الأغنية الشعبية الحورانية مرتبطة بحياة الإنسان في مراحلها الكاملة، كما أنها ترتبط بمعتقداته وعمله، وهي وسيلة من وسائل البهجة عند الضيق للتعبير عن مشاعره، منها "الحدادي" الغناء المعروف والمتداول في "حوران".

مدونة وطن "eSyria" عادت إلى الماضي، وبحثت في الأغنية التراثية الحورانية في قرى ريف "حوران" عن غناء "الحدادي"، والتقت بتاريخ 23 آذار 2016، الحاج "مصطفى أبازيد - أبو محمد" من منطقة "درعا البلد"؛ الذي شارك هذا النوع من الغناء مع أبناء قريته في الأفراح، ويقول: «الأغنية الشعبية هي أحد الفروع الرئيسة من مجموعة المأثورات الشعبية، مثلها مثل الحكاية الشعبية، لكن هذه الأغنية تختلف اختلافاً أساسياً عن غيرها، وذلك لأنها جاءت نتيجة ارتباط النص الشعري مع اللحن الموسيقي، ومن أنواع الأغنيات الشعبية المهمة في حوران "الحدادي"، وقليلاً ما يأخذ طابعه الأصيل لأنه شعر مهاجر، استقر في "حوران"، فعاش مدة تحت اسم "الحدادي" مع "الهجيني"، ثم انفصل عنه، وأخذ اسمه الذي يعرف به، ومن أبياته التي تردد دائماً بـ"حوران":

الأغنية مرتبطة بحياة الإنسان في مراحلها الكاملة، كما أنها ترتبط بمعتقداته وعمله وأوقات لهوه، ولها دور كبير في حياة أبناء "حوران" لا يمكن تجاهله، فتعددت الأغنية وكان على رأسها الحداء شعر القدامى من السكان، الذي ولد في رحم الحروب والغزو، وترافق وزنه الخفيف مع خفة الفرس، وضربة المحارب، ولذا فهو شعر حماسي، وشعر استنهاض العزيمة والنخوة، يحث الناس على القتال، ويدفعهم إلى القتال بشجاعة من دون خوف من الموت، ومن أهم ميزات هذا النوع من الغناء أنه يستخدم اللهجة العامية، وموزون ومقفى. والأهم أنه يحث على القتال والقوة لتحقيق النصر على الطرف الآخر، والتكرار في الغناء، وموجه إلى الطرف الآخر في القتال، ويقال: "يالله على الحدادي"؛ أي يذهبون "حديدي" عندما تتوجه مجموعة من الرجال من أبناء العائلة والعشيرة إلى الفرح و"التعليلة" التي تقام بالليل أي "هجيني"، أو الذين مارسوا الفروسية وركوب الخيل وتربيتها

"جابو الطبيب ومددوني على اللوح... قلت مراخا لما عشيري يطلي

ترديد غناء "الحدادي"

وزغرتت كل مستورا... ولعتكو كل نشمية".

ويقال أيضاً:

"راكب اللي من ثمان أعوام حايل... ما لحقها إن زرفلت راعي المكينه

موسى القاسم

مسلسلة من خيل حماد الأصايل... تقل برج ضامر ما هي بدينه

فوقها قرم صقر يشفي الغلايل... باللقا شبل بطل يحمي عرينه".

"الحدادي" النوع المتداول في حوران

وتغنى وتردد هذه الأبيات في المنطقة الشرقية من "درعا" في "غصم - المسيفرة - الجيزة - بصرى - المتاعية - بصرى"».

يتناوب على غناء "الحدادي" فريقان، وعادة يؤدى بالزفاف، ويضيف الدكتور "يوسف المنجر"، وهو قانوني ومهتم بشؤون التراث: «الأغنية الشعبية وسيلة من وسائل البهجة عند الضيق، وتساعد في إنجاز عمل صعب، وهي متنفس لعاطفة الإنسان الشعبي، وتعبر عن مشاعره. ومن هذا يتبين مدى أهميتها لدى المجتمع الشعبي، وما تؤديه من وظائف بالنسبة إلى هذا المجتمع، و"الحدادي" من الأنواع التي اشتهرت في مناطق "حوران"، ففي المناسبات يقول جمع من الأصدقاء أو من الأهل، سواء أكانوا رجالاً أم نساء: "يا الله حدادي على دار فلان"، ويتناوب على غنائه فريقان، وعادة يؤدى بالزفاف، وطهو الطعام، والتهاني. ومن ميزاته أنه لا ترافقه آلة موسيقية، وهو من أساليب الشعر الشعبي المتعددة المعروفة، يقال في مواقف لها طابعها الخاص في الزمان الماضي، ومن ميزاته أنه يأتي مختصراً جداً في أقل عدد من الأبيات؛ فعادة عدد أبياته أربعة أبيات فما دون، ويكون موضوعه الفخر والحماس والتحدي، ويردد دائماً: "جيناك يا راعي المضيف يلي بيتو بالعلا"، ويعني العزم و"أن يزهموا صوب المعزب الذي يكون شكل حجازته"، وهو الثوب، ويخلع "السلك والعقال"، وهنا يستقبلهم ويحيي الضيوف، ومن الأبيات التي تردد في غناء "الحدادي":

"قلبي يللي ما تواتيك النصيحه... وردوك البيض لمعات السراب

الخلايق كل أبوها مستريحه... بسْ أني ربي خلقني للعذاب"».

وحدثنا "موسى القاسم"، وهو من كبار السن في مدينة "درعا" عن أصل غناء "الحدادي" ووزنه وطرائقه في الغناء بالقول: «الأغنية مرتبطة بحياة الإنسان في مراحلها الكاملة، كما أنها ترتبط بمعتقداته وعمله وأوقات لهوه، ولها دور كبير في حياة أبناء "حوران" لا يمكن تجاهله، فتعددت الأغنية وكان على رأسها الحداء شعر القدامى من السكان، الذي ولد في رحم الحروب والغزو، وترافق وزنه الخفيف مع خفة الفرس، وضربة المحارب، ولذا فهو شعر حماسي، وشعر استنهاض العزيمة والنخوة، يحث الناس على القتال، ويدفعهم إلى القتال بشجاعة من دون خوف من الموت، ومن أهم ميزات هذا النوع من الغناء أنه يستخدم اللهجة العامية، وموزون ومقفى. والأهم أنه يحث على القتال والقوة لتحقيق النصر على الطرف الآخر، والتكرار في الغناء، وموجه إلى الطرف الآخر في القتال، ويقال: "يالله على الحدادي"؛ أي يذهبون "حديدي" عندما تتوجه مجموعة من الرجال من أبناء العائلة والعشيرة إلى الفرح و"التعليلة" التي تقام بالليل أي "هجيني"، أو الذين مارسوا الفروسية وركوب الخيل وتربيتها».