ارتبط الحجر الأسود البازلتي مع مناطق حوران عبر العصور، حيث لا تجد موقعاً أثرياً أو مسجداً قديماً أو معبداً أو منزلاً اثرياً إلا مبنياً من الحجر الأسود المتناهي الدقة حيث تبرز أهميته بسب انتشاره في المحافظة، ووجود احتياطيات ونوعيات جيدة كثيرة منه.

الباحث في التراث "إبراهيم الشعابين" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13/4/2013 فقال: «الحجر الأسود رمز من رموز المنطقة، لذلك تتصف علاقة أبناء حوران بالحجر بارتباط طويل عبر العصور، بداية من رؤوس الرماح الحجرية المخصصة للصيد، والأدوات الحجرية الأولى عبر عصر كامل امتد عشرات آلاف السنين سمي العصر الحجري، إلى القلاع والحصون والبيوت الأولى والكهوف المنتشرة بالأودية، ومنطقة اللجاة شكلت الكتاب الإنساني الأول، وهذه العلاقة لها خصوصية رسمها انتشار هذا النوع من الحجارة في المنطقة واستخدامه بكثرة في البناء تاريخياً وفي الاستثمار في الوقت الحالي».

الحجر الأسود رمز من رموز المنطقة، لذلك تتصف علاقة أبناء حوران بالحجر بارتباط طويل عبر العصور، بداية من رؤوس الرماح الحجرية المخصصة للصيد، والأدوات الحجرية الأولى عبر عصر كامل امتد عشرات آلاف السنين سمي العصر الحجري، إلى القلاع والحصون والبيوت الأولى والكهوف المنتشرة بالأودية، ومنطقة اللجاة شكلت الكتاب الإنساني الأول، وهذه العلاقة لها خصوصية رسمها انتشار هذا النوع من الحجارة في المنطقة واستخدامه بكثرة في البناء تاريخياً وفي الاستثمار في الوقت الحالي

الباحث في التراث "محمد فتحي المقداد" أضاف: «الحجر الأسود في حوران أداة تعبير وتواصل حضاري، فقد نحت الإنسان القديم عبر العصور الآلهة ليعبدها ويسكن داخلها، وزين بها القصور واستخدمها لتخليد الملوك عبر التماثيل. وشكلت مادة الصخر البازلتي المنتشرة في أراضي محافظة "درعا"، مادة أساسية لبناء القلاع القديمة منها "دير البخت والمزيريب وبصرى"، وبناء الكنائس والأديرة والمعابد القديمة، عدا بناء المدرجات وتشكيل التماثيل المنحوتة التي جسدت وقائع الحياة المعيشة عبر تاريخ المنطقة، لذلك تنتشر الحارات الصخرية في كل مدن المحافظة».

منازل من الحجر الاسود

السيد "هشام حرفوش" أحد المهتمين بالتراث الحوراني قال: «شكل الحجر الأسود المادة الأولى التي حفظت إبداع الإنسان، فالرسوم التصويرية على جدران الكهوف شكلت الكتاب الإنساني الأول، وتشكيل التماثيل المنحوتة التي جسدت وقائع الحياة عبر تاريخ مناطق حوران التي كشفت عنها التنقيبات الأثرية، كما هو الحال في مدافن "تل الأشعري واليادودة ومنارة الشريف وشعارة والشرايع وصور اللجاة"، والتي تؤرخ لعصر البرونز الوسيط، وهي الفترة التي أقام فيها الكنعانيون في هذه المنطقة، لذلك كان للحجر الأسود شأن واهتمام لدى أبناء حوران الذين ما زالت اهتماماتهم تبرز لهذا النوع من البناء، لما يتمتع به من مزايا عديدة كالقساوة ووجود مادة الصوف الصخري التي تستخدم في العزل، ولما يعطيه اللون الأسود الموجود في الحجر من جمالية لشكل البناء».

الفنانون والنحاتون استخدموا وجسدوا على هذه الحجارة السوداء أعمالهم الفنية ومنهم الفنان "إبراهيم أبازيد" الذي قال: «حولت صخوراً سوداء كبيرة تزن واحدة ما يقارب 117 طناً، وأخرى 7 أطنان إلى كتاب صخري يوثق لمنجزات الحضارة الإنسانية وتاريخ حضاراتها، على عناوين رئيسية ليحمل العمل الصخري عنوان رسالة حب وسلام للعالم، إضافة إلى منحوتات أخرى تتفاوت أحجامها وجميعها من صخور البازلت السوداء، رسالة يبرز فيها حوار الحضارات في زمن تباعدت فيه المسافات، ولا تجمعه سوى حضارته وعراقته وتاريخه، ليوصلها من بلد صنعت فيه الحضارات. يبرز اهتمامي بالحجر البازلتي لكوني استفيد من الانتشار الواسع للبازلت في المحافظة، ووجود نوعيات جيدة مناسبة لإقامة منحوتات بازلتية كبيرة».

المهندس رامي بدران

أما المهندس المعماري "رامي بدران" فقال: «تبرز أهمية الحجر البازلتي والعودة إليه في دلالة لضرورة استثمار العناصر الطبيعية المحيطة بنا، واستثمار تطورات العلم الحديث لترسيخ علاقة نموذجية تخدم الإنسان ولأهميته في الجانب العملي والاستثماري، مع تواصل التجارب والأعمال في استثمار الصخر البازلتي حيث تمثلت في بيوت بلا أعمدة في بلدة "بصير"، صممها الدكتور "رئيف مهنا" الأستاذ في كلية العمارة، ومن أجمل تصاميمه منزله المشاد من عام 1992 الذي فاز بجائزة "الآغا خان" العالمية لأفضل تصميم للبيوت العربية الخالية من الأعمدة، والمصممة بطريقة القبب والقبوات ومن الحجر الأسود البازلت.

وقد استفاد أهالي حوران من الانتشار الواسع للبازلت في المحافظة، ووجود احتياطيات كبيرة ونوعيات جيدة مناسبة لإقامة مشاريع صناعية متطورة، وبسبب قدرة الحجارة على مقاومة العوامل الطبيعية، إضافة لمتانته التي قد يستغني فيها المصمم عن الأعمدة، أما بالنسبة إلى الناحية الجمالية فتبرز جماليته بلونه الأسود الذي يضفي على المنشأة الجمالية، ووجود كميات هائلة من الأحجار البازلتية الناتجة عن عمليات استصلاح الأراضي».

كنائس من الحجر الاسود