اشتهرت محافظة "درعا" منذ القدم بغناها بالصناعات الريفية اليدوية، التي تسد حاجة القرى وتحمل قيماً فنية تتمثل بالزخارف العربية التقليدية الملونة.

فهذه الصناعات اليدوية تسد احتياجات القرى والبلدات في "حوران" من المنتجات الخشبية والصوفية البسيطة مثل "صندوق العروس، الخزن الخشبية الصغيرة، الكراسي، دلو المطحنة، المحراث، البسط، السجاد، الخرج، الفرشات، الكنزات"، إضافة لصناعة "أطباق القش والمناسف والحصر والسلال والكواره وحجر الطاحون".

تمر صناعة السجاد والبسط بعدة مراحل أولها قص الغنم في بداية الربيع، وجمع الصوف ثم غسله وغزله وصباغته ثم صنعه ونسجه، وتستغرق هذه العملية فترة طويلة لأنها تعتمد على جهود المرأة الفردية. أما "الحصر" فتصنع من نبات أخضر طويل ينمو على ضفاف الأنهار والبحيرات ويسمى السل وينتهي برأس شوكي مدبب، حيث تقوم المرأة بجمع هذه النباتات وتبدأ بصناعة الحصيرة باستخدام نول مثبت بأوتاد

يقول السيد "تيسير الفقيه" باحث في قضايا التاريخ والتراث "الحوراني" لموقع "eDaraa" بتاريخ "12/12/2011": «اكسبت التجربة والممارسة أبناء "حوران" خبرة في تطوير العديد من الصناعات اليدوية المعروفة بما يتلاءم مع حياتهم واحتياجاتهم، كالصناعات التي تتم على النول القديم، إذ يبرز فيها الحائك الذوق الفني الزاخر في صناعة البسط والسجاد.

الباحث تيسير الفقيه

وعلى الرغم من التطور الذي شمل مختلف مناحي الحياة، لا تزال بعض الصناعات الريفية تلقى رواجاً، وتعرض منتجاتها في المعارض التراثية والفنية، إضافة لاستخداماتها من قبل كبار السن ولاسيما في الأرياف».

صناعة القش إحدى أهم الصناعات التي كانت تنتشر في الريف الحوراني، ساعدها في ذلك وجود القرى والبلدات الحورانية مجاورة لسهول القمح، وعن تلك الصناعة تحدث "الفقيه": «تعتمد على "القصل" سوق القمح بعد الحصاد، حيث تجمع القصلات من المحصول وتوضع في الماء حتى تلين، ثم تقوم المرأة بصناعة أدوات منها مثل "المنسفة" وهي وعاء على شكل دائرة نصف قطرها /20/ سم تستخدم لوضع الخبز عليها.

الباحث نضال شرف

و"الجونة" عبارة عن وعاء يبلغ عمقه /50/ سم ويستعمل لوضع القمح والطحين وأنواع الحبوب المختلفة، ويتسع لنحو /20/ كغ، ويسمى أحياناً "المغمقان"، و"القبعة" وهي كالجونة ولكنها أصغر منها وسعتها نحو /10/ كغ، و"المرجونة" وتستعمل لحفظ الخبز من الجفاف وخزن البيض، وشكلها هرمي تقريباً متسعة من الأسفل وضيقة من الأعلى، ولها غطاء من القش. و"طبق العجين" وهو عبارة عن وعاء مستدير الشكل توضع عليه أقراص العجين قبل خبزها، و"طبق السفرة" وهو وعاء كبير المساحة دائري الشكل نصف قطره /50/ سم يستعمل لوضع الطعام عليه أثناء الأكل».

وأتقن أهالي"درعا" صناعة الفرن الحوراني المشهور والأدوات الزراعية يقول "الفقيه": «يصنع الفرن من الطين المخلوط بنبات يسمى "الطريش" ويشوى بالنار حتى يتصلب ويتماسك، ويتألف الفرن من الغطاء العلوي "السمامة" وهو من التنك وغطاء جانبي وقطعة خشبية تسمى "المقحار"، وحجر الخباز وهو مقعد تجلس عليه الخبازة، ومجرفة صغيرة لرفع الرماد المتراكم يومياً، ويستخدم لصناعة الخبز والمعجنات المختلفة وعمليات شي اللحوم وغيرها.

