يعدّ معبد "بل" في "تدمر" من أهم وأكبر معابد الشرق، حيث بني عام 32 للميلاد على أنقاض معبد أقدم يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وقد وصل إلى المتحف الوطني في "دمشق" نموذجاً من سقف محرابه الشمالي الذي جرى تدميره من قبل الإرهاب، بعد أن قام فنانون إيطاليون بتصميم هذه القطعة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 نيسان 2019، الدكتور "محمود حمود" مدير المديرية العامة للآثار والمتاحف في حفل افتتاح مجسم سقف المحراب الشمالي في معبد "بل" التدمري، ليحدثنا بالقول: «قامت مجموعة من الفنانين الإيطاليين بإنجاز مجسم سقف المحراب الشمالي في معبد "بل" التدمري، بإشراف جمعية "لقاء الحضارات الثقافية" التي يرأسها "فرانشيسكيني روتلي" رئيس بلدية "روما" النائب والوزير السابق، والبعثة الإيطالية العاملة في "إيبلا"، حيث تم عرضه في عدة أماكن عالمية مهمة، ثم تم إهداؤه إلى السوريين، وعرضه في المتحف الوطني بمدينة "دمشق"، وهو تعبير عن الوقوف إلى جانب التراث السوري ودعمهم لكل من يعمل على حماية هذا التراث ورعايته. وقد كرس هذا المعبد للثالوث الإلهي في "تدمر" المتمثل في "بل" كبير الآلهة، و"يرحبول" إله الشمس، و"عجلبول" إله القمر، يتوسط المعبد حرم، وتحيط به أروقة تقوم على أعمدة ذات تيجان كورنثية، وبداخله محرابان هما الشمالي والجنوبي، فالشمالي تبلغ أبعاد سقفه 6×5 من قطعة حجرية واحدة، يتوسطها قبة السماء، وفي منتصفها بقايا تحمل نقش الإله "بل" وهو يتوسط الآلهة الستة، وتحيط به البروج الاثني عشر التي تدل على قدرة الآلهة بحسب المعتقدات السائدة ذاك الوقت».

يعدّ معبد "بل" من أهم معابد الشرق، وهو جزء من الإرث التاريخي المهم الذي تمتاز به "سورية"، وهذا المجسم لمحرابه الشمالي هو تأكيد على الغنى التراثي لما فيه من براعة في العمارة، وشاهد على حضارة قامت في ذاك الزمن، ولا تزال آثارها موجودة بيننا حتى الآن

معاون وزير الثقافة "توفيق الإمام" تحدث بدوره عن المجسم بالقول: «يعدّ معبد "بل" من أهم معابد الشرق، وهو جزء من الإرث التاريخي المهم الذي تمتاز به "سورية"، وهذا المجسم لمحرابه الشمالي هو تأكيد على الغنى التراثي لما فيه من براعة في العمارة، وشاهد على حضارة قامت في ذاك الزمن، ولا تزال آثارها موجودة بيننا حتى الآن».

ندوة تعريفية حول معبد "بل" ومحرابه الشمالي سبقت الافتتاح

وقد مرت عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد لمجسم المحراب بثلاث مراحل؛ من تحليل هذه التحفة المعمارية من خلال فهم الإطار التاريخي والفني لها، وإنشاء قاعدة بيانات تسمح بإعادة بناء افتراضي لها، إلى مرحلة الرقمنة والطباعة برقمنة جميع البيانات، إلى مخططات ثنائية الأبعاد، ثم ثلاثة الأبعاد، لتتم طباعتها بعد ذلك، حيث طبعت 250 قطعة، وشكلت كتلة المجسم، انتهاءً بعملية الإنتاج والإخراج التي تعتقت فيها المادة الحجرية؛ وهو ما أفضى إلى الوصول إلى النسخة التي كان عليها السقف عام 2015 قبل التدمير النهائي للمعبد على يد الإرهاب.

الجدير ذكره، أن طول القطعة المذكورة يزيد على 4م، وعرضها نحو 1,5م، وثخانتها 80سم، ووزنها 190كغ، وقد جرى عرضها في مبنى "الكولسيوم"، ومبنى "الأمم المتحدة" في "روما"، كما عرضت في مبنى البرلمان الأوروبي في "بروكسل"، ومقر اليونيسكو في "باريس"، وجرى إهداؤها إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف في "دمشق".

المحراب الشمالي قبل رفع الستار عنه
صورة من الأسفل للمحراب تظهر جمالية تفاصيله