تصنّف "الترويدة" كواحدة من أهم ألوان التراث الحوراني الأصيل، وتعدّ أسلوباً غنائياً مهماً منه نظراً إلى مكانة هذا اللون الفني من حيث الانتشار والقبول الشـعبي؛ الذي يمثّل جزءاً وظيفياً روحياً سلساً في الحياة؛ لارتباط الكلمة الغنائية بتكوينةِ اللحنِ الموسيقي فيها؛ وهو ما يسهّل حفظها وتناقلها بين الناس.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 أيار 2016، الأديب والكاتب "محمد الحفري"؛ الذي حدثنا عن غناء "الترويدة" بالقول: «الغنـاء الشـعبي في "حوران" موروث فني أصيل، تناقلته حناجر السلف جيلاً بعد جيل، وتغنى بها الآباء والأجداد؛ فسالت على ألسنتهم أبلغ الكلمات، وبأعذب الألحان، فصدحت حناجرهم بأنغام جميلة وإبداعات عفوية خلاقة، وعبرت عن كل لحظة من لحظات الحياة بأسلوب عفوي مميز، حيث صورت لنا كل ظرف ومناسبة في حياة السـلف من خلال لون فني غنائي شهدته مختلف المناسبات الاجتماعية والدينية، ومن أهم هذه الأغاني "الترويدة"، حيث انتقلت الأغنية إلى جنوب "سورية"، واستقرت في "حوران والجولان"، والحقيقة إن كلمة "ترويدة" -ومنها الفعل في جملة "رودي يا فلانه"- قديمة جداً، وتغنى بلحنين متقاربين، فتمتاز بالمدّ في كلماتها، وهذا ما يؤدي إلى انطباق اسم "الترويدة" عليه تماماً، فالاسم مأخوذ من "روَّد" بمعنى "غنى"».

الغنـاء الشـعبي في "حوران" موروث فني أصيل، تناقلته حناجر السلف جيلاً بعد جيل، وتغنى بها الآباء والأجداد؛ فسالت على ألسنتهم أبلغ الكلمات، وبأعذب الألحان، فصدحت حناجرهم بأنغام جميلة وإبداعات عفوية خلاقة، وعبرت عن كل لحظة من لحظات الحياة بأسلوب عفوي مميز، حيث صورت لنا كل ظرف ومناسبة في حياة السـلف من خلال لون فني غنائي شهدته مختلف المناسبات الاجتماعية والدينية، ومن أهم هذه الأغاني "الترويدة"، حيث انتقلت الأغنية إلى جنوب "سورية"، واستقرت في "حوران والجولان"، والحقيقة إن كلمة "ترويدة" -ومنها الفعل في جملة "رودي يا فلانه"- قديمة جداً، وتغنى بلحنين متقاربين، فتمتاز بالمدّ في كلماتها، وهذا ما يؤدي إلى انطباق اسم "الترويدة" عليه تماماً، فالاسم مأخوذ من "روَّد" بمعنى "غنى"

ويقول "موسى القاسم" أحد كبار السن في المدينة: «ينتشر فن "الترويدة" في ريف المدينة كثيراً، وتعدّ أغانيه بكل أصنافها جزءاً وظيفياً وروحياً سلساً في حياة المجتمع الحوراني؛ لارتباط الكلمة الغنائية بتكوينةِ اللحنِ الموسيقي فيها؛ وهو ما يسهل حفظها وتناقلها بين الناس، وتعاقبها من جيل إلى آخر، وعندما كانت النسوة في "حوران"، ترد نبع الماء خارج القرية "يرودن"؛ أي يغنين أغاني الورد أو الورود، والمسماة "ترويدة". وربما أخذت "الترويدة" من ورود الراعي بأغنامه إلى الغدران والأنهار، وكان يغني لها "الترويدة" بصوت جميل وحنون، وكان يردد من أغانيه:

"يا مدقوقه عَ الزردوم... عيون اليوم

واني رايح عَ الكــروم... الـحــقيني".

محمد الحفري

ويقال أيضاً:

الأغنية عند نبع الماء خارج القرية

"يا طــير يللي بالعلالي تلالـي... سلم عَ ولفي يا عزي ودلالي

أنا عَ العين وهوْ عَ العين وارد... زريف الطول موشح بالقلايد

أنا عَ العين وهوْ عَ العين يغسل... غسلت غسيلها ونشرته عَ السل"».

تغنى "الترويدة" من دون مرافقة الآلة الموسيقية، وحول ذلك يتابع "ياسر السعدي" مدير السياحة بمحافظة "درعا" بقوله: «يغني "الترويدة" الرجال كما تغنيها النساء للغياب والراجعين من سفر طويل، وللمهاجرين العائدين، والناجحين، والمرضى في فترة النقاهة، والعريس والعروس يوم الزفاف، وتغنى "الترويدة" من دون مرافقة الآلة الموسيقية، بل تصاحبها الزغاريد فقط، وتتألف أقوال الترويدة من شطرين، وفي كليهما لا تلتزم "المرودة" قافية معينة؛ فالشطر الأول قافية، والثاني قافية، وهكذا في كل شطر، وتنهل "الترويدة" من نبع الحياة البسيطة، فلا تعقيد في الكلمة، ولا غرابة في اللفظ. فهي مستمدة من العاطفة المتدفقة، والشوق "المشبوب"، وقد تدمع العيون في بعض المناسبات للترويدة، فالوحيد لأبويه، الذي ينجو من الموت المحقق، "ترود" له النساء بما يدعو إلى البكاء، وهذا راجع إلى الوجدان الفياض، والصوت النسائي العذب، واللحن الحزين، وكان يقال قديماً:

"ترف يا لابس الصايه... يا حلو خلك معايا

إلك كـل الـهدايــــا... من كل ثمين وجميل"».

يضاف إلى ذلك وجود ميزات عديدة لأغنية "الترويدة"، حدثنا عنها "خالد عويضة" أحد المهتمين بالتراث الحوراني: «الميزات الرئيسة المهمة في "الترويدة" هي: دقة الكلمات، وبساطة اللفظ وقوته، والإيجاز وقوة التعبير، والمباشرة في تحديد هدفها ومعناها، والتشبيه بأنواعه. و"التراويد" النسـائية غناء جماعي يحمل في ثناياه حس الأنوثة ورقتها التي تتضح في كل كلمة من كلمات الغناء، والتي صيغت ألحانها لتتناسب والمسـاحة الصـوتيـة للمرأة؛ ولا سـيما أن "التراويد" من أكثر الألوان الغنائيـة شـيوعاً في "حوران"، ولها مكانة مرموقة بين تلك الألوان من حيث الشـيوع والانتشـار والقبـول الشـعبي، وكذلك التقاليد الفنيـة المتوارثة في أدائها باعتبارها متنفساً لكافة العواطف والإحسـاسات لدى من يبدعها أو يغنيـها، ومن أغاني "الترويدة" التي أذكرها:

"ومن الشبابيك... رشوا عليَّ الهيل

ومن الشبابيك... ما اقدر أحاكيك

أمك وأبوك بالبيت... ما اقدر أحاكيك"».