تشهد خطوط السكك الحديدية السورية نقلة نوعية بهدف تحديث خدمة النقل بالقطارات داخلياً وتعزيز موقع سورية في تنشيط الحركة السياحية بين القارة الأوروبية ودول المنطقة والخليج.

وجاء وضع قطار "ترين سيت" في الخدمة منذ نحو عامين ليحقق أهدافاَ كثيرة ً في هذا المجال.

أفضّل السفر مع "ترين سيت" بسبب وجود الألعاب أولاً، وعندما نصعد إلى العربات أطلب من والدتي القدوم إلى هذا المكان لكي ألعب مع الأطفال خلال الرحلة

لتسليط الضوء على هذا الجانب التقى موقع "eSyria" المهندس "رضوان عبد المجيد تكريتي" مدير فرع "دمشق" للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية يوم الخميس 26/3/2009 في "محطة القدم للقطارات بدمشق" بينما كان يشرف على تسيير الرحلات وأعمال الصيانة في المحطة.

غرف السيدات والاطفال

رحب المهندس "تكريتي" باهتمام موقعنا بهذا القطاع وقدم تفاصيل عن المؤسسة وخدماتها والتطورات الحاصلة والخطط المستقبلية: «إننا الآن في "محطة القدم للقطارات" وهي تعد من أقدم المحطات في "سورية" تعود إلى سنة /1904/ ميلادية ومنذ هذا التاريخ وتقدم المؤسسة خدماتها للإخوة المسافرين، وهناك إقبال كبير يزداد يوماً بعد آخر وهذا يتعلق قبل كل شيء بالخدمات التي نقدمها في العربات للمسافرين مقارنة مع وسائل النقل الأخرى، حيث تتميز القطارات بالراحة التامة والأمان وهناك خدمات متعددة مثل تقديم الصحف مجاناً للركاب وتقديم المشروبات كالعصير والشاي و"نسكافه"، وإضافة إلى ذلك توجد غرف في القطار خاصة للسيدات والأطفال وغرف للألعاب وخزانات للمياه الصالحة للشرب في جميع العربات».

الخدمات من منظور المسافرين

المهندس " رضوان عبد المجيد تكريتي "

صعدنا القطار قبل انطلاقه إلى "محافظة حلب" الساعة / 4,45/ عصراً ولمسنا هذه الخدمات على أرض الواقع، فكانت السيدة "سوسن عبد السلام" وطفلتها في غرفة السيدات: «إن وجود هذه الغرف الخاصة تساعدنا على تلبية احتياجات أطفالنا على عكس الباصات وهي نقطة ايجابية في قطارات "ترين سيت" تشجعنا على السفر بشكل متكرر بالقطار، وبشكل عام الخدمات هنا جيدة ولا نشعر بالملل أثناء الرحلة فالأطفال يملكون مساحة جيدة للعب وتفريغ بعض الطاقة».

نتجول بين العربات فثمة غرفة خاصة للأطفال وهي رغم تواضعها مسلية وتجذب أنظار الصغار كما تعبر عن ذلك الطفلة "سيدرا": «أفضّل السفر مع "ترين سيت" بسبب وجود الألعاب أولاً، وعندما نصعد إلى العربات أطلب من والدتي القدوم إلى هذا المكان لكي ألعب مع الأطفال خلال الرحلة».

"ترين سيت"... كورية الصنع.. خدمات ومواصفات عالمية

هذه الآراء تدفعنا للتساؤل عن الفرق بين قطارات "ترين سيت" والقطارات العادية وباقي وسائط النقل، فيجيب المهندس "تكريتي": «لا بد من الإشارة إلى أن المؤسسة استوردت قطارات "ترين سيت" من "كوريا الجنوبية" وهي من أرقى القطارات في العالم وتتميز بالمواصفات العالية والراقية من حيث الأمان والهدوء والسرعة الجيدة والقدرة على التحمل والمقاعد القابل للحركة وشاشات العرض في كل عربة، وتحقق هذه المميزات جميعها راحة للمسافرين خاصة العائلات والمسنين، وهذا هو أحد أسباب زيادة الإقبال حيث تكون جميع المقاعد محجوزة قبل ساعات من انطلاق الرحلات وهذا يدل بشكل واضح على أن الخطوة تمضي إلى الأمام بخير وتشجع على المزيد من العطاء».

السفر بالقطار هو الأرخص في "سورية"

لم تتأثر القطارات بارتفاع أسعار المحروقات قبل سنة فكان ذلك عاملاً إضافياً لزيادة إقبال المسافرين على القطارات في سفرهم كما يوضح المهندس "تكريتي": «إن السفر بالقطارات هو أرخص من أي وسيلة نقل في سورية مقارنة مع "الباصات والبولمانات والطائرات" وحافظنا في المؤسسة على أسعارنا بتوجيه من الجهات المعنية بهدف توفير الخدمات نفسها للمسافرين وما يدل على ذلك حجز مقاعد كل رحلة البالغة /283/ مقعداً قبل ساعات من خلال صالة قطع التذاكر في "محطة القدم" في أي وقت كان ومن "محطة الحجاز" في قلب "دمشق"».

