يجمع أهالي "حوران" على تصنيفها بين أفضل الأكلات التي توارثوها عبر الأجيال، حيث دأبت النساء على تحضير أكلة "العبيطة" في أيام الشتاء الباردة، ولا تنافسها في البرد أيّ أكلة أخرى؛ فهي سهلة التحضير، ومكوّناتها من المؤونة المنزلية.

"موسى القاسم" القاطن في مدينة "درعا"، حيّ "الضاحية"، تحدّث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 كانون الأول 2016، عن ذكريات طفولته مع عائلته التي طالما أتحفتهم بإعداد الأكلات التراثية، ومنها أكلة "العبيطة"، ويقول: «أكلة "العبيطة" حورانية بامتياز، وتعدّ من أهم الأكلات الشعبية التي تشتهر بها القرى والأرياف، حيث يطلبها ويشتهيها المتقدمون بالسنّ، وأبناء الجيل الجديد، وخاصة عند اجتماع أفراد العائلة من أبناء وبنات وأحفاد في المناسبات الاجتماعية للعائلة والأفراح. والكثير من العائلات كانت تطبخ هذه الأكلة وغيرها احتفاءً بانتهاء موسم الحصاد، وانتهاء بجني المحصول والدراسة، وكانت والدتي تقوم بإعداد هذه الأكلة باستمرار في فصل الشتاء، بعد إحضار نبات "الجعدة" من المناطق المحيطة بنا، أو من أودية "حوران" المشهورة».

هي من الأكلات المميزة التي تخلق جوّاً اجتماعياً وألفة أسرية بين العائلات، يفضل بعض الأشخاص وضعها في إناء من النحاس لتبقى دافئة، ويتم تناولها ساخنة، خاصةً أن الإقبال عليها يكون بكثرة في فصل الشتاء؛ لذلك تصنّف ضمن أهمّ الأكلات الشعبية، وهي طبق أساسي عندما يحلّ الشتاء؛ فمعظم العائلات التي تسكن في الريف والمناطق الوعرة القريبة من زراعة "اللوف والجعدة"، ولأنّها سريعة التحضير؛ فقد جعلت ربّات البيوت يتهافتن لطهوها

وعاد "أحمد الجاموس" بذاكرته إلى الوراء ليحدّثنا عن هذه الأكلة، وهو من سكان مدينة "داعل"، ويقول: «هي من الأكلات المميزة التي تخلق جوّاً اجتماعياً وألفة أسرية بين العائلات، يفضل بعض الأشخاص وضعها في إناء من النحاس لتبقى دافئة، ويتم تناولها ساخنة، خاصةً أن الإقبال عليها يكون بكثرة في فصل الشتاء؛ لذلك تصنّف ضمن أهمّ الأكلات الشعبية، وهي طبق أساسي عندما يحلّ الشتاء؛ فمعظم العائلات التي تسكن في الريف والمناطق الوعرة القريبة من زراعة "اللوف والجعدة"، ولأنّها سريعة التحضير؛ فقد جعلت ربّات البيوت يتهافتن لطهوها».

"العبيطة"

وعن كيفية إعداد الأكلة ومكوّناتها، حدّثتنا ربّة المنزل "فضاء الفاعوري" من سكان مدينة "إزرع"، فقالت: «هي واحدة من الأكلات المهمة التي تواظب الأسر على إعدادها باستمرار، تؤكل مجفّفة، أو خضراء، ويضاف إليها البصل والعدس المسلوق، ويمكن إضافة الحمّص المسلوق إليها، مع اللبن الرائب. النبات الأساسي فيها هو "الجعدة"؛ فعندما نقوم بتجفيفه جيداً نقوم بنقعه، وبعدها نغليه كالملوخية، ثم تصفّى "الجعدة" وتفرم بعد السلق لقساوتها، ثم يضاف إليها اللبن بعد خلطه بالخلاط، وغليه ووضعه فوق العدس والبصل، حيث يتم ذلك بعد تصفية "الجعدة" وتقليتها مع البصل ووضع اللبن عليها والعدس المسلوق، يمكن أن لا نضيف الحمّص ونتركه حسب الرغبة.

أما البهارات التي تضاف إليها؛ فهي "الفلفل" و"الكركم"؛ أي "الورص". أما الخضراء، فتسلق وتفرم وتضاف إلى البصل بعد طهوه وإضافة البندورة، وبعد أن تذبل البندورة تضاف "الجعدة" المسلوقة المفرومة مع البهارات المذكورة، وتقدّم في إناء مع خبز "شراك" أو تنور. ومن فوائدها أنها مقاومة لسموم لدغة الأفعى والعقرب، وعلاج لتضخم الغدة الدرقية والأمراض الجلدية وورم الطحال».

موسى القاسم

"خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني، تحدث عن أكلة "العبيطة" وعن أهم مكوّناتها؛ "الجعدة"، وكيف أن الأجواء الباردة أصبح لها ثقافة وطرائق خاصة لإعداد الأكلة الأكثر انتشاراً بهذه الأجواء، حيث يقول: «لا تزال هذه الأكلة تراثاً مميزاً لأهل الريف الحوراني، توارثتها النساء من الأمهات والجدّات، وتعدّ الطبق اليومي الواقعي في ريف "حوران الغربي"، لها خصوصية مهمة واجتماعية؛ لأنها تجمع العائلات والنساء لإعدادها، حيث يدخل في مكوناتها "الجعدة" النبات المعمر باللون الأخضر المائل إلى الفضي، وهو ذو أوراق طويلة "مشرشرة" الحواف مغطاة بالوبر الناعم، أوراقه كثيفة بالقرب من الأرض، وتقل عند قمم النبات، وهو نبات يزدهر في فصل الربيع، ومع قدوم الصيف يعرف برائحته العطرية الزكية في البراري والمرتفعات الصخرية، وخصوصاً في منطقة "وادي اليرموك"، وبلدات "معرية"، و"نافعة"، و"كويا"، و"الشجرة"، و"بيت أره"».

"الجعدة" أهم مكونات "العبيطة"