لا تزال تنتشر في "حوران" مجموعة متعددة من الألعاب التراثية، والتي تتسم بتنمية الروح الجماعية لدى الأطفال، ومن هذه الألعاب القديمة التي كان يتسلى بها الأطفال في حوران لعبة "حدرج بدرج".

الشاب "يزن رجا" من سكان قرية "اليادودة" تحدث عن ذكرياته مع هذه اللعبة بالقول: «أتذكر كيف كنت ألعب هذه اللعبة وأنا صغير مع أبناء عمي وأبناء الحي، هذه اللعبة تحتاج عدداً كبيراً من اللاعبين، لذا فهي تمارس في جميع فصول السنة ما عدا أيام الشتاء غالباً، التي تتميز ببرودة الطقس فيصعب جمع الأطفال في الشارع أو في الحدائق، ولكون الأهالي والأسر تخاف على أبنائها من الأمراض، مع العلم أن لعبة الحدرج بدرج تعتمد على الرشاقة والسرعة بالحركة ما يعطي اللاعبين شعوراً بالدفء، وتقال أغنية فيها أغاني كثيرة أثناء لعب الأطفال بهذه اللعبة ومنها: "حدرج بدرج، كل عين خارجة يا عروس، يا أم الطربوش بدج الدقة أو الدبوس"».

تعتبر لعبة الحدرج بدرج من أكثر الألعاب انتشاراً لدى الأطفال من حيث الطريقة والتنفيذ والممارسة اليومية، حيث لا تزال تخضع لعملية تطوير وزيادة مستمرة، وتشكل تحدياً في الذكاء والحنكة ليس بين الأطفال فحسب، وإنما حتى بين الشبان، وهي لعبة تناسب جميع الأعمار، إذ إنها لا تحتاج لتجهيز أو شراء أي معدات للعبها، يتجمهر الأطفال في مكان ممارستها، من اجل المشاركة أو التفرج على اللعب، وكان طقس لعبها طقس فرح وبهجة، يخرج الجميع منه فرحين، ويلعبها الأطفال في كل أرياف وقرى المحافظة

ولأخذ فكرة كافية عن هذه اللعبة وشرح تفاصيلها التقى موقع eDaraa بتاريخ 15/9/2011 الباحث "محمد فتحي المقداد" الذي حدثنا بالقول: «تعتبر لعبة "الحدرج بدرج" من أكثر الألعاب الشعبية تطويراً، وأداءً من حيث الطريقة والتنفيذ في مناطق حوران الريفية، التي يكثر فيها الأطفال الصغار والذين يمارسون يوميا العديد من الألعاب التراثية القديمة التي لا تزال في الذاكرة الحورانية.

وطريقة لعبها يجلس الأطفال على شكل حلقة ويقومون بفرش أيديهم قرب بضعها بعضاً، ويقوم أكبرهم بوضع يده اليسرى معهم ويده اليمنى تقوم بالإشارة إلى باقي الأيدي أثناء الغناء، ومع كل كلمة من كلمات الأغنية الشعبية كان ينقل هذا الطفل الكبير إصبعه السبابة ليشير إلى باقي الأيادي المفترشة، وهو يغني "حدرج بدرج، ناقة تعرج، عالتفاحة عاللفاحة يا قلايد يا ملاحه، ضاعت لي خرزة زرقا، قالت تش وقالت فش اطلعي يا مفرية الكرش"، واليد التي تقع تحت الإصبع مع لفظ آخر كلمة في الأغنية وهي "الكرش"، كانت تخرج من اللعبة ثم تعاد الأغنية عدة مرات حتى يفوز أحدهم في اللعبة بعد أن تبقى يده آخر أيادي اللاعبين».

ويقول الباحث "تيسير الفقيه" عن أنواع الألعاب وأهميتها في حوران: «لم يعد التراث مقتصراً على ما تزخر به المتاحف أو الأماكن الأثرية بل اتسع مفهوم الموروث الشعبي ليضم مختلف عناصر الثقافة والفنون، ومن هذا التراث الغني العاب الأطفال التي أصبحت تقليداً فلكلورياً تراثياً، فمنذ سنوات طويلة كانت تنتشر في "حوران" مجموعة ليست بالقليلة من الألعاب التراثية، والتي كانت تدب لدى الأطفال النشاط والحماس الذي يتدفق فيهم أثناء اللعب، وكانت تقسم هذه الألعاب إلى قسمين للصغار والكبار، والصغار كانت ألعابهم تتألف من مجموعات من الحجارة الصغيرة من البيئة المحلية، يصنعون منها بيوتاً صغيرة.

وهنا نجد بين لعب الإناث ولعب الذكور، فالأنثى دائماً تتجه إلى الأمومة والطفولة وبناء البيت، بينما لعب الأطفال الذكور تتجه نحو قوة الجسد وسرعة الحركة والبديهة، وكانت هذه الألعاب متوارثة تصل من جيل إلى جيل، فالأمهات يعلمن بناتهن العاب الطفولة، والآباء يعلمون أبناءهم العاب الرجولة، وهناك بعض الألعاب منها "السبركة والحجلة"، ومن أشهر الألعاب التي كانت تمارس في حوران لعبة "الحدرج بدرج" وهنا يقال أثناء تأديتها أو لعبها في قرى معينة "حدارجة بدارجة".

من كل عين عارجة، بالتفاح واللفاح، يا قلايد يا ملاح، وقعت خرزة مني بالبير، قالت طش وقالت فش واطلع يا مفري الكرش"، ومن تصل إليه هذه النقطة يفتح يده ويضعها خلفه، حتى ينتهي بيدين اثنتين فقط على الأرض ثم تفوز واحدة فيها».

ويقول السيد "ضياء أكراد" من الذين مارسوا هذه اللعبة في طفولتهم: «تعتبر لعبة الحدرج بدرج من أكثر الألعاب انتشاراً لدى الأطفال من حيث الطريقة والتنفيذ والممارسة اليومية، حيث لا تزال تخضع لعملية تطوير وزيادة مستمرة، وتشكل تحدياً في الذكاء والحنكة ليس بين الأطفال فحسب، وإنما حتى بين الشبان، وهي لعبة تناسب جميع الأعمار، إذ إنها لا تحتاج لتجهيز أو شراء أي معدات للعبها، يتجمهر الأطفال في مكان ممارستها، من اجل المشاركة أو التفرج على اللعب، وكان طقس لعبها طقس فرح وبهجة، يخرج الجميع منه فرحين، ويلعبها الأطفال في كل أرياف وقرى المحافظة».