يعدّ الغناء الشعبي جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المجتمع في "حوران"، تشارك في أماكن متفرقة النساء فيه، ومنه رقصة "الحاشي" لإثبات قوتها وصلابتها وتحديها للمخاطر، حيث يرسم هذا اللون من الغناء والرقصات صورة صادقة لحياة الأجداد التي تعبق بالتراث العربي الأصيل.

ترقص "الحاشي" على إيقاع التصفيق والأصوات المنبعثة المرافقة لـ"الجوفية أو الدحية"، ويضيف "ياسر السعدي" مدير السياحة في المحافظة وأحد المهتمين بتراث "حوران" لمدونة وطن "eSyria" في 17 نيسان 2016، عن "رقصة الحاشي" وأهميتها في التراث الحوراني بالقول: «لكل مجتمع طقوسه وموروثه الاجتماعي الخاص به، ويعدّ الغناء الشعبي جزءاً لا يتجزأ من ثقافة مجتمع "حوران"، غير أن هذا الموروث الاجتماعي خاص بالرجال وحدهم في معظم أنواع الغناء، وفي أماكن متفرقة تشارك النساء فيه، ومنه رقصة "الحاشي"، حيث يرسم هذا اللون من الغناء والرقصات صورة صادقة لحياة الأجداد التي تعبق بالتراث العربي الأصيل، وما فيه من رقصات وأشعار تكون مرآة صادقة لطبيعة حياة الرجال، وقصصهم وليالي سمرهم التي يتغنون فيها ببطولاتهم وسجاياهم وأخلاقهم الطيبة التي توارثوها من الأجداد.

تعد "الحاشي" عنصراً مهماً في رقصة "الجوفية" أو "الدحية"، والأصل فيها أن تكون امرأة ذات حسن ودلال، تدخل "الملعبة"؛ وهي المنطقة أمام الصف أو بين الصفين المؤديين لرقصة "الدحية أو الجوفية"، وعادة ما تكون ملتفَة بعباءة سوداء، ولا يرى من جسمها أو وجهها شيء، وهي من اللواتي يتمتعن بشخصية قوية، حيث تنزل وسط المشاركين بالجوفية، من دون أن يتعرف إليها أحد، وتكون بيدها عصا، وقديماً كانت تمسك بيدها سيفاً، حيث تظهر مهارة فائقة في استخدام السيف الذي ترقص به، وتستعرض حركاتها المثيرة لإعجاب الحاضرين في الذود عن نفسها عندما يحاول أحد المشاركين الاقتراب منها ولمسها، ولها الحق في ذلك؛ فإن جرحت أحدهم فلا تعاقب أو تلام

وكان المجتمع في ذلك الوقت ينظر إلى المرأة التي تقوم بدور "الحاشي" نظرة احترام وتقدير وافتخار، والكثيرات من النساء كنّ يتنافسن للحصول على شرف القيام بهذا الدور، لأن ذلك يزيد من مكانتهن لدى أبناء العشيرة، وترقص "الحاشي" على إيقاع التصفيق والأصوات المنبعثة المرافقة للجوفية أو الدحية، والرسالة التي توصلها الرقصة؛ تنمية روح النخوة وإغاثة الملهوف، وخاصة فك المرأة المكلومة وتخليصها من الأسر».

رقصة "الحاشي"

"الحاشي" امرأة قريبة من العريس وأهله، وهنا يتابع الحاج "موسى القاسم" تعريف هذه الرقصة بالقول: «تعد "الحاشي" عنصراً مهماً في رقصة "الجوفية" أو "الدحية"، والأصل فيها أن تكون امرأة ذات حسن ودلال، تدخل "الملعبة"؛ وهي المنطقة أمام الصف أو بين الصفين المؤديين لرقصة "الدحية أو الجوفية"، وعادة ما تكون ملتفَة بعباءة سوداء، ولا يرى من جسمها أو وجهها شيء، وهي من اللواتي يتمتعن بشخصية قوية، حيث تنزل وسط المشاركين بالجوفية، من دون أن يتعرف إليها أحد، وتكون بيدها عصا، وقديماً كانت تمسك بيدها سيفاً، حيث تظهر مهارة فائقة في استخدام السيف الذي ترقص به، وتستعرض حركاتها المثيرة لإعجاب الحاضرين في الذود عن نفسها عندما يحاول أحد المشاركين الاقتراب منها ولمسها، ولها الحق في ذلك؛ فإن جرحت أحدهم فلا تعاقب أو تلام».

وعن سبب التسمية يقول الحاج "أحمد شحادة البجبوج": «أخذت المرأة دور "الحاشي" لإثبات قوتها وصلابتها وتحديها للمخاطر، وإثبات تفوق المرأة على الرجل، وإبراز شجاعتها وقوتها في مواجهة الأعداء، وحماية الأرض، وهذا الدور مازال يمارس في بعض الأفراح والأعراس الكبيرة التي تقام في بعض قرى الريف، وما زالت ركناً أساسياً في الدحية أو الجوفية التي يؤديها هواة هذا الفن الشعبي من الرجال، ولهذا يرجع السبب في إطلاق هذه التسمية على الحاشي لأنها (تحاشي) عن نفسها بالسيف كي لا يقترب منها الرجال عندما يضيقون عليها حلقة الرقص، وهم يتشابكون بالأيدي؛ فتردهم عنها بالسيف.

الحاج أحمد شحادة البجبوج

ويقال أيضاً إنها سميت "حاشي الجوفية" التي قد تجرح أو ربما تلحق الضرر بمن يحاول مبارزتها من الفرسان، والذي يحاول بمهارته الفائقة النجاة من هذا المصير، وأغلب الأحيان تنتهي المبارزة بتفوق المرأة، ويقال عندما تقبل "الحاشي" للرقصة:

"أقبل هلا بك يا حاشي... يا زول الريم المنحاشي

ياسر السعدي مدير السياحة بالمحافظة

يا زول الظبي الجفلان... مـــا له طــريقٍ طفاشي

قلبــي يحبك يا بنيـــّه... يا ريــقك يطفي الظميــة"».

وهناك عدة أشخاص وبتسميات متعددة يشاركون برقصة "الحاشي"، حيث يقول "محمود الدوس" أحد كبار السن في مدينة "بصرى": «رابط "الحاشي" أحد المشاركين بالرقصة، وعادة يكون الشخص الرابط من علية القوم "راعيين الناصية"، والرابط يقوم على إحضار الحاشي من أجل الرقص أمام الحضور بعدما يطلب منه "البدّاع"؛ وهو أحد المشاركين بالرقصة، وبعد أن يحضر الحاشي يطلب منه أن يجلس على الأرض جاثياً على ركبتيه، ويظل واقفاً بجانبه ملازماً له حتى يبدأ "البدّاع" فك "الحاشي"، لينتهي المطاف إلى إخلاء سبيله، وسرعان ما يذعن الرابط لمطلب "البداع"، ومنها طلب "الحاشي" الذي يأتي دوره بعد الإحماء الذي يقوم به "البداع" للمشاركين في الرقصة، فيقوم على تأجيج مشاعر المشاركين عبر أبيات شعرية يطالب فيها بإحضار "الحاشي"، وهنا يقول:

"لا يا بلاش البلاش ... لعب النشامى بلي حاشي

جيبون الحاشي جيبونه... جيبونه يا ال تعرفونه"».