من أشهر مدارس "دمشق" لتلقي الثقافة الإسلامية، تضم جامعاً ما زال يؤمه المصلون، له مئذنة غنية بالزخارف وقبب ملساء ومضلعة، ودهاليز تصل بين المسجد ودار القرآن..

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 تموز 2014 الآثاري "عقبة نظام" الذي تحدث عن المدرسة "الصابونية" ويقول: «عُرفت "دمشق" طوال قرون بمدارسها المختلفة التي كانت تعلم الثقافة الإسلامية، وكان أشهرها دار "القرآن الصابونية" أو ما سمي لاحقاً "المدرسة الصابونية"، الواقعة في منطقة "باب الجابية"، التي انتهى العمل بها سنة 869 هجرية وجددت سنة 1360 للهجرة».

عُرفت "دمشق" طوال قرون بمدارسها المختلفة التي كانت تعلم الثقافة الإسلامية، وكان أشهرها دار "القرآن الصابونية" أو ما سمي لاحقاً "المدرسة الصابونية"، الواقعة في منطقة "باب الجابية"، التي انتهى العمل بها سنة 869 هجرية وجددت سنة 1360 للهجرة

ويضيف: «قام ببناء المدرسة "شهاب الدين أحمد بن الصابوني" الذي نسب إليه اسمها، حيث يوجد عند مدخلها غرفة فيها ضريح له، ومئذنة حجرية مثمنة بديعة الزخارف، ويتألف جامع المدرسة من حرم رئيسي، وصحن واسع فيه بركة ماء، وإيوانين، جنوبي وغربي، وجدران الصحن من الأسفل حجرية ذات جبهة ضخمة مدهشة من حجارة سوداء وبيضاء من الرخام، وعلى محيط الإيوانين توجد غرفة صغيرة مغلقة حالياً، وفيها باب وشباكان يطلان على غرفة الضريح، وآخران يطلان على المسجد، وتتألف غرفة الضريح من قبة كتب عليها: (أنشأ هذه التربة المباركة في حال حياته العبد الفقير إلى الله تعالى الخواجة شهاب الدين أحمد بن الصابوني غفر الله له ولوالديه)».

زخرفات بوابة دار القرآن الصابونية

ويتابع في وصف دار القرآن في المدرسة: «الدار التي أنشأها التاجر "الصابوني" تتألف من باب كبير يعود طراز بنائه إلى العهد المملوكي، يعلو جدار المدرسة ومبني على شكل محراب جميل، وصدر قنطرته مزخرف بمقرنصات متقنة، بينما الباب الصغير يقودنا عبر دهليز إلى داخل المبنى الموزع على قسمين: الأول هو المسجد، والثاني القبة التي تغطي قبر الواقف، وفي نهاية الدهليز تقع المدرسة، وفيها صحن يحوي بحرة ماء وإيوان وغرف عدة، ولا تشير المراجع إلى تجديد تلك المدرسة أو مئذنتها، وتجاور المدرسة دور مبنية على الطراز الدمشقي لتشكل مع مبنى "دار القرآن الصابونية" تمازجاً جميلاً، ويختلف سكان الحي في تسمية هذا المبنى فيطلقون عليه الجامع أو المسجد "الصابوني"، وربما لا يستطيعون اليوم تمييزه كمدرسة كان لها دورها المهم في حياة "دمشق" العلمية».

أما الدكتور "قتيبة الشهابي" في كتابه "مآذن دمشق" فيقول عن تلك المدرسة: «تعد مئذنة "المدرسة الصابونية" واحدة من المآذن الغنية بالزخارف في مدينة "دمشق"، جذعها مثمن الأضلاع تقطعه الأشرطة التزيينية والكتابية، وفي أسفله نوافذ صماء ذات أقواس ثلاثية الفصوص، وتأخذ شرفتها شكل الجذع وتتدلى من المقرنصات، كما يحيط بها (درابزين) معدني بسيط مجدد وترتفع فوقها مظلة مجددة أيضاً، ويعلو المئذنة جوسق مثمن يحمل ذروة صنوبرية شيدت على طراز ذرى المآذن المملوكية في "القاهرة"».

أحد جوانب الجامع

ويقول الخبير في الآثار الإسلامية "عمر الميداني" في كتاباته: «تميزت المدرسة "الصابونية" بخصائص العمائر المملوكية، وهو العصر الذي تعود إليه، والذي كان معروفاً بتراث المشرق الإسلامي ومغربه، وصاغه فنانو العصر بأسلوبهم وحسب أذواقهم، وساعدت حياة الرخاء على الإسراف في تجميل العمائر وزخرفتها، وذكر في العديد من الكتب أن عمائر المماليك تميزت بالواجهات العريضة العالية، والبوابات المزخرفة والعقود المتنوعة الأشكال والزخارف والقباب المقرنصة».

ويضيف: «يعد العصر المملوكي العصر الذهبي من ناحية الفن الزخرفي في تنوع أشكاله وتكويناته وتكمن أهمية المدرسة في كونها من أجمل أبنية هذا العهد، فهي غنية بالعناصر الزخرفية الرصينة التي تؤمن توازناً تشكيلياً يتنوع في تفاصيله وتوزعه وبتناظر مساحاتها، فهي مبنية بالـ"مداميك" الحجرية ذات الألوان المتناوبة (الأبلق)، كما تمتاز ببوابتها المرتفعة والمعقودة بالمقرنصات المترفة، وفوقها طاسة منداة بالزخارف في وسطها حشوة مربعة هندسية الزخارف، وتستقر فوق المبنى قبة ملساء تستند إلى رقبة مضلعة فيها 12 نافذة، وتعلو الواجهة من جهة اليسار مئذنة مملوكية الطراز».