يزخر "سهل حوران" بالعديد من الثروات والكنوز المادية وغير المادية، توثق تاريخ من عاش على هذه الأرض الغنية، "طمائر الذهب العثمانية" قصة مشوقة من القصص التي تتداول بين أهالي "سهل حوران" والتي تعود بدايتها إلى أواخر العهد العثماني في بلاد الشام.

موقع "eDaraa" التقى عددا من أهالي "درعا" للتعرف على هذه القصة، وبدأ مع السيد "عزيز القاسم" أقدم سائق قطارات في "درعا" فقد تحدث عما سمعه عن قصة "الطمائر العثمانية" من العمال القدامى في محطة "درعا للقطارات" وبدأ بالقول:

ذلك منذ أقدم العصور وفي أغلب الحضارات تجد أن هناك من يبحث عن الكنوز، وخصوصاً الكنوز الموجودة في مدافن القادة والتجار والأثرياء– خاصة أن بعض الطقوس القديمة تقوم على دفن ثروة المتوفى مع جثمانه-، لذا يلاحظ تعرض الكثير من تلك المدافن لعمليات نهب وتخريب. كما يلاحظ أن تلك الكنوز تتنوع ما بين حلي للتزيين وضعت مع النساء المتوفيات، أو أدوات نفيسة ونقود معدنية، كما نجد أن الكثير من الكنوز -الزجاجية والذهبية والفضية والبرونزية والعاجية والخشبية والحجرية- التي ظهرت كانت مخبأة في مدافن العصور البرونزية- الكلاسيكية-، وترتبط غالباً الكنوز المدفونة بأهمية المتوفى

«فور نشوب الثورة العربية الكبرى في الجزيرة العربية وامتدادها إلى الأردن وسورية، قام رجال الدولة العثمانية وتجارها وكبار الجنود الأتراك الموجودين في ولايات بلاد الشام وخاصة الجنوبية منها؛ بجمع النفائس التي يملكونها من ذهب وحلي وغيرها، وحملوها معهم على متن القطار المتجه إلى دمشق.

سائق القطار "عزيز القاسم"

أثناء ذلك ترددت بعض الأخبار عن سقوط "دمشق" بيد الثوار، فتوقفوا وقاموا بدفن تلك النفائس -التي يحملونها ضمن الصناديق- في حفر على مسار الخط الحديدي الحجازي أو في مكان قريب منه، وعمدوا إلى طمرها بالتراب لذا تسمى "طميرة".

تركزت "الطمائر" بين مدينتي "معان" في الأردن" و"درعا" في سورية، وقام من طمرها بتعليمها ليسهل عليه العودة واستردادها مع الحرص على وضعها في أماكن لا تخطر بالبال؛ فكانت توضع قرب الجسور الموجودة على خط السكة، كما وضعت طبقة من الفحم المحروق على الطمائر حتى لا يصدأ الصندوق، وكذا كان يتم حفر حفرة بعمق /1/ متر عندما يكون عدد الصناديق أكثر من سبعة، أما في حال كان عدد الصناديق واحد أو اثنين فكانت الحفرة بعمق /70/ سم.

محطة درعا للقطارات - زمن العثمانيين-

وتقول بعض الإشاعات إن من قام بدفن الطمائر عاد إلى مكان هذه الطمائر واسترجعها -بعد الاستقلال عام /1946/-، مستعيناً بمقاييس وإشارات ورموز ومخططات باللغة التركية منها حفر الثعبان على إحدى الصخور -وذلك يعني أن كمية الذهب المدفونة لا بأس بها-، أو رسم العقرب -وتعني بأن محتوى الصناديق المطمورة من الذهب-، وترمز الجمال إلى عدد الصناديق، فكل جمل بصندوق؛ هذه الإشارات أخذت من الرومان الذين كانوا يدفنون التماثيل والذهب ولوحات الفسيفساء.

ويلاحظ كذلك أن بعض قضبان الحديد الخاصة بالسكة قد ثقبت بطلقات من الرصاص، وهذا يدل على وجود طميرة في مكان قريب، وأحب الإشارة إلى أن جهاز كشف المعادن وجد أن أقوى الأصوات هو صوت الحديد واخفضها صوت الذهب، ومن الصعب استخراج الطميرة لأن العثماني كان لا يدفن إلا في مكان لا يخطر على البال والمخططات كلها باللغة التركية، وفيها رموز وإشارت يصعب فك شيفرتها».

الباحث الآثاري "ياسر أبو نقطة"- من دائرة آثار درعا- تحدث عن قضية "الطمائر الذهبية" بالقول: «لابد في البداية من الإشارة إلى أن قضية "الطمائر العثمانية" -والتي انتشر ذكرها في المجتمع الحوراني وخاصة في بدايات القرن العشرين-، لا تعد من اختصاص دائرة آثار درعا لأنها عمرها يقل عن /200/ عام.

ولكنني سمعت من والدي أن مدينة درعا وخصوصا منطقة المحطة وما حولها كانت ملأى بالكنوز المخبأة منذ أواخر العهد العثماني.

فعندما نشبت الثورة العربية الكبرى بين أعوام /1916-1918/ حاول بعض رجال الدولة العثمانية وعدد من التجار والجنود الأتراك الحفاظ على كنوزهم عبر دفنها في صناديق تحت الأرض، واعتقدوا أن بإمكانهم العودة وأخذها عندما تهدأ الأوضاع، ولكن تسارع الأحداث لم يسعف الكثير منهم للعودة وأخذ ما دفنوه، فبقيت هذه الكنوز ملكاً لمن يعرف هذه المسألة وللباحثين عن الربح السريع، ومن يحسن توقع مكان دفن تلك الصناديق الملأى بالجواهر والحلي».

البحث عن الكنوز والطمائر ليس جديداً في أراضي بلاد الشام وخاصة سهل حوران الذي كان سهلاً عامراً في الحضارات الرومانية واليونانية والإسلامية على حد سواء، السيد "ياسر" تحدث عن ذلك بالقول: «ذلك منذ أقدم العصور وفي أغلب الحضارات تجد أن هناك من يبحث عن الكنوز، وخصوصاً الكنوز الموجودة في مدافن القادة والتجار والأثرياء– خاصة أن بعض الطقوس القديمة تقوم على دفن ثروة المتوفى مع جثمانه-، لذا يلاحظ تعرض الكثير من تلك المدافن لعمليات نهب وتخريب.

كما يلاحظ أن تلك الكنوز تتنوع ما بين حلي للتزيين وضعت مع النساء المتوفيات، أو أدوات نفيسة ونقود معدنية، كما نجد أن الكثير من الكنوز -الزجاجية والذهبية والفضية والبرونزية والعاجية والخشبية والحجرية- التي ظهرت كانت مخبأة في مدافن العصور البرونزية- الكلاسيكية-، وترتبط غالباً الكنوز المدفونة بأهمية المتوفى».