يهوى الفن والتراث، ولطالما عشق "الدلعونا" و"ظريف الطول" و"الجوفيات"، يتابع منذ صغره أغاني الحنة والدبكات باهتمام، محاولاً حفظها وترديدها مدفوعاً بآلاف الأسئلة عن المعاني وأصول الكلمات.

بدأ "أحمد القسيم الزامل" من مواليد "درعا"- "الحراك" الغناء في الصف الثالث الابتدائي: «منذ الصغر وأنا أحب مشاهدة الأفراح والمناسبات متابعاً كل التفاصيل التي كانت تحدث، غيرتي من الرجال الكبار في الدبكات وطقوس الغناء والسحجات خلقت عندي حافزاً قوياً لتعلم الغناء التراثي الشعبي».

أحلم ان أطور فرقتي لتقدم كل أنواع الفنون التي تعنى بالفلكلور الحوراني من رقص وغناء وعزف بهدف حماية تراثنا من الاختلاط بألوان الجوار الخليجية واللبنانية والمصرية

شارك "القسيم" في حفلات المدارس والطلائع والشبيبة محاولاً تأسيس فرقته الخاصة التي تهتم بالتراث الشعبي الذي استمده من كبار السن في منطقته، فتحدث لنا عن بعض الأغاني الحورانية التي أتقنها وتعلمها من محيطه: «أغاني الدبكة في حوران كثيرة ومتنوعة ومنها فن الدلعونا الذي نسميه الردة كأن تقول:

احمد القسيم

يما يايما العشق ما مرو/ اهنيالك ياللي سالم من شرو

ياطيور الحجل من يدي فرو/ هدو ع سطوح الكانو يحبونا

في مهرجان درعا للموسيقا والتراث

وأيضاً أغني "ظريف الطول" التي تختلف من منطقة لأخرى، إضافة إلى "الهجيني" الذي يعتبر بحراً لا قرار له، فبيت شعري منه يغنى بأكثر من خمسة أنغام وبأكثر من بحر شعري».

وعن "القصيد" قال: «تشكل مجموعة من الرجال نصف أو ثلاثة أرباع الدائرة، ليبدأ شخص منهم بإلقاء القصيد، فيقوم اثنان من الرجال نسميهم "الحاشي" بالرقص والذي يتغلب منهم على الآخر "يعقلو" وهنا تسمى عقلة الحاشي، لتكون مهمة القاصود الذي يدفع – بالكلام - للشخص الفائز وعقل الحاشي مالاً وأرزاقاً حتى يفكه».

القسيم وهاجس الحفاظ على التراث

وتابع "القسيم" عن "السحجة": «السحجة هي نفس القصيد حيث يقوم جميع الموجودين بحفلة العرس بتشكيل دائرة يقف الشاعر في وسطها ماشياً "بالمعزب" مرحباً بالضيوف، وهنا تقسم القصيدة لثلاثة أقسام فالأولى تعرف الضيوف بالشخص الذي يستضيفهم بهذه المناسبة، والثانية ترحب بالموجودين ما عدا أهل البلد، أما الثالثة فتكون مخصصة لأهل البلد».

يضاف إلى كل ذلك إتقان "القسيم" لألوان الغناء في طقوس "الحنة وألوان الحدادي وأغاني الحصاد ومواسم الرجيدة والدراس والمطر والبذار والحراثة وغسيل العريس وزفته وتجلاية العروس".

حاول "القسيم" تأسيس فرقة عام 2000 متضمنة عازفاً للمجوز والأورغ والإيقاع، وحدثنا عن محاولته لتطوير هذه الفرقة بإدخال الكورال فيها، ثم استعانته بمطرب ثان، وبعد سلسلة نجاحات على مستوى "حوران" قام "القسيم" بإدخال الناي والعود في الفرقة: «حاولت في فرقتي تطوير بعض الألحان ليتقبلها المتلقي، كما أن بعض الآلات التي أدخلتها مشتقة من تراثنا الحوراني القديم فالكمان بديل عن الربابة والناي بديل عن الشبابة، لأمزج الماضي بالحاضر دون أي تعدٍ على الأحاسيس والكلمات».

خرج "القسيم" من إطار المحلية لينشر ثقافة "حوران" التراثية إلى معظم المحافظات السورية ولبنان والأردن والكويت وقطر والبحرين والإمارات.

يبقى تطوير هذه الفرقة همه الشاغل، لتكتسب الشمولية وتجمع كل أشكال التراث الحوراني: «أحلم ان أطور فرقتي لتقدم كل أنواع الفنون التي تعنى بالفلكلور الحوراني من رقص وغناء وعزف بهدف حماية تراثنا من الاختلاط بألوان الجوار الخليجية واللبنانية والمصرية».

وكغيره من فناني "حوران" يسجل "أحمد القسيم" اسمه على قائمة طويلة من المهتمين بحماية وتوثيق التراث، ويعتبر نفسه معنياً بشكل أو بآخر بالحفاظ على الإرث الذي تعلمه من رجال ونساء ولد التراث على أيديهم.