على حافة ذكريات سبعة عشر عاماً، لم تستطع "رغد جديد" العودة إلى إحيائها بسبب الظروف، بل اختارت ذكرياتها وخيالاً يضج بها، لتبدأ تجربتها بكتابة القصة بعد نزوح كانت تترقبه، وهي بعيدة عن أهلها الذين وصلتهم الحرب وهم في موطن الذكريات في مدينة "الحسكة"، فكانت تلك الحادثة الفتيل الذي أوقد حبر قلمها، لتبدأ خطواتها الأولى في الكتابة.

ملف صوت:

مقال مهم:

الملخص: على حافة ذكريات سبعة عشر عاماً، لم تستطع "رغد جديد" العودة إلى إحيائها بسبب الظروف، بل اختارت ذكرياتها وخيالاً يضج بها، لتبدأ تجربتها بكتابة القصة بعد نزوح كانت تترقبه، وهي بعيدة عن أهلها الذين وصلتهم الحرب وهم في موطن الذكريات في مدينة "الحسكة"، فكانت تلك الحادثة الفتيل الذي أوقد حبر قلمها، لتبدأ خطواتها الأولى في الكتابة.

جاء أهلي من "الحسكة" بطريقة صعبة وظروف محفوفة بالمخاطر، بعد أن انقطعت أخبارهم عني، ولم أكن أعلم عنهم شيئاً. سبّب هذا الشيء الكثير من الخواطر ومشاعر الفقد؛ فقدنا البيت وذكريات سبعة عشر عاماً. إنه المكان الذي تربيت فيه. ترجمت تلك الأحداث بقصة كتبتها، دمجت فيها كل ما حدث، وأضفت إليها خيالاً، وقد أدواتي هي القراءة واللغة والسينما ومتابعتي لها. لقد كانت تأتيني الفكرة على شكل صورة، لذلك فقد اعتمدت على ذاكرتي الصورية. وهكذا كان نتاج قصتي الأولى. إن تذوق الأدب وخلاصة دراستي والذائقة الشخصية، كلها ساعدتني على المشاركة بالقراءات الأدبية فيما بعد، وأضافت إلي خبرات منوعة في الترجمة والأدب

اعتمدت على مخزون بدأ يتبلور منذ المراحل الأولى، لتتشكل لديها ذائقة أدبية. إنها تقرأ وتكتب وتعيد صياغة ما تراه وتقرأه. تقول في حديثها لمدونة وطن: «عشت ما يقارب عقدين من الزمن في "الحسكة"، الأمر الذي كان أحد دوافعي لكتابة القصة. أنتمي إلى جيل تربى على أفلام الكرتون الممزوجة بالقيم والفائدة. تأثرت باللغة الفصحى حينذاك. كنت أحبّ قصص أفلام الكرتون، ولم تكن تعجبني نهايات بعضها أحياناً، فكنت أقوم بإعادة كتابتها وصياغتها. كما كنت أحوّل ما أقرأه في المجلات إلى مسرحيات. وفي المراحل المدرسية كانت الدراسة الجزء الهام في حياتنا، فكنت أدرس وأنجز فروضي كي أجد وقت فراغ لكتابة الشعر. وكنت أحظى بتشجيع الأهل وخاصة والدتي، كما كان للقضية الفلسطينية وأطفال الحجارة وقع خاص في نفسي. وكنت قد كتبت قصتين في هذا الموضوع. درست اللغة العربية في الجامعة، وتخرجت عام 2015، وسجلت ماجستير عام 2016، فكان للغة دورها الكبير في هذا المجال».

إحدى جلسات القراءة

اتجهت "رغد جديد" إلى كتابة القصة في عام 2013، وهنا تقول: «جاء أهلي من "الحسكة" بطريقة صعبة وظروف محفوفة بالمخاطر، بعد أن انقطعت أخبارهم عني، ولم أكن أعلم عنهم شيئاً. سبّب هذا الشيء الكثير من الخواطر ومشاعر الفقد؛ فقدنا البيت وذكريات سبعة عشر عاماً. إنه المكان الذي تربيت فيه. ترجمت تلك الأحداث بقصة كتبتها، دمجت فيها كل ما حدث، وأضفت إليها خيالاً، وقد أدواتي هي القراءة واللغة والسينما ومتابعتي لها. لقد كانت تأتيني الفكرة على شكل صورة، لذلك فقد اعتمدت على ذاكرتي الصورية. وهكذا كان نتاج قصتي الأولى. إن تذوق الأدب وخلاصة دراستي والذائقة الشخصية، كلها ساعدتني على المشاركة بالقراءات الأدبية فيما بعد، وأضافت إلي خبرات منوعة في الترجمة والأدب».

