ببراعةِ تصميمها، وحرفيةِ اصطفافِ أحجارها الدقيقة الملوّنة التي صنعت من تراصها لوحةً تستوقف كل ناظرٍ إليها، عادت إلى مكانها الصحيح الذي خرجت منه مكرهةً إلى متحف "مونتريال" الكندي، لوحةٌ فسيفسائيةٌ سوريّةُ الهوية، بعد أعوامٍ على نهبها من الشمال السوري.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت وبتاريخ 7 تشرين الأول 2019 مدير عام الآثار والمتاحف الدكتور "محمود حمود" الذي حدثنا عن اللوحة بالقول: «لوحة الفسيفساء مستطيلة الشكل يبلغ طولها 347 سم وعرضها 273.5 سم، ومن المرجح أنّها اكتُشفت في إحدى المواقع شمال غرب "سورية" بين محافظتي "إدلب وحماة"، وربما هي جزء من أرضية كنيسة أو دير يعود تاريخها لنهاية القرن الخامس، والنصف الأول من القرن السادس الميلاديين، وتضمّ مشاهدَ وأشكالاً تصويرية وزخرفية حيوانية وهندسية ونباتية بألوان مختلفة، ومن المشاهد الرئيسية في اللوحة الحملان المتناظران وهو موضوع رمزي ديني مسيحي شائع».

أعمال التنقيب غير القانونية لآثارنا الممتدة على آلاف الهكتارات أسفرت عن تهريب قطعها النادرة والثمينة إلى خارج "سورية"، لعرضها في متاحف الدول الأوروبية وهذه اللوحة الفسيفسائية مثال على ذلك، وإنّ معظم هذه اللقى وصلت إلى الأسواق الخارجية دون الاكتراث بقرارين دوليين صادرين عن مجلس الأمن الدولي يمنعان المتاجرة بالآثار السورية والعراقية

وعن استعادة القطعة من متحف "مونتريال" في "كندا" تابع بالقول: «صادرت السلطات الكندية قبل سنوات حوالي 34 قطعة أثرية سوريّة، تمت استعادتها جميعاً، باستثناء هاتين القطعتين اللتين تشكلان هذه اللوحة، وتمت إعارتهما إلى متحف "مونتريال" بغرض العرض، وبعد عدة مفاوضات مع الحكومة الكندية لم نتمكن من استعادتهما وفق الاتفاقية التي تسمح بذلك، فأوكلنا مهمة التفاوض هذه للمغترب السوري ورجل الأعمال "محمد الرملي" الذي تمكن من استعادتهما، وأرسلهما إلى "دمشق" على نفقته الخاصة».

د."محمود حمود" في كلمته التعريفية عن اللوحة

ويكمل: «أعمال التنقيب غير القانونية لآثارنا الممتدة على آلاف الهكتارات أسفرت عن تهريب قطعها النادرة والثمينة إلى خارج "سورية"، لعرضها في متاحف الدول الأوروبية وهذه اللوحة الفسيفسائية مثال على ذلك، وإنّ معظم هذه اللقى وصلت إلى الأسواق الخارجية دون الاكتراث بقرارين دوليين صادرين عن مجلس الأمن الدولي يمنعان المتاجرة بالآثار السورية والعراقية».

بدوره معاون وزير الثقافة الأستاذ "توفيق الإمام" قال حول اللوحة: «تعود هذه اللوحة إلى العهد البيزنطي، وتتميز بمساحتها اللافتة، هُربت إلى "كندا" وتمكنا من استعادتها بجهود وطنية وعن طريق المغترب السوري "محمد الرملي"، وعودتها إلى مكانها الصحيح في "سورية" هو رسالة انتصار ثقافي لأبناء الحضارة السورية ضد اللصوصية والهمجية التي تجعل من الآثار سلعة للتجارة تشترى وتباع خارج الحدود، بسبب الجهل بقيمتها، وصعوبة تأمين الحماية الكافية لها في ظل انتشارها على مساحات شاسعة من الأراضي السورية».

اللوحة الفسيفسائية بعد إزاحة الستار

يذكر أنّ عام 2019 شهد عودةً لافتةً للآثار السورية المهربة من متاحف عالمية إلى "سورية"، حيث تمكّن أيضاً المغترب السوري "رضوان خواتيمي" من استعادة قطعة أثرية سوريّة كانت معروضة في أحد المتاحف الإيطالية.

جانب من حضور حفل إزاحة الستار عن اللوحة