كان السيف الدمشقي صاحب كلمة الفصل في جميع الفتوحات العربية التي لم يعرف العالم لها مثيل، حتى غدا رمزاً للشجاعة والأصالة ومجالاً لإظهار الإبداع الدمشقي.

" eDamascus" التقى "ريمون جبيلي" وهو أحد أشهر صناع السيوف الدمشقية حالياً، والذي حدثنا عن السيف الدمشقي، فيقول: «إن من أهم مميزات السيف الدمشقي والذي أكسبه شهرته تكمن في نسل السيف أو نسلة الجوهر "الجوهر الدمشقي"، وهي خلطة من المعادن التي يتشكل منها "الفولاذ" الذي يصنع منه نسل السيف، مائل إلى السواد، ومنه "الأسود اللامع والأسود الخراساني أو الشامي"، لكن هذه الخلطة ليست موجودة الآن، ولا تصنع السيوف الدمشقية الحديثة منها، لأنه لم يتم اكتشاف السر في هذه الخلطة الغريبة حتى الآن على رغم من المحاولات الكثيرة لاكتشافها من "أوربيين، أمريكيين وروس" وغيرهم، لأن السر في "الجوهر الدمشقي" انقرض مع وفاة مكتشفيها، وهناك أقاويل كثيرة عن هذه الخلطة، منهم من يقول أن الفولاذ كان يطمر تحت الأرض لسنوات حتى يستخرج منه الجوهر الدمشقي، ومنهم من يقول أنها تترك ليضربها صواعق ومن ثم تستخدم في هذه الصناعة، كما للسيوف الدمشقية مميزات أخرى كثيرة كسبته هذه الشهرة، فهو خفيف الوزن، ذوحدة، قاتلة، قوية، وعليها عروق "البطانة"، مما يحفف على المقاتل سهولة الحمل والمحاربة».

تعلمت مهنة صناعة السيوف وورثتها عن والدي قبل 40 عاماً عندما كنت في السادسة من عمري، والآن معمل "السيف الملكي" الذي يرجع ملكيته لي هو المعمل الوحيد الذي يصنع ويبيع السيوف الدمشقية في الأسواق السورية، كما أُصدر السيوف إلى معظم الدول العربية وأوربية، وحباً بهذه المهنة علمتها لأولادي، وأتمنى أن يحافظوا عليها ويعملوا بها إلى جانب دراستهم الأكاديمية حفاظاً على المهنة الدمشقية العريقة

ويضف "جبيلي": «تعلمت مهنة صناعة السيوف وورثتها عن والدي قبل 40 عاماً عندما كنت في السادسة من عمري، والآن معمل "السيف الملكي" الذي يرجع ملكيته لي هو المعمل الوحيد الذي يصنع ويبيع السيوف الدمشقية في الأسواق السورية، كما أُصدر السيوف إلى معظم الدول العربية وأوربية، وحباً بهذه المهنة علمتها لأولادي، وأتمنى أن يحافظوا عليها ويعملوا بها إلى جانب دراستهم الأكاديمية حفاظاً على المهنة الدمشقية العريقة».

السيف الدمشقي

حول طريقة تصنيع السيف الدمشقي يقول "جبيلي": «يتكون نسل السيف الدمشقي الحديث من الحديد أو الفولاذ مع إضافة بعض الشوائب من الكربون والكبريت، أما الغلاف فهو من النحاس الصاج، نبدأ أولاً بإحماء القطبان "الفولاذ" تحت درجة الحرارة "1000 إلى 1500"، بعدها تسحب هذه القطبان ليتم طرقه يدوياً بمطارق حديد كبيرة قبل إحمائه من جديد، بعدها يطرق مرة أخرى ليأخذ السيف شكله النهائي ومنه المستقيم والمائل، ثم يترك حتى يبرد ليركب القبضة التي غالباً تتكون من الحديد أو الخشب "الزان"، ثم نأتي إلى الغلاف الخارجي المكون من النحاس الصاج ليتم لفه وتلحيمه وثم ينقش عليه، وهناك من ينقشه بالذهب والفضة أو كتابات خاصة حسب رغبة الزبون».

كما التقينا "أحمد الأغا" 88 عاماً، أحد حرفي صناعة السيوف الدمشقية، فيقول: «إن من أهم أسباب تراجع صناعة السيوف يكمن بفقدان السرية في صناعة الخلطة "الجوهر الدمشقي" التي يصنع منها نسل السيف، فيرجع سبب فقدان السرية في هذه الجوهرة إلى احتكار عائلة واحدة أو اثنتين لطريقة تصنيع الخلطة ومنها عائلة "أسد لله"،هذه السيوف نادرة جداً ومنقوش عليه اسم "أسد لله" وهي دلالة على مصنعيه، وهو من أشهر السيوف في العالم وأغلاها ثمناً، لأنها مصنوعة من "الجوهر الدمشقي" الخالص، كما كان لاجتياح القائد المغولي "تيمور لانك" لدمشق تأثير كبير على تراجع هذه الحرفة حيث أخذ معه آنذاك الآلاف من أمهر صناع السيوف في "دمشق" إلى بلاده، ومنه انتشرت صناعة السيوف في "أوروبا"، كما أخذ السلطان العثماني "سليم الأول" في القرن السادس عشر مئات الحرفين إلى "اسطنبول" فضلاً عن الاحتلال الفرنسي الذي تأثر بهذه الحرفة الدمشقية كثيراً».

السيف المنحني

وحول أسعار السيوف الدمشقية ومقتنييها التقينا "الحاج أبو أحمد" صاحب محل بيع للتحف الشرقية والسيوف الدمشقية في منطقة "باب الشرقي"، فيقول: «من الصعب انقراض هذه المهنة، بسبب الطلب المتزايد على اقتناء هذه السيوف وخصوصاً الأثرياء العرب والخليجيين اللذين يقتنونها لإحياء التراث العربي الجميل، وفضلاً عن السياح الأوربيين اللذين يجمعون السيوف الدمشقية للزينة وحباً بهذا الإبداع الشرقي الرائع، كما يتم تصدير السيوف الدمشقية إلى معظم دول العالم وخصوصاً أوروبا، تركيا وروسيا، وتتراوح أسعار السيوف من 500 ليرة إلى مليون ليرة سورية، حسب الزينة المضافة إليه من الذهب والفضة أو نقوش معينة لغمد السيف، وهناك سيوف تصل عمرها إلى أكثر من 600 سنة وهي نادرة جداً ولا تقدر بثمن، كما تعرض السيوف الدمشقية القديمة في معظم المتاحف العالم وخصوصاً في "تركيا، إيران وبريطانيا" حيث يوجد متاحف خاصة لعرض التحف الشرقية والسيوف الدمشقية الأثرية في هذه الدول وغيرها».

السيد ريمون جبيلي