في الوقت الذي تخصص فيه العديد من دول العالم على اختلاف مستويات نموها وتطورها رقماً واحداً لمواطنيها للإبلاغ عن حالات الطوارئ تزخر مواقع الإنترنت السورية بعشرات القوائم الموسعة والمختصرة لأرقام الطوارئ في البلاد،.

أقلها بسبعة أرقام، وأكثرها يضم 55 رقماً، يضاف إليها أرقام الهواتف المخصصة لشرطة الطرق العامة وعددها 27 رقماً. ‏

فأن تحفظ رقماً واحداً أسهل بكثير من حفظك لعشرات الأرقام

القوائم التي أشرنا إليها تتفق على أن رقم الإطفاء (113)، والنجدة أو الشرطة (112)، والإسعاف (110)، ولكن هذه الأرقام اختلف عليها من استطلعنا رأيهم بخصوصها على موقع التواصل الاجتماعي الـ «Facebook»، فمن أصل 100 شخص:30 % يعرفون رقماً واحداً على الأقل، و10 % يعرفون جميع الأرقام، وكان السؤال: هل تعرف أرقام الإسعاف، الإطفاء، النجدة في سورية؟ ‏

محمد الأذن

إجابات على الفيسبوك ‏

تمكن الإشارة إلى عينة من إجابات من استطلعنا رأيهم: ‏

  • لا أعرف سوى الرقم (111) ‏
  • - رقم النجدة (100) ‏

    - لا أعرف رقم الإسعاف ‏

  • أذكر مرّة أنني اتصلت على رقم ( 119) وهم حولوني بدورهم إلى الإسعاف. ‏
  • - الإسعاف (114). ‏

  • لا أعرف أي رقم منهم ولكن بإمكاني الاتصال على رقم الاستعلامات (147) للاستفسار عن هذه الأرقام!. ‏
  • والقراءة الأولية لهذه النتائج تشير إلى أن معظم من استطلعنا رأيهم يميلون إلى حفظ رقم واحد، وربما يكون توحيد الرقم الهاتفي المخصص لتلقي المكالمات عن الحالات الطارئة الحل الأمثل لهذا التضارب في الإجابات، فالأرقام على كثرتها غابت عن أذهان المواطنين في وقتٍ أحوج ما نكون فيه لتذكرها، لاسيما أن هناك تجارب عربية وعالمية في هذا المجال نورد منها على سبيل المثال لا الحصر: رقم الطوارئ الموحد في معظم دول الاتحاد الأوروبي وروسيا: (112)، في قطر وعمان والبحرين والإمارات (999)، كازاخستان (03)، جورجيا (022)، بورما (999)، نيجيريا (199)، فنزويلا (171)، السيلفادور (911)، كندا (911)، وفي الولايات المتحدة الأمريكية (911). ‏

    منذ2007 ‏

    فكرة وجود رقم طوارئ موحد للبلاد مطروحة منذ العام 2007.. كل البنى اللوجستية متوفرة.. والتنفيذ يحتاج إلى اجتماعٍ تنسيقي واحد. ‏

    ما إمكانية تخصيص رقمٍ هاتفي موحد للإبلاغ عن الحالات الطارئة في سورية؟ سؤال توجهنا به إلى المهندس نور الدين الصبّاغ مدير الإدارة التجارية بالمؤسسة العامة للاتصالات، الذي أكد لنا أنّ هذه الفكرة طرحت لأولّ مرّة منذ العام 2007 وكانت موضوع نقاش ومراسلات بين المؤسسة العامة للاتصالات وبين الجهات المعنية بتوفير خط موحد لجميع حالات الطوارئ في سورية. ‏

    وتحدث الصبّاغ عن تزايد الطلب من العديد من الفعاليات في البلاد مؤخراً على أرقام مخصصة للحالات الطارئة، لكن معظمها في حقيقة الأمر لا تنطبق عليها معايير حالات الطوارئ العالمية، في حين أن تخصيص رقم موحد للطوارئ في سورية هو الحل الأسلم والأفضل، والأسهل بالنسبة للأخوة المواطنين: «فأن تحفظ رقماً واحداً أسهل بكثير من حفظك لعشرات الأرقام». ‏

    وقال: إن تنفيذ هذا الموضوع له متطلبات: «كتوافر مراكز استلام المكالمات call center يتم من خلاله تخديم المواطنين، وربطهم مع مراكز الطوارئ التابعة لمختلف الجهات المعنية ومراكز الطوارئ والإسعاف والمؤسسات والوزارات، ووجود مثل هذا المركز يعني أن كل المعلومات عن الحواداث وحالات الطوارئ في سورية ستصب في قناة واحدة ما يسهم في إجراء دراسات حول كيفية تفادي هذا النوع من الحالات، ويمكّن الحكومة من الحصول على مؤشرات إحصائية في الكثير من القضايا الصحية، أو المرورية، أو ماشابه». ‏

    وأوضح الصبّاغ أن هناك عدة سيناريوهات لتنفيذ المشروع، ولكن يجب في البداية التنسيق مع الوزارات المعنية بحالات الطوارئ: «مبدئياً يتوافر لدى المؤسسة العامة للاتصالات مراكز تواصل مجهزة بأحدث التقنيات في عدة محافظات، وحتى لو أردنا إنشاء مراكز مخصصة لهذا الغرض فالأمر ليس بهذه الصعوبة، ويمكن الانطلاق في المشروع على مرحلتين؛ الأولى: الاستفادة من المراكز التابعة للمؤسسة والمتوافرة حالياً، والثانية: وضع خطة لتأمين مركز طوارئ على مستوى سورية ككل». ‏

