بخمسة وثلاثين ليرة سورية فقط استطاع أن يحقق حلمه وطموحه باقتناء العود الذي لم يكن يعرف عنه إلا مكان بيعه، فقصد سوق "الحميدية" طلباً لشرائه، فتكثفت تفاصيل الحلم بلحظات شرود تخللت دندناته على الأوتار أمام صاحب المحل الذي بات جزءاً من قصة "أحمد الزعبي" "أبو غسان" (مواليد حوران – المسيفرة 1958) الذي يقول لموقع eSyria:

«منذ طفولتي وأنا أهوى الفن وأهوى سماع العود من خلال بعض الفنانين القدماء أمثال "يونس العلي الزعبي" و"خالد الشيخ حسين"، ولم أكن أعلم بوجود ورشات تختص بصناعته، سوى بعض المحال التي تعلقه في أحد الأسواق الدمشقية، فنصحني بائع الأعود بالذهاب إلى أحد المعاهد الخاصة لتعلم العزف وأرشدني إلى الأستاذ "ميشيل عوض"».

هناك درست المقامات وتعلمت كيفية التنقل من مقام لآخر، كما تعلمت صولفيج الغناء، وبعد ثلاث سنوات استطعت أن ألم بكيفية العزف وأساليبه بشكل جيد

وتابع بالقول: «هناك درست المقامات وتعلمت كيفية التنقل من مقام لآخر، كما تعلمت صولفيج الغناء، وبعد ثلاث سنوات استطعت أن ألم بكيفية العزف وأساليبه بشكل جيد».

أبو غسان إلى جانب ولده وحسين ابراهيم

تنقل "أحمد الزعبي" بين عدة أماكن محاولاً العزف وتطوير نفسه فمن "حوران" حيث أتقن الغناء بشكل جيد، إلى "دمشق" في حارات "الشاغور والعمارة والميدان" حتى اعتمد على نفسه وأصبح يكتب باللهجة المحكية ليعمم تجربته ناشراً فنه وأسلوبه في "القلمون والقطيفة والمعضمية وجيرود ودير عطية ويبرود وإدلب وسراقب" حتى أنه سافر إلى مصر.

كانت أغنية "يا عويد الزل الحوراني" و"يما وين الغالي وين" من أوائل الأغاني التي كتبها وغناها، ورغم الحادث الأليم الذي ألم به مازال يكتب ويلحن ويغني وعن ذلك قال: «فقدت بصري عام 1985 إثر حادث سيارة، لكن كف البصر أعطاني قوة وتحدياً كبيرين، فاستطعت تحريض مخيلتي لتأليف اللحن والكلام بمساعدة أصدقائي وعائلتي».

أبو غسان وأم موفق الزعبي

كتب "أبو غسان" ما يقارب 200 أغنية منها المؤلف ومنها المطور عن الفلكلور كما سماها، فحدثنا عن أغنية "يم المنديل الوردي" التي كتبها عام 1980 من كلماته وألحانه وهي على مقام البيات إيقاع اللف، و"حوراني جنه" فلكلور مطور على مقام السيكا إيقاع اللف، و"هبت هبوباً شمالي" على مقام الراست.

واستطاع "الزعبي" أن يسجل حوالي 15 نسخة من هذه الأغاني، كانت حفلة الكويت عام 1975 من أولى هذه التسجيلات.