يستطيع أي مواطن أو زائر لمدينة "دمشق" أن يلاحظ أن تغيراً ما قد حدث في مداخلها، في هذا الشارع أو ذاك، فيرى لوحة تشير إلى إغلاق الطريق واستخدام آخر للوصول إلى هذه المنطقة أو تلك.

يتساءل الكثيرون منّا عن الأعمال التي تقوم بها المحافظة اليوم، وبشكل مكثف من قبل ورشات العمل ضمن مدينة "دمشق" والمحيط الملاصق لها، فالبعض منّا يستهجن عملها في هذا الوقت باعتباره صيفاً وموسماً سياحياً، كما نتثاقل منه في الشتاء خوفا من الطين وصعوبة الوصول لبعض الأماكن، والبعض الآخر يبرر كما هو حال المحافظة، التي تقول: لكي تكون "دمشق" مدينة عصرية وحديثة بكل ما تعنيه الكلمة- حديثة- من معنى يجب علينا أن نعمل بشكل متواصل في مجال الطرق، الجسور، العقد المرورية، البنى التحتية اللازمة.

صحيح أن المشاريع أتت متأخرة، إلا أنها في غاية الأهمية، فاليوم يمكن ملاحظة عدة أشياء على الطرق أهمها المسطحات الخضراء التي باتت موجودة بشكل واضح على جوانب معظم الطرقات، كما تم إنارتها ليلاً بشكل جميل، وتم إحداث عدة جسور أدت بشكل أو بآخر إلى تسهيل حركة المرور من شمال "دمشق" إلى جنوبها، وهذا برأيي شيء جيد جداً

السيد "أحمد علاوي"- 40 سنة- يقول: «دائماً تقوم المحافظة بمشاريع الطرقات أما في الشتاء، ما يؤدي إلى الطين ومستنقعات المياه الوحلة، وصعوبة تنقل طلاب المدارس من منازلهم إلى مدارسهم وبالعكس، أو تتم بداية موسم السياحة في الصيف حيث الغبار والأتربة، والأهم من ذلك طول فترة الانجاز، أو تتالي حفر ذات الشارع لمياه الشرب ثم الصرف الصحي، أو الكهرباء، أو الهاتف، وهكذا».

مدير الاشراف بمحافظة دمشق المهندس "معن قنواتي"

أما السيد "بسام حجو"- 56 سنة- سائق سيارة عمومي فيقول: «صحيح أن المشاريع أتت متأخرة، إلا أنها في غاية الأهمية، فاليوم يمكن ملاحظة عدة أشياء على الطرق أهمها المسطحات الخضراء التي باتت موجودة بشكل واضح على جوانب معظم الطرقات، كما تم إنارتها ليلاً بشكل جميل، وتم إحداث عدة جسور أدت بشكل أو بآخر إلى تسهيل حركة المرور من شمال "دمشق" إلى جنوبها، وهذا برأيي شيء جيد جداً».

eSyria ولإلقاء الضوء على المشاريع الحيوية التي تقوم بها المحافظة لحل مشاكل الازدحام المروري التقى مدير التنفيذ في محافظة "دمشق" المهندس "معن قنواتي" بتاريخ 24/5/2010 الذي بدأ حديثه بالقول: «ما تقوم به المحافظة حالياً من أعمال تأهيل وتجميل وصيانة لمداخل الطرق، وإشادة الأنفاق، والجسور، والعقد الطرقية وإنارتها هو تحد مع الذات لتعويض ما فاتها من تقصير نتج عنه أزمة مرور ونقل وصولاً إلى خدمات نقل سريعة وآمنة تحترم وقت المواطن، وانتهاء بسكن صحي وآمن لكل المواطنين دون اللجوء لأماكن السكن المخالف الذي يتهدده قانون الاستملاك، وهو ما قد يشرد قاطنيه لأماكن بعيدة تفتقر بدورها للخدمات، في ظل تأخر صدور المخططات والمصورات التنظيمية، والتداخل الحاصل في الحدود الإدارية بين الريف والمدينة، الأمر الذي أدى إلى تشوهات بصرية، واجتماعية حادة أساءت لمدينة "دمشق" التي تعد أقدم مدينة مأهولة بالتاريخ».

