فندق من عهد السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" يضم 30 غرفة في طابقين، مبني من المداميك الحجرية المتناوبة، له مدخل يحمل بابين وباحة مقسومة إلى بائكتين.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 حزيران 2014، المهندسة "بشرى عبده" من المديرية العامة للآثار والمتاحف، التي تحدثت عن "خان الرز" وتقول: «يعدّ أحد الخانات العثمانية الباقية من مجموع الخانات التي بلغ عددها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أي في عهد السلطان "عبد الحميد الثاني" 139 خاناً، بني في "سوق الورق" الواقع شرق "سوق البزورية" موازياً للشارع "المستقيم" أو سوق "مدحت باشا"، ويعد من الخانات الصغيرة المحيطة بأكبر خانات "دمشق" وهو خان "أسعد باشا"، تأخذ الفسحة السماوية للخان شكل المستطيل بأبعاد (14×7)م، والدخول إلى الخان يأتي بزاوية مائلة تعكس الذكاء المعماري قديماً حيث بنيت كذلك لتسهيل دخول عربات الخيل».

"خان الرز" كغيره من خانات وبيوت "دمشق