التأهيل.. وكسر حاجز /4/ ساعات

إن ازدياد إقبال المسافرين يضع إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية أمام مسؤوليات كبيرة للمضي قدماً بهذه الخطوات بل والبحث عن الأفضل، وهنا يقول المهندس "تكريتي": «تحاول المؤسسة تطوير خدماتها على محاور عدة مثل محور الخط الحديدي الذي تسير عليه القطارات بالاستمرار بإعادة تأهيل الخطوط القائمة، فعلى سبيل المثال استطعنا بعد تأهيل وصيانة خط /حلب – دمشق/ رفع السرعة من /100/ كيلو متر في الساعة إلى /130/ كيلومتراً في الساعة وبالتالي استطعنا كسر حاجز الأربع ساعات للسفر على هذا المحور، إضافة إلى ذلك نحن بصدد إنشاء خطوط حديثة بمواصفات عالية لتصل السرعات عليها مستقبلاً إلى /250/ كيلو متراً في الساعة».

خطط للداخل الخارج

وتكثف المؤسسة جهودها لتوسيع خارطة عملها داخل القطر وخارجه انطلاقاً من الحاجة إلى خدمة أكبر عدد ممكن من الراغبين بالسفر عبر القطار، كما يوضح المهندس "تكريتي":

«حالياً تقوم المؤسسة بإنشاء خطوط متعددة منها خط / دير الزور – البوكمال/ سيتم إنجازه قريباً وسيوضع في الاستثمار فوراً، وهناك وصلة إلى العراق ستكون قيد العمل بعد إنجاز الخط المذكور، وثمة خط /دمشق- درعا/ الذي سيصل إلى الحدود الأردنية ويربط بين "سورية ودول الخليج" عبر "المملكة العربية السعودية" وقد بدأت المؤسسة العمل بهذا الخط وكذلك ستصل السرعة عليها إلى /250/ كم في الساعة، ومنذ فترة قصيرة تم تسيير قطار سياحي من "حلب" إلى "أضنة - مرسين" في "تركيا" بواقع رحلتين أسبوعياً يومي "الاثنين والخميس" الساعة التاسعة صباحاً والعودة إلى "حلب" يومي "الثلاثاء والجمعة" الساعة 11 ليلاً بسعر /1200/ ليرة سورية ، وقريباً سيتم افتتاح خط جديد للقطارات بين "حلب وغازي عنتاب التركية" لتحقيق الربط السككي مع الدول المجاورة».

"صالة حديثة في القدم".. وقريباً محطة في "القابون"

وخلال جولتنا في محطة القدم بعد انطلاق القطار إلى "حلب" لاحظنا أعمال صيانة بجانب صالة قطع التذاكر ما دفعنا للتساؤل عنها فأجابنا مدير فرع "دمشق": «حرصاً من المؤسسة بالحفاظ على راحة المسافرين نقوم بتحسين الخدمات في الصالة بتوسيعها وبناء صالة حديثة لرفد الصالة الحالية التي توجد فيها شاشة للعرض والمقاعد والتكييف، وتوجد في خطة المؤسسة إنشاء محطة حديثة متطورة بمواصفات عالية في منطقة "القابون" شمال "دمشق" فقد انتهت الدراسات الأولية ونحن بصدد الإعلان عن الدراسات التنفيذية لإنشاء محطة "القابون" مع تفريعة ستصل بين المحطة الجديدة ومحطة "البحارية" الموجودة قبل منطقة "الضمير" بريف "دمشق"، وهذا من شأنه مساعدة الركاب خاصة القادمين من المحافظات الشمالية بتقليل زمن الرحلة بحدود /20/ إلى /30/ دقيقة».

ثمة نقاط صغيرة ولكنها كبيرة في دلالاتها لفتت انتباهنا خلال جولتنا في "محطة القدم"، فرحلة واحدة مع قطار "ترين سيت" من "حلب" إلى "دمشق" قلبت مفاهيم السفر لدى رجل مسن يدعى "أديب الحسين" وعائلته: «لم أن أعلم أن القطارات مريحة بهذه الصورة، لن أسافر من الآن فصاعداً إلا مع "ترين سيت" لأن الخدمة ممتازة وهذه حقيقة وليست مجاملة والأسعار جيدة، فالعائلة كلها مرتاحة بعد رحلة أمس».

وإذا كانت المسألة بالنسبة للمواطن "السوري" البحث عن الراحة والخدمات، فكيف تبدو لسيدة "كندية" كانت جالسة مع زميلتها في أحدى العربات وبيدها خارطة "سورية": «هناك فرق واضح بين القطار وباقي وسائل النقل من خلال تجربتي خلال الأشهر الماضية، فالنقطة المهمة هي أن قطع التذاكر تجري بطريقة مريحة على عكس "البولمانات" وهنا في القطار يوجد التزام دقيق بالمواعيد من حيث الانطلاق والوصول، إضافة إلى وجود سيارات وحافلات للمؤسسة تقوم بنقل المسافرين إلى المحطة في "القدم"، وفي محطة "بغداد في حلب" أيضاً توجد سيارات للمؤسسة تنقل المسافرين إلى أحياء وضواحي المدينة».

اقتربت الساعة من موعد انطلاق القطار في /4,45/ عصراً فاضطررنا إلى النزول تتملكنا رغبة بمتابعة الرحلة وتسليط الضوء على المزيد من الحقائق.

أربع ساعات في التجوال في "محطة القدم للقطارات" بين الحديث مع مدير فرع "دمشق" للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية والإخوة المسافرين وقطار يصل وآخر يغادر وفراق للأحبة ولقاءات حارة وعناق ودموع أحياناً وتلويح بالأيدي وعبارات "مع السلامة" و"الحمد لله على السلامة".. فالمسألة ليست السفر ورحلة قطار فحسب، بل عواطف ومشاعر إنسانية والوصول بسلام وأمان.