صناعة البسط

كما صنع الفلاح الحوراني أدواته الزراعية "كالعود "المحراث" والنورج ولوح الدراسة والكدانة والسرج والكراسي والصناديق التي تستخدم في حياته اليومية". و"حجر الرحى" (الجاروشة) وهو عبارة عن حجرين مستديرين قطر كل حجر /50/ سم وسماكته /10/ سم أحدهما مثقوب في وسطه. وتستخدم عن طريق تدويرها باليد لجرش وطحن الحبوب وذلك بعد رشها بالماء».

وحول صناعة آلات الطرب ذكر السيد "نضال شرف" باحث في قضايا التاريخ والتراث "الحوراني": «أبدع سكان "درعا" في صناعة آلات الطرب لاستخدامها في الأفراح وعملوا على تطويرها وتزيينها بالنقوش البسيطة لتعطي أنغاماً وإيقاعات جميلة.

فقد صنعوا الدف وهو عبارة عن إطار خشبي دائري الشكل يركب عليه من ناحية واحدة جلد حيوان معالج، والربابة وهي هيكل خشبي مستطيل الشكل عرضه /25/ سم وطوله /50/ سم، ملفوف بجلد حيوان مصنع، ولها وتر من شعر ذيل الفرس مشدود من الطرفين فوق الهيكل، ويرفع هذا الوتر بقطعة خشب صغيرة مصنعة تسمى "الغزال".

والشبابة وهي آلة موسيقية مفرغة من الداخل مصنوعة من نبات القصيب أو القصب الذي ينمو في الأودية طولها /50/ سم، ومثقوبة خمسة ثقوب بعدد أصابع اليد الواحدة، ويتم العزف عليها بواسطة النفخ وتحريك الأصابع على الثقوب، والمجوز وهو آلة موسيقية تتألف من قصبتين مفرغتين كل قصبة مثقوبة خمسة ثقوب».

ومن الصناعات الريفية المميزة في "حوران" أعمال الإبرة والخياطة وعن ذلك قالت السيدة "عائشة مسلم" من أهالي مدينة "جاسم": «يظهر شغل الإبرة أكثر ما يظهر في ثياب المرأة الخارجية، وعمل الإبرة وقف على النساء في الأغلب فهن وحدهن اللواتي يحسنّ الصنعة ويتسابقن في إظهار الجمال المتقن في عملهن. فقد عرفت عدة أنواع وأشكال من التطريز منها ما يسمى "نثر القهوة ونثر السمسم ونثر الرز والمثلثات والتعاريج والقناطر ودوسة القطة وحبة الحلو وعيون الحجل والسيوف المتقاطعة والنجمة الثمانية".

كما قامت بتطريز وصناعة الحزام الملون أو ما يسمى "الشويحية" وهو حزام يستعمله الرجل والمرأة، مصنوع من الصوف الملون وينتهي بأهداب من الصوف في نهايته وبدايته».

وأجادت المرأة الحورانية صناعة السجاد والبسط والحصر وفي هذا الخصوص ذكرت السيدة "فاديا هلال" من أهالي مدينة "الشيخ مسكين": «تمر صناعة السجاد والبسط بعدة مراحل أولها قص الغنم في بداية الربيع، وجمع الصوف ثم غسله وغزله وصباغته ثم صنعه ونسجه، وتستغرق هذه العملية فترة طويلة لأنها تعتمد على جهود المرأة الفردية.

أما "الحصر" فتصنع من نبات أخضر طويل ينمو على ضفاف الأنهار والبحيرات ويسمى السل وينتهي برأس شوكي مدبب، حيث تقوم المرأة بجمع هذه النباتات وتبدأ بصناعة الحصيرة باستخدام نول مثبت بأوتاد».