مسابقات الشباب الأدبية كانت حافزاً لها، واتخذتها نافذة للمشاركة والإبداع. وحول هذا تقول: «شاركت بقصة في مسابقة الشباب في اتحاد الكتاب العرب التي تقام كل ربيع، وشاركت بقصة في عامي 2014 و2015 وحصلت على المرتبة الأولى. ونظم المركز الثقافي الإيراني مسابقة عام 2017، وهي مسابقة أدبية خاصة بأدب المقاومة شاركت فيها بقصة ونلت المرتبة الثانية. بعد ذلك بدأت أبحث عبر وسائل التواصل عن فرق أو مجموعات وصفحات تنظّم مسابقات أدبية، بدعم من أصدقائي الذين ارتبطت ذاكرتهم بمشاركاتي في المسابقات. فالمسابقات الإلكترونية فرصة لنعبر وننشر أفكارنا. وفي عام 2020 أيضاً شاركت في مسابقة نظمتها مجلة "شجون عربية" على مستوى الوطن العربي، ونلت فيها المرتبة الثالثة، وأرسلوا إلي بعض الكتب من "لبنان" كجائزة تشجيعية. ثم شاركت بمسابقة "زيرووان" للقصة القصيرة، وكانت قصتي بين عشرين قصة فائزة، والقصص الفائزة تنشر في كتاب، بالإضافة إلى تسجيلها صوتياً. كما شاركت في مسابقة القصة القصيرة للشباب أقامتها مديرية الثقافة في "طرطوس" وحصلت على المرتبة الأولى وتم تكريمي».

تكريمها في إحدى المسابقات

تحدثت الكاتبة "سارة حبيب" عن رأيها بقصص "رغد" قائلة: «تتميز قصصها بجدّتها، وبما أن القصة القصيرة لاتزال تتخبط في الكلاسيكية، فالجدّة هي أهم ما يمكن لقاص شاب تقديمه، وتتمثل هذه الجدّة خصوصاً في مسألة الشكل، حيث إن لكل قصة من قصص "رغد" أو لكل مجموعة من قصصها شكلاً مختلفاً عن الأخرى، ومن الواضح أنه شكل يتغير تبعاً للموضوع؛ فقصة "خمس صور" مثلا مكتوبة بشكل القص التقليدي، لأن موضوعها قائم على الذكريات، وإن كان ذلك بطريقتها الخاصة (تفتح كل صورة سيل ذكريات، وتدفع الزمن إلى الأمام)، أما "خضاب" فمكتوبة بغرابة بالغة؛ تتكئ "رغد" هنا على موضوع عادي (ضربة على الرأس) لتبني عليه مجموعة من التداعيات السريالية، وهو ما يظهر أيضاً في "قيد أنملة". هذا النمط بالذات يحيلني إلى القول إنها مع تطور تجربتها ربما تختار النمط الحكائي الأقرب إلى شخصيتها الكتابية، وإنها قررت الركون إلى نمط واحد يميزها. وبرأيي أن الغرابة هي أكثر ما تنجح فيه. يعود هذا إلى مخيلتها الخصبة ونظرتها السينمائية لسير الحكاية وإلى براعتها في مفاجأة القارئ بين حين وآخر».

يذكر أن "رغد جديد" من مواليد "اللاذقية" عام 1992، وتنشر قصصها في مجلة مدى الثقافية وموقع قلم رصاص، وشاركت بفعالية أدبية فنية منوعة مع مجموعة "سما سورية" التطوعية، ومن قصصها "سلكي لاسلكي"، "مذكرات فقاعة"، "خمس صور" وغيرها، وتقيم في مشروع "البعث".

سارة حبيب

"تمّ اللقاء بتاريخ 18 شباط 2021"