يعتقد كثيرون أن محطة الحجاز أول محطة قطار في دمشق، ولكن الباحث في تاريخ الخطوط الحديدية يكتشف أن أول محطة للقطارات بنيت في دمشق هي محطة الميدان، وكان يطلق على خط سكة حديد الميدان آنذاك / الخط الفرنسي ش ت ح / أي شام – حماة- وتمديداتها/، واستمر العمل فيه من عام / 1894/ حتى عام / 1905 / هذا ما أكده لموقع eSyria السيد " عزيز قاسم "

العامل في مؤسسة الخطوط الحديدية منذ عام/ 1945 /، الذي التقيناه بتاريخ/ 8-7- 2008 /في محطة القدم منهمكاً هو وبعض زملائه في إصلاح رأس قطار بخاري- استعداداً للاحتفال بالمئوية الأولى للخط الحديدي الحجازي- مع العلم أن عمره قد تجاوز الثمانين عاماً، والسبب ببساطة خبرته الطويلة في هذا المجال بل النادرة في العالم، وكان يطلق على محطة الميدان في ذلك الوقت محطة دمشق، وقد انتهى بناؤها في عام/ 1894 /، وكانت نقطة انطلاق خط دمشق بيروت" / ميدان، برامكة بيروت/، وخط دمشق مز يريب، ومسار سيره هو حسب السيد" عزيز القاسم"  ميدان- صحنايا- كسوة البلد- زريقية- غباغب- الصنمين- شيخ مسكين- ابطع- داعل- طفس- مز يريب- وهذا يعني أن محطة الميدان سبقت محطة الحجاز التي انتهى العمل فيها عام /1908 / بأربع عشرة سنة، ويعد مبنى محطة الحجاز القائم في وسط مدينة دمشق في محلة القنوات أجمل من حيث الطراز المعماري، لكن بناء محطة الميدان هو الأقدم بين محطتي الحجاز والقدم.و يضيف السيد " القاسم " أن محطة الميدان كانت تحوي عدة خطوط تخدم حركة الشحن والصيانة، ومرآب القطارات، وحركة المسافرين، وفيها ورشات الصيانة وخزانات التزود بالمياه والفحم، ورصيفاً طويلاً لشحن وتوزيع البضائع، أما بناء المسافرين فيها فقد صمم ليكون مبنى إدارة المحطة والخط إلا أنه عدل، وبني بعد التعديل، واستخدم كبناء للمسافرين والإدارة معاً.

وقد تم توقيت العمل في هذه المحطة في عام/ 1963 /، وتحول مبنى المسافرين إلى مبنى سكني يستخدمه مواطنون مع عائلاتهم يعملون لدى المؤسسة العامة ( الخط الحديدي الحجازي)، كما قامت مؤسسة محروقات باستخدام قسم من المبنى في توزيع اسطوانات الغاز.

السيد عزيز القاسم

ولا تزال أجزاء كبيرة من بناء محطة الميدان قائمة، وتشغل القسم الأكبر منها الآن بعض إدارات الخط، وتهدم البعض منها نتيجة للعوامل الجوية، ولا يزال الرصيف العالي الذي كان مخصصاً للبضائع والسقف القديم المظلل بالتنك والزنك موجوداً.

أما المحطة الثانية التي أقيمت بدمشق فهي محطة البرامكة، وقد أنشأت في عام/ 1895/ م في الجهة الغربية من دمشق، وكانت محطة رئيسية كبيرة، وقد هدمت في أواخر الستينيات لتتحول إلى مركز انطلاق للحافلات العامة، وتم مؤخراً نقل الحافلات والميكروباصات إلى منطقة السومرية.

ويقول السيد " عزيز القاسم " كان القطار المتجه من دمشق إلى بيروت ينطلق من محطة الميدان والتجمع الفعلي للركاب كان في محطة البرامكة، وكانت تحوي بيوتاً للإيجار ومستودعات معدات الخطوط وساحتين كبيرتين بجانب كل منها رصيف طويل لشحن وتفريغ البضائع وساحة للمسافرين ينفتح إليها بناء المسافرين المؤلف من طابق واحد.

الجدير ذكره هنا أن فكرة الخط الحديدي لربط دمشق بحيفا جاءت عبر شركة إنكليزية، أما فكرة خط دمشق بيروت فكانت عبر شركة فرنسية، وحصل "يوسف مطران" على امتياز خط دمشق مز يريب في عام/ 1890 / م، وحصل "حسن بيهم" على امتياز خط دمشق بيروت عام/ 1891/ م.

وافتتح خط دمشق بيروت عام/ 1894 / بطول/174/ كم، وكان من الخطوط الضيقة بعرض/1050/ مم، وتم استخدام عربات تجرها الخيول عرفت باسم " الديلي جانس "، وقد بدأ العمل به عام/ 1859/ وانتهى عام/ 1863 / واتخذ مسار طريق معبد، وكان يقطع المسافة بثلاث عشرة ساعة، ثم في وقت لاحق بست ساعات.

يذكر أن الخط الحديدي الحجازي قامت ببنائه تركيا، وانتهى العمل فيه مع دخوله حيز الاستثمار عام /1908/،حيث استمر استثماره حتى عام / 1914 / في نقل الحجاج، ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى استثمر لصالح المجهود الحربي فقط ، وكان خط سيره هو/ قنوات- قدم- مسمية- ازرع – درعا / ويتوقف في عشر محطات /.

بقي أن نشير إلى أن سورية تعتبر من أوائل الدول العربية التي أدخلت السكك الحديدية في النقل، وبخاصة منذ التفكير في مد خط سكك حديد الحجاز الشام وربطه بدمشق، وقد ظهرت فكرة إنشاء الخط الحديدي سنة 1864م أثناء العمل في فتح قناة السويس عندما تقدم الألماني الدكتور "زاميل" باقتراح تمديد خط حديدي يربط بين دمشق وساحل البحر الأحمر بيد أن الاقتراح لم ينفذ، وتم في عام 1888 إنشاء أول خط حديدي في بلاد الشام بطول 87كم، وكان يمتد من يافا إلى القدس لخدمة القادمين من أوروبا بحراً إلى يافا قاصدين الأماكن المسيحية المقدسة في القدس الشريف.