لكل منا طريقة بالتعبير عن مشاعره من فرح وحزن، وربما يعود فيها عامل من العادات والتقاليد المتوارثة، والبعض أضفى عليها صوراً من عادات ربما تكون مكتسبة من الحاضر، وفي محافظة "درعا" لا تزال عادات وتقاليد الأفراح متوارثة حتى اليوم، فتختلف العادات وتتنوع في كل قرية ومدينة، ويحتاج الفرح "العرس" لفترة من الإعداد والتجهيز من قبل أهل العريس، تستغرق فترة طويلة قبل الفرح، وأهم ليالي الفرح هي ليلة "الحناء" و"يوم الزفاف"، وما يرفقهما من الأغاني الخاصة والدبكات مثل "الهجيني والجوفية والدلعونا".

للتعرف أكثر على ليلة الحناء بأفراح "حوران" موقع eDaraa في 5تشرين الأول 2009 التقى مع الباحث الموسيقي "أحمد الناجي المسالمة" الذي حدثنا بالقول: «أهم ليالي الفرح في المحافظة هي ليلة الحناء، حيث لابد من الإعداد والتجهيز من قبل أهل العريس إلى يوم الفرح الكبير، فهم يستقبلون الوافدين من المدعوين مع كل مساء، ولمدة ثلاثة إلى سبعة أيام قبل ليلة الحناء، فتقام سهرات الفرح للرجال والشباب على ضوء المشاعل والأنوار الكبيرة، وتقدم لهم القهوة العربية والشاي. ويشتد الفرح ويبلغ ذروته في ليلة الحناء، وقد يجلب بعض المدعوين من المعارف والمقربين معهم الهدايا من الخراف يقدمونها "نقوطاً" أو مساعدة لأهل العريس».

متعة تواجد الأهل والخلان في ليلة الحنة تعطيها مكانة اجتماعية مميزة، حيث ترقص النسوة والأقارب والشباب على أنغام أغاني الحنة الخاصة، التي تكرست من خلال العادات والتقاليد التي توارثناها عن أهلنا وأجدادنا، كانت ليلة مختلفة عن بقية الأيام بكل شيء

ويتابع الباحث "المسالمة" حديثه: «وبعد أن يفرغ "الرجال" من عملية "السحجة" و"الدبكة" بمختلف ألوانها وأشكالها، يجير أحدهم بصوته على الحضور بقوله "جيرا – جيرا" عندها يتفرق الحضور ويغادر من يغادر ويبقى بعض الشباب المقربين من العريس يلتفون حوله، ويتقدم بعضهم بالحناء المعدة خصيصاً لهذه الغاية ويبدؤون بتخضيب يدي العريس وتزيينها بالحناء، ويطوقه البعض الآخر ويبدؤون بالغناء له احتفالاً وفرحاً حيث يغنون مرددين مع بعضهم كالتالي:

سفرة الحناء في احد الاعراس

حنيت إيديا ولا حنيت أصابيعي/ يا محلا النوم بحضين المرابيع

حنيت ايدينا ولا حنيت كفاتِ/ يا محلا النوم بحضين البنياتِ

الباحث احمد ناجي مسالمة

أو كما في:

ليلة الحناء

عالمدلل يا قلب واسحن وهات/ خطيت العزبان عالعندو بنات

عالمدلل يا قلب واسحن أو جيب/ خطيت العزبان بـرقـبت خطيب».

ويقول:

«أما الفتيات فيذهبن مجتمعات إلى منزل العروس ليخضبن يديها ويزيننها بالحناء، يرافقهن الغناء والحداء والأهازيج أيضاً، حيث تقوم العروس بارتداء ثوب خاص بهذا اليوم والبعض منهن تقمن بتبديل الثوب أكثر من مرة بألوان وأشكال مختلفة، حيث تكون الحناء جاهزة منذ فترة الظهيرة وتوضع بإناء خاص لها، بعدها يقمن بالغناء كما يفعل الشباب بوجود النساء الأكبر منهن سناً أو يزدن كما في التالي:

"يا لاهل لا يبرئ لــكــم ذمــة/ وشو عماكم عن بنت الخال والعمة"

"يا لأهل يا لأهل يا محلى لياليكم/ يا محلــى النـــوم بفيــت علا ليكم"

ويضيف قائلاً:

«أما أهل العريس وبعض المقربين والجوار فينشغلون في هذه الليلة "ليلة الحناء" بذبح الخراف وتقطيع لحمها ومرس اللبن "الجميد"، وطبخ البرغل واللحم والمرق على القدور وإعداد الدعكة لصناعة الكبة والأقراص بكميات كبيرة تكفي لجميع المشاركين في وجبة الغداء، والمشاركات من النساء اللواتي يحضرن معهن في اليوم التالي الأطباق القشية، وكل طبق فيه كمية من البرغل أو الرز أو الحنطة، وكي لا تعود بطبقها فارغاً يوضع فيه كمية من الكباب والأقراص وقطع اللحم المطبوخة.

إذن فالأهل والأصحاب في هذه الليلة ينشغلون لدرجة كبيرة وحتى طلوع الفجر لينضج الطعام ويصبح جاهزاً، ورغم التعب والسهر فهم يعللون أنفسهم بالغناء أيضاً إما الهجيني أو الحداء والزغاريد:

في الهجيني:

يا طيور يم الأهــل ودن ودن أعلو من زريفات

وأوصيكن عالغير ما تلدن وومن بروس الجناحات

أو في الحداء النسائي التالي:

ذبحنا ذبايحنا على المرج الأخضر حوالي ذبايحنا عقيقاً منثر

يا ما حـلا الخيين يا ما حـــلاهم فلان وفلان بيض الله ثناهم».

الحاجة "نعمة الرفاعي " (أم جاسم) قالت:

«ليلة الحناء هي الليلة الكبيرة والمتعبة، يتم التحضير لها قبل أيام وتتم دعوة جميع الفتيات والسيدات في القرية أو الحي لحضور الحنة، ويتم نقوط العروس بهذه الليلة وإحضار الهدايا لأهل العروسين إذا كان العريس من نفس القرية، وفي آخر الحفل نرسم الحنة على يدي العروس وبأشكال مختلفة».

"أيوب المحمد" أحد العرسان الذين تزوجوا مؤخراً أضاف: «متعة تواجد الأهل والخلان في ليلة الحنة تعطيها مكانة اجتماعية مميزة، حيث ترقص النسوة والأقارب والشباب على أنغام أغاني الحنة الخاصة، التي تكرست من خلال العادات والتقاليد التي توارثناها عن أهلنا وأجدادنا، كانت ليلة مختلفة عن بقية الأيام بكل شيء».