لوحة تشير إلى المخطط النهائي لنفق كفر سوسة

  • هل لك أن تضعنا في صورة الإجراءات والأعمال التي تتخذها المحافظة لتجميل وتأهيل مداخل "دمشق"؟
  • ** ما تقوم به محافظة "دمشق" من مشاريع حالياً، يأتي تنفيذاً لبرنامج طموح أعدته المحافظة عام/ 2006/ وضع الخطوط العامة للمدينة باعتبارها مدينة غير صناعية، أو زراعية، أو سياحية بل سكنية عمرانية.

    صورة تشير إلى المساحات الخضراء بجوار طريق مدخل "دمشق" الشمالي

    وقامت المحافظة أيضاً بدراسة المعايير العالمية للمدن التي توضح حاجة المواطن من الطرقات، وحاجته من الحدائق والمشافي، والمدارس، فتبين لها أنها ستواجه تحديات كبرى يأتي في مقدمتها تنفيذ المخططات التنظيمية للمدينة، وحل مشكلة المرور، فكان أن تحركت المحافظة من خلال عدة محاور، حيث قسمت العمل عبر مصورات للمنطقة، كمصور منطقة شرق "باب شرقي" وهو قيد التنفيذ حالياً بعد سنوات من المراجعات الأخذ والرد، ومصور منطقة "جوبر"ـ "المليحة"، الذي يعتبر أول مشروع تنظيمي يصدر من المحافظة، والهدف النهائي هو مدينة جميلة عصرية حديثة».

  • لكن كيف يمكن تحقيق ذلك، وتلبية احتياجات المواطن في التنقل في ظل هذه المشاريع دون معاناة بآن واحد؟
  • ** الحقيقة أن الأرقام أظهرت مدى افتقار "دمشق" للخدمات والمساحات الخضراء التي لا يتمتع فيها المواطن بأكثر من نصف متر بينما الحاجة حسب التصنيفات العالمية تتراوح بين (4ـ 6) أمتار من المساحات الخضراء، ومن هنا ركزت المحافظة في مشاريعها على زيادة المساحات خضراء ولحظها في مشاريعها كافة، أما فيما يخص الأمور الخدمية- يتابع "قنواتي"- في المدينة، والتي تحتاج لسنوات عدة لإتمامها، فقد اعتمدت المحافظة ضرورة البدء بالمحاور الأساسية كي تستطيع بعدها البدء بالمحاور الداخلية، مثل المدخل الشمالي والجنوبي، وعقدة "الشام"ـ ضاحية "قدسيا"- "دمر"، وربط المحور الشمالي مع المحور الجنوبي، إضافة إلى الخطط المتعلقة بإنشاء الطرق والجسور والأنفاق والمرائب، ومشاريع أخرى تسير بالتوازي مع تنظيم حركتي المرور والنقل وتحديثها، على اعتبار أن التوقف في مدينة "دمشق" أصبح مشكلة مؤرقة للجميع، وإذا ما عرفنا أن ما ترخصه وزارة النقل من سيارات يومياً في العاصمة فقط يتجاوز الـ (190ـ 200) سيارة ندرك حجم الضغط الحاصل على الطرقات والمدينة عامة، وهو ما يحتاج بالوقت نفسه إلى جهود جبارة لتأمين حركة مرورية مريحة.

    والمحافظة- يضيف م. "قنواتي"- تعمل بعدة محاور على صعيد تأمين طرقات جديدة، ومرائب "ذكية" تستخدم تجهيزات ميكانيكية تحجز السيارات بحيز ضيق للاستفادة من المساحات بشكل أكبر، كما بدأت الدوائر الفنية بالمحافظة برسم الشكل العام للمدينة، كيف ستكون، وكيف ستكون خطوط النقل العام فيها، وخطوط النقل الجديدة التي تطمح باتجاهها (المتروـ اللاين باص) بحيث يكون المواطن على استعداد لترك سيارته جانباً، واستخدام هذه الوسائل التي تؤمن حركة نقل مريحة وسريعة للمواطن، والآن هناك خط اللاين باص "line bus" وهو خط طويل يعبر المدينة من شرقها لغربها (من "السومرية" إلى محطة البولمان) دون أن يعيق حركة نقل الخطوط الأخرى، ويتم مخالفة من يدخل عليه باستثناء بعض السيارات العابرة كسيارات الإسعاف، أما المحطة التبادلية لهذا الخط فستكون تحت جسر السيد الرئيس.

    أما على صعيد "المترو"- يضيف مدير الإشراف- فهو في مراحله النهائية بعد أن اكتمل من الناحية الفنية، كما يوجد خدمة "السكك الحديدية" فهناك خط من محطة "الحجاز" إلى محطة "القدم"، وخط يخدم الضواحي ("الزبداني"ـ "سرغايا")، ويعبر هذا الخط منطقة "الشيراتون" والوادي، وسوف يكون في المستقبل القريب خطان للقطار ما يؤدي إلى الاستغناء عن منظومة نقل كاملة من دخول المدينة، وكل هذه المشاريع تسير بالتوازي مع تطوير منظومة النقل داخل المدينة، وهنا لابد من الإشارة- يتابع مدير الإشراف- إلى أن المواطن قد يعاني بالفترة الأولى نتيجة دخول آليات جديدة ريثما تستقر منظومة النقل بالكامل.

  • لكن هذه المشاريع الطموحة المشروعة والضرورية بآن واحد تحتاج لوقت طويل، كيف برأيكم يمكن تجاوز عقدة زمن التنفيذ بوقت محدد؟
  • ** لاشك أن عامل الوقت يمثل تحدياً آخر لنا يجب مواجهته، ولذلك تراهن المحافظة على إشراك مؤسسات الدولة في أعمال التأهيل والتجميل لمداخل المدينة خلال بضعة أشهر، والحلول المرورية، وإيجاد المساحات الخضراء التي تعد "رئة المدن" وصولاً إلى المدينة الحلم "دمشق" مع الحفاظ على عراقة أقدم مدينة مأهولة في التاريخ.

  • برأيكم كيف يمكن إشراك مؤسسات الدولة بالعمل، وهل من مثال عن نجاح هذه الرؤية؟
  • ** بدأت المحافظة بإشراك المؤسسات العامة الأخرى بمشاريعها، وأدى ذلك لعمل ناجح سواء في عقدة "الشام"، أو المدخل الشمالي للمدينة الذي تم انجازه خلال أشهر، ولولا ذلك لاستمر العمل خمس سنوات قادمة، على الرغم من أن أعمال نقل البنى التحتية كانت بالكيلومترات، حيث تم نقل خطوط الكهرباء، والصرف الصحي، وخطوط المياه.

  • وماذا عن تعويضات استملاك حيازات المواطنين سواء أكانت أرضاً أم منزلاً؟
  • ** كما نعرف جميعاً تحمل المواطن على مدى زمن طويل تبعات السكن المخالف في مناطق السكن العشوائي سواء بالهدم أو الترحيل مع تعويض لا يذكر، أما الجديد في هذا المجال فهو التعديل الذي أجرته المحافظة على الاستملاك حيث أصبح "استملاك ببدل المثل" بمعنى أن المواطن يحصل على تعويض عادل بالسعر الرائج، وأكثر من ذلك بدأت المحافظة بلحظ بعض المساحات الإضافية لسكن القاطنين في المنطقة التي يقع عليها الاستملاك وإقامة المشاريع فيها لتستوعب من يستحق السكن البديل بنفس المنطقة، وفي المستقبل القريب لن يكون هناك أية مناطق مخالفات في مدينة "دمشق".