    وعن الجهة المسؤولة عن إطلاق هذا المشروع الذي مضى على مناقشته لأول مرّة خمس سنوات، قال الصبّاغ: «أعتقد أن وزارة الإدارة المحلية هي المعنية بالإشراف على هذا المشروع، لأنه قضية خدمية، وذلك بالتنسيق مع وزارات أخرى مثل : الداخلية، الصحة، الكهرباء، البيئة، الزراعة... إلخ» ‏

    وأضاف: «حينما نقول إن وزارة الإدارة المحلية معنية بهذا المشروع فالمقصود بذلك على مستويي التنسيق والتمويل، وأعتقد أن الاستثمار في بناء وتجهيز مراكز الاتصال ليس بالقضية الكبرى من الناحية المالية، لكن الفكرة في الحقيقة قائمة على توفير برنامج وتجهيزات تقنية للربط بين مراكز استلام المكالمات call center وأقسام أخرى، وربما تنصّبُ التكلفة الحقيقية على تأهيل كادر بشري مؤهل، وجاهز للرد على مدى 24 ساعة سبعة أيام في الأسبوع، ومن الممكن أن يتم ذلك بالاتفاق بين الوزارات لتأمين هذه الخدمة للأخوة المواطنين». ‏

    ومن الناحية الاقتصادية قال مدير الإدارة التجارية في المؤسسة العامة للاتصالات: «إن وجود عدة أرقام طوارئ أو توحيدها مسألة واحدة بالنسبة للمؤسسة، فهذه الأرقام عادة ما يتم تخصيصها مجاناً سواءً بالنسبة للمتصل أو للجهة التي يتم الاتصال بها، والمؤسسة عموماً لاتنظر إلى العائد المالي من هذه الخدمة العامـّة». ‏

    لجنة طوارئ ‏

    ولمتابعة الموضوع مع وزارة الإدارة المحلية التقينا العميد حمد السرحان مدير الإطفاء وإدارة الكوارث في الوزارة، وتحدث عن تشكيل لجان للطوارئ في كل المحافظات السورية منذ العام 2009، وكل لجنة تضم عناصر من الإطفاء، الدفاع المدني، الإسعاف، الشرطة، طوارئ الكهرباء، طوارئ المياه، مؤسسة الصرف الصحي، الاتصالات، الهلال الأحمر العربي السوري، الخدمات الفنية، والزراعة، وتوجد هذه العناصر مع آلياتها ومعداتها الضرورية في مكانٍ واحد، وعلى مدى 24 ساعة، وكل مجموعة لها قائد يتبع للمحافظ مباشرة، وترتبط هذه اللجان في المحافظات بوزير الإدارة المحلية، ورئاسة مجلس الوزراء، أما تلقي المكالمات من المواطنين: «فيكون على أحد الأرقام المخصصة للإطفاء أو الإسعاف، أو النجدة... إلخ، وحينما يتم الإبلاغ عن أية حالة من الحالات الطارئة، يكون هناك تنسيق بين كل أعضاء المجموعة للتعامل معها». ‏

    وقال السرحان: «إن معظم المكالمات الواردة للجان الطوارئ في المحافظات تأتي على رقم فوج الإطفاء (119)، أو الرقم المخصص للصحة (110)، وتوفير رقم موحد للإبلاغ عن الحالات الطارئة في سورية أمر جيد وضروري كما في العديد من دول العالم، ولاسيما أن إمكانية التنسيق موجودة بين مختلف الجهات المعنية بذلك، وتوجد على مدار الساعة في مكانٍ واحد، ومراكز وجودها مزودة بتقنيات الاتصال اللازمة السلكية واللاسلكية». ‏

    وحول التنسيق مع المؤسسة العامة للاتصالات، وإمكانية الاستفادة من مراكز التواصل التابعة لها في المحافظات، قال مدير الإطفاء وإدارة الكوارث في وزارة الإدارة المحلية: «أتمنى أن تكون هذه المراكز تحت تصرف لجان الطوارئ في المحافظات، أو يتم تخصيص رقم موحد للتواصل معها، لاسيما أن الكوادر البشرية موجودة ومؤهلة، وقائمة على رأس عملها، كما يمكن الربط بين هذه المراكز وغرفة عمليات مركزية تشرف عليها بشكل مباشر اللجنة الوطنية العليا لإدارة الكوارث». ‏

    ومادامت الفكرة مطروحة منذ العام 2007، والكوارد مؤهلة وتباشر عملها منذ العام 2009، ومراكز التواصل أو غرف العمليات مجهزة بالتقنيات اللازمة، ما الذي يؤخر توفير رقم الطوارئ الموحد في سورية؟ ‏

    يؤكد العميد السرحان أن الأمر لا يتطلب سوى اجتماع تنسيقي بين الوزارات المعنية بالحالات الطارئة في البلاد، ووعد بأن يكون هذا المشروع «البند الأول على جدول أعمال الاجتماع المقبل للجنة العليا لإدارة الكوارث»... وتوقع أن يكون هذا الاجتماع قبل نهاية الربع الأول من العام الحالي 2012. ‏