تعد الألعاب الشعبية جزء من ميراث أي شعب وقد تفتقت عنها خيالات الناس في الماضي لقضاء أوقات الفراغ. ويمكن وصف الألعاب الشعبية بأنها حصيلة ثقافية موروثة ذات جذور تاريخية وذات فوائد ومزايا. وهي إما جماعية تحتوي على أسس وقوانين أو أنها فردية تتميز بالبساطة.

وتعتبر الألعاب الشعبية في "درعا" جزءاً هاما من التقاليد المتوارثة التي لا تخلو من الذكاء والقوة وخلق التوازن النفسي فضلاً عن الالتزام بمبادئ التعاون وحب الجماعة، فهي جزء من مرح الطفولة وأنشودتها البريئة.

كانت فئة الشباب تمارس الألعاب في ظل نوع من المنافسة الشريفة الخالية من الأحقاد والخلافات الشخصية لتعكس قوة المجتمع وتوحده وتماسك بنيانه، وهذا أكثر ما اشتهرت به المجتمعات الريفية التي تأثرت بنوعية ألعابها التي كان أصلاً للبيئة تأثيراً واضحاً عليها

للتعرف على بعض هذه الألعاب التي كانت قديماً وما زال البعض منها، موقع "eDaraa" التقى بتاريخ "14/12/2011" السيد "محمود المهدي" أحد سكان مدينة درعا الذي قال عن الألعاب القديمة: «لم يكن الهدف من الألعاب الشعبية التي عرفتها حوران تنشيط الجسم وتقويته وتنمية مواهب الإنسان فحسب، بل إنها هدفت إلى تنمية العلاقات الاجتماعية وتجسيد روح الأخوة والتعاون فيما بين أبناء البلدة الواحدة، فمثلاً يشترك في "لعبة الخاتم" عدد من الفتيان والفتيات هم بحاجة لخاتم فضي عادي وزنار جلدي فقط ليلعبوها، حيث ما أن يقع الدور على أحدهم حتى يرمي الخاتم إلى الأعلى ثم يتلقاه على باطن يده ويجتهد في إدخاله بأحد أصابعه فإن استطاع أصبح ملكاً ومن ينحو نحوه يصبح جلادً أطاع أوامر الملك لاستخدام الزنار الجلدي في جلد كل من وقع الخاتم من يده ولم يستطع إدخاله في أحد أصابعه، هذا ويتزايد الضحك والسرور عندما يتغير الملك والجلاد ويبدأ السداد منهم لأن الجميع يصبحون ملوكاً بالدور».

السيد محمود المهدي

وعن تنوع تلك الألعاب قال السيد"ابراهيم الشعابين" رئيس سابق للمركز الثقافي بدرعا وأحد المهتمين بالتراث: «تختلف الألعاب التي يمارسها الفتية في ساحات الحارة التي يقطنها معظمهم عن تلك التي تتسلى بها الفتيات أمام بيت إحداهن، وبالطبع كلاهما يختلف عن ألعاب الكبار التي غالباً ما تكون في إحدى المضافات التي جمعتهم في سهرة تلك الليلة.

فمثلاً يمارس الفتية مساءً "لعبة المفاقسة" بالبيضة حيث يشترك في هذه اللعبة اثنين كل منهما يمسك بيده بيضة طبيعية غير مسلوقة أو مشوية يحاول بواسطتها شعر وليس كسر البيضة التي بيد شريكه من منطقة الرأس أو العجز أو البطن وهي أجزاء البيضة، وإن تمكن من ذلك يعلن نفسه صاحب البيضة الأقوى رأساً أو عجزاً أو بطناً، بينما تلعب الفتيات اللواتي غالباً ما يرددن أغاني وأهازيج معينة خلال لعبهن "الزقطة" التي تتألف من خمس حصى كل واحدة حجمها أكبر من حجم الدحل الزجاجي أو المعروف باسم الكازوز، وبواسطة اليد الواحدة تبدأ اللعبة وفقاً لقوانين محددة ودقيقة، بأن تمسك الفتاة بالحصى وتحاول التقاط الأخرى من الأرض وإن استطاعت تكمل بزيادة عدد الحصيات التي عليها التقاطها إلى جانب الحصى الأولى في كل مرة وهكذا حتى تتمكن من التقاط الحصيات الخمس».

لعبة الزقطة

وحول أهمية وقيمة الألعاب الشعبية قال السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث: «كانت فئة الشباب تمارس الألعاب في ظل نوع من المنافسة الشريفة الخالية من الأحقاد والخلافات الشخصية لتعكس قوة المجتمع وتوحده وتماسك بنيانه، وهذا أكثر ما اشتهرت به المجتمعات الريفية التي تأثرت بنوعية ألعابها التي كان أصلاً للبيئة تأثيراً واضحاً عليها».

وعن فوائد الألعاب الشعبية قال السيد "المقداد": «تحظى الألعاب الشعبية التي تناقلتها الأجيال على مر العصور باهتمام كبير لما لها من فوائد اجتماعية وخلقية وسلوكية وبدنية ، فهي تنمي العلاقات الاجتماعية عبر تجسيد روح التعاون فيما بين أفراد الجماعة المشتركين في اللعبة، فضلاً عن ما تسهم به من تعلم مبادئ الصبر والمثابرة والتشجيع على التفكير والإبداع وغرس معاني حميدة من خلال إجبار اللاعب على الالتزام بقوانين اللعب».

السيد ابراهيم الشعابين