ما إن يبدأ فصل الشتاء ودخول برده إلى البيت حتى تبدأ مهمة تدفئة البيت بفرش أرضيته بالبسط أو السّجاد أو حتى الموكيت “حديثا”.

ويعتبر البساط الحوراني من أعرق الصناعات اليدوية التقليدية التي ورثها الأبناء عن الأجداد من ناحية، ولكونه ممزوجاً بعبق تاريخ المنطقة العريق والأصيل من ناحية ثانية.

التوازن بين الأسلوب التقليدي والحديث يولد الطابع الذي يعتبر ملائماً لحياة اليوم، ويعيد إلى التصميم العربي رونقه وروعة فنه. حيث تصنع الفلاحة الحورانية السجاد "الزل أو الزلية" الذي تمد به أرضية الغرف لجلب الدفء في الشتاء، ومنع الرطوبة صيفاً، وهذه الصناعة تمر بعدة مراحل أولاً قص الغنم في بداية الربيع، وجمع الصوف، ثم غسله، وغزله، ثم صباغته، بعدها صنعه ونسجه. وتستغرق هذه العملية مدة طويلة لأنها تعتمد على جهود المرأة الفردية

وهو متعدد الأشكال والألوان وتتم صناعته من خلال نسجه على النول اليدويّ البسيط، المصنوع من الخشب والذي يتم تحريكه بالأرجل.

تجهيز النول للبدء بالعمل

ولا تزال صناعة السجاد والبسط الشعبية في حوران تلقى رواجا وانتشارا واسعا بين الناس على الرغم من ارتفاع اسعار المواد الاولية التي تدخل في صناعتها كالغزول والأصباغ علاوة على الأيدي العاملة.

الآنسة "ميسون أبو السل" مدربة في الوحدة الإرشادية بمدينة "نوى" تحدثت بتاريخ 18/12/2011 عن آليات صناعة البسط والمواد الداخلة فيها بالقول: «صناعة السجاد تتكون من جزأين مهمين، الوَبَر أو الوجه، والظهارة، والوبر هو السطح العلوي بينما الظهارة هي السطح السفلي. ويصنع السجاد بطريقة تسمى التَعنْقد ويصنع الجزء الآخر بأسلوب النسيج أو بطرق أخرى. وتقسم طبقا لوبرها وبنيتها. وتوجد العديد من الأنواع الرئيسية من البسط والسجاد: القَطع والعَقد- المخمل- العقَد المستوية- الخشن- السكسوني- الفريز- قص الطرف، ويختلف السجاد الناتج طبقاً للطريقة التي يتم بها نسيج وبر الغزل في الظهارة، ويصنع كل نوع منها على نوع مختلف من الأنوال، بينما تصنع الظهارة للأنواع الثلاثة أساساً بنفس الطريقة. وتتم حياكة البساط بقياسات متنوعة وحسب الطلب، ويجري زخرفة البساط بأشكال هندسيّة تتوسّط البساط، أو بخطوط ملوّنة متساوية».

الباحث إبراهيم الشعابين

وعن آليات صناعة السجاد بالطريقة اليدوية تحدثت الآنسة "سلوى القرضان" من وحدة "نوى" الإرشادية بالقول: «نقوم بصناعة السجاد عن طريق النول الذي يثبت ببراغ يتم رفعها وإنزالها، ويوجد فيها مطوة متحرك وآخر ثابت. المتحرك نقوم من خلاله بقلب السجادة وإنزالها ببطء، والثابت لا يمكن تحريكه، ودائماً نعتمد بعملنا على النول المتحرك.

وتتضمن الألوان الرئيسية في أغلب السجاد الأزرق والبني والأحمر والأبيض، ويعالج الغزل بصبغات كيميائية للحصول على درجات مختلفة من هذه الألوان. وتنسج السجاد على أنوال بسيطة يمكن لشخص واحد أن ينسج سجادة صغيرة، ولكن يصنع أغلب السجاد والبسط الشرقية الكبيرة عدد من النساجين، ويقوم صانع البساط أولاً بعمل صف من العقد من الغزل الوبري في غزل السداة، ثم ينسج بعد ذلك خيطين من غزل اللحمة خلال السداة، ثم تحزم العقد وغزل اللُّحْمَة بإحكام على الصفوف السابق نسجها بجهاز مثل المشط، وبعد أن يتم عمل عقد لعدة صفوف، يقطع العمال نهايات الغزل الوبري لعمل سطح مستوٍ للبساط. بعدها تكرر عملية تشكيل العقد ويمتاز السجاد مستوي العقَد بنعومته ونسيجه المحكم. وكل العقد التي تم غزلها لصنع الوبر تكون في ارتفاع واحد».

سجاد محلي

ويقول السيد "عمر الموسى" أحد أبناء المنطقة عن طرق استخدام السجاد: «كان السجاد القديم فيما مضى، يقتصر في استعماله على كونه فراشاً أرضياً، وتصمم به بيوت الشعر، التي تبدو وكأنها تحفة فنية معلقة ضمن مشهد صحراوي غاية في الجمال، كما كان يستخدم لصنع العبوات التي توضع بها البهارات والقهوة، والتي تكون على شكل أكياس مبطنة تغلف بهذا النوع من السجاد والبسط، وتطور استخدامه في الوقت الحاضر لتتعدد استعمالاته بصور شتى منها الجداريات والستائر كما يمكن تنفيذ الديوانيات العربية من السجاد البسط بطريقة المجالس البدوية. وصناعة السجاد اليوم تسهم في تنمية البيئة المحلية من خلال اعتماد سيدات عليها واعتبارها مصدراً يؤمن الرزق والعيش الكريم لهن، حيث يقمن بحياكة السجاد من خلال بيوتهن، ما يوفر لهن فرص عمل لا تكبدهن عناء مغادرة المنازل».

الباحث في التراث السيد "تيسير الفقيه" تحدث عن أصالة صناعة السجاد في حوران بالقول: «صناعة السجادة والبسط صناعة قديمة في حوران، وكانت معظم النساء يقمن بصناعتها من صوف الأغنام الذي يصبغ باللون الأحمر ويدخل إليه ألوان عديدة وزخارف مأخوذة من البيئة.

وما تزال صناعة السجاد تشهد إقبالاً جيداً بعدما كان له بالسوق قيمة اقتصادية كونه صناعة يدوية موثوقة من حيث المادة والنسيج، والسجاد نسيج يستخدم كأغطية لأرضية الحجرات، ويضيف استخدامه جمالاً وراحة ودفئاً للحجرة، وتساعد على امتصاص الضجيج. كما تحمي السجاد والبسط أيضاً الأرضية وتوفر الحماية عند السقوط، كما تستخدم بعضها كستارة أو سجادة جدارية زخرفية. ويرى كثير من الناس أن البسط المصنوعة من الصوف هي الأفضل، لكن أغلب أغطية أرض الحجرات المصنوعة من الصوف مرتفعة الثمن أكثر من التي تنتج من الخيوط الاصطناعية. ولا تزال هذه الصناعة منتشرة في مناطق المحافظة عبر الوحدات الإرشادية».

ويقول الباحث في التراث "إبراهيم الشعابين": «التوازن بين الأسلوب التقليدي والحديث يولد الطابع الذي يعتبر ملائماً لحياة اليوم، ويعيد إلى التصميم العربي رونقه وروعة فنه. حيث تصنع الفلاحة الحورانية السجاد "الزل أو الزلية" الذي تمد به أرضية الغرف لجلب الدفء في الشتاء، ومنع الرطوبة صيفاً، وهذه الصناعة تمر بعدة مراحل أولاً قص الغنم في بداية الربيع، وجمع الصوف، ثم غسله، وغزله، ثم صباغته، بعدها صنعه ونسجه. وتستغرق هذه العملية مدة طويلة لأنها تعتمد على جهود المرأة الفردية».