفة تلو الأخرى بكلتا الشفتين، بسبب حرارتها التي تكون عالية، لذلك نسميها "الرشوف"

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 شباط 2015، "محمود الدوس" أحد كبار السن في مدينة "درعا"؛ الذي تحدث عن "الرشوف" إحدى الأكلات المهمة في "حوران"، ويقول: «تُطلب هذه الأكلة بكثرة من أهالي "حوران" المتقدمين بالسن، وخاصة عند اجتماع أفراد العائلة من أبناء وبنات وأحفاد في منزل كبير العائلة الجد أو وجه العشيرة، للمحافظة على الإرث التاريخي الذي يتجسد في المعاني الكبيرة التي تحملها الأكلة من إكرام الضيف والاهتمام به، لذلك تعد تراثاً مميزاً لأهل المنطقة توارثتها النساء من الأمهات والجدات، وهي من الأكلات المميزة التي تخلق جواً اجتماعياً وألفة أسرية بين العائلات، حيث تؤكل ساخنة وإلى جانبها بعض المقبلات والزيتون والزيت وخبز "الشراك"، الذي يفضل بعض الأشخاص تقطيعه ووضعه في إناء وسكب "الرشوف" عليه وتناوله ساخناً، خاصةً أن الإقبال على هذه الأكلة يكون بكثرة في فصل الشتاء».

تجهيز اللبن

وفي لقاء "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني يقول: «توجد تلك الأكلة على معظم موائد أبناء قرى "حوران"، وعلى الرغم مما أفرزته الحداثة من أنواع المأكولات الحديثة إلا أن الأكلات الشعبية التي عرفها الناس منذ أقدم العهود مازالت موجودة ومحافظة على أصالتها، وتلاقي إقبالاً كبيراً في المناسبات الاجتماعية، و"الرشوف" من أهم الأكلات التي يتميز بها المطبخ الحوراني الذي يضم عدداً كبيراً من "الطبخات" التي تختلف من منطقة إلى أخرى، يتناقلها الأجيال ويضيفون إليها لمستهم الخاصة».

"عبيدة الزعبي" أحد سكان مدينة "درعا" تحدث عن سبب تسمية "الرشوف" فقال: «يحتسي أهل "حوران" هذه الأكلة من "السحلة"، وهي وعاء من النحاس مقعر له قاعدة صغيرة تحيط بها، وهي ترتشف ولا تشرب، حيث ترتشف رشفة تلو الأخرى بكلتا الشفتين، بسبب حرارتها التي تكون عالية، لذلك نسميها "الرشوف"».

السيد محمود الدوس

أما "زهير الجندي" أحد سكان مدينة "نوى" فيقول: «ترتبط هذه الأكلة بمواسم الحصاد ومواسم القمح والبيدر، وتعد من أهم الأكلات الشتوية المتداولة في منطقة "نوى"، فلها تاريخ وأهمية كبرى لدى كبار السن، يطلبونها باستمرار مع أكلات "الجعاجيل" و"المرقد" و"الرقاقة"، وهي سهلة التحضير لوجود موادها الأولية في مؤونة المنزل».

وعن طريق إعداد هذه الأكلة تقول "حمده الصبيح" إحدى سكان منطقة ضاحية "درعا": «في بداية إعداد الأكلة تكون ربة المنزل قامت بسلق كوب من العدس الحب نصف سلقة، وكوب من الحمص الحب المنقوع، تقوم بعدها بغلي اللبن المخضوض أو "الجميد"، ويضاف إليه خليط العدس والحمص و"جريش" القمح ويغلى جيداً، ونضع بعدها اللحم المسلوق مسبقاً إذا فضلت ربة المنزل ذلك، وقبل انتهاء الأكلة يقلى البصل في الزيت وعندما يصبح لونه أشقر يضاف إليها، وهنا تكون "الرشوف" جاهزة لتناولها؛ حيث تسكب في إناء كبير وتقدم للعائلة أو الضيوف».

الباحث في التراث الحوراني "محمد فتحي المقداد" يقول: «أكلة "الرشوف" من الأكلات الحورانية التقليدية، وهي من الموروث الشعبي المهم، ومن أكثر الأكلات شهرة وتداولاً في أوقات البرد والثلج، باعتبارها من الأكلات الساخنة التي تنشط الجسم وتمنع الإصابة بأمراض الشتاء، إضافة إلى أنها أكلة في متناول الجميع الأغنياء والفقراء، وتقوم في أساسها على الحبوب واللبن أو "الجميد"، حيث يحرص العديد من أبناء "حوران" على إعدادها وتناولها في هذا الفصل».