صاحب الشركة ومديرها والسائق الذي يتولى الحجز فيها شخص واحد، هذا هو حال باص "أبو بدر" على خط "يبرود دمشق"،

العم "أبو بدر" من مواليد "يبرود"، يبلغ من العمر (55 عاماً)، ويقود رحلة يومية من "يبرود إلى دمشق" وبالعكس منذ عشرين عاماً، باستخدام باص موديل 1957، يحوي 51 كرسياً وهذه هي الأداة الوحيدة التي تنحصر فيها الأصول المتحركة وغير المتحركة لهذا الاستثمار.

بيني وبين الباص علاقة من نوع خاص، يمكنك تسميتها صداقة أو عشرة عمر أو ربما (وحدة حال). فالعمر الذي قضيناه معاً يخدمني والله ليس قليلاً

ينطلق "أبو بدر" بباصه يومياً من "يبرود" في السادسة صباحاً ويركب منها نصف ركاب الباص في حين يركب النصف الآخر بالتتابع من أماكن متعددة في الطريق باتجاه "دمشق"، فالباص يخدم نصف القرى تقريباً بين "يبرود ودمشق".

eSyria التقى صاحب "مركب الحلوين" كما يطلق عليه، وسأله عن هذا الاستثمار فقال: «بيني وبين الباص علاقة من نوع خاص، يمكنك تسميتها صداقة أو عشرة عمر أو ربما (وحدة حال). فالعمر الذي قضيناه معاً يخدمني والله ليس قليلاً».

ولدى سؤاله عن علاقته بالركاب قال: «لدي زبائن من مختلف الشرائح الاجتماعية كالموظفين والطلاب والمدرسين والعسكريين والعمال، وعلاقتي بهم ليست تجارية بقدر ما هي "علاقة عشرة"، فبعض الأشخاص يركب معي منذ عشرين عاماً، كما أتم العديد من الأطباء والمهندسين والمحامين دراستهم وهم يستخدمون باصي كوسيلة نقل إلى "دمشق"، وأنا لا أخلف موعدي معهم أبداً، حتى في يوم العطلة كالأعياد الوطنية أنطلق بباصي لأوصل من عنده دوام إلى "دمشق"، ويكون بعض تلك الرحلات خاسراً أحياناً لعدم كفاية الركاب يوم العطلة».

مركب الحلوين

وعند سؤال أحد الركاب عن رأيه بخدمة مركب الحلوين قال "أبو سامر": «أفضل خدمة هذا الباص على جميع الشركات المتوفرة، فلا أذكر أن "أبا بدر" تخلف عنا منذ عشرين سنة ولو مرة، علماً أنني من "قرية المراح" التي تقع في بداية الطريق بين "يبرود" و"دمشق"، ولا يعتمد على الحجز، وليس لديه مكتباً أو هاتفاً للتنسيق المسبق، وهو ينطلق أحياناً بعشرة ركاب فقط حتى لا يتخلف عنا، وأفضل باص "أبي بدر" لأنه أكثر أماناً وثباتاً على الطريق من السرافيس الصغيرة».

أما الطالب "علي سنقر"، فهو يختار خدمة "أبي بدر" من عدة خدمات أخرى متاحة، وله أسبابه في ذلك: «نحن لا نبدل مركب الحلوين بأي باص آخر، فهو أكثر راحة من السرافيس، فضلاً عن الأجرة المتواضعة التي يتقاضاها منا قياساً بالشركات الأخرى، كما إنني إذا تأخرت عن الحضور إلى المكان المخصص للتجمع ينتظرني ويسأل عن سبب عدم حضوري».

عروسة أبو بدر

يملك "أبو بدر" ثقة كبيرة بزبائنه، فهم لا يتركونه –حسب قوله- رغم أنه يوجد في "يبرود" شركتان تسيران رحلات كل نصف ساعة أو ساعة إلى "دمشق" أحدهما سرافيس 14 راكباً، والأخرى بولمانات كبيرة ومكيفة، ومع هذا فإن حصة (مركب الحلوين) من الركاب تكاد لا تتأثر، حتى إن بعض الركاب في أيام الازدحام لا يجد كرسياً فارغاً فيضطرون للسفر واقفين. ويعزو صاحب الباص ذلك إلى اعتياد بعض الناس على هذه النوعية من الباصات، وعدم تقبلها فكرة الباصات الحديثة، إضافة إلى تدني الأجرة قياساً بالشركات العاملة على نفس الخط، والتي تصل أحياناً إلى ضعف أجرة باص "أبي بدر"، وربما يعود السبب إلى التسهيلات التي يقدمها الباص كاصطحاب الأمتعة مهما كان حجمها.

يذكر أن "يبرود" تقع على بعد 80 كم شمال "دمشق"، ويقع على الطريق بينهما عدة قرى وبلدات لها ارتباطات وثيقة جداً مع العاصمة (القسطل، المراح، جيرود ...) ما يجعل حركة الركاب نشطة جداً بينها وبين "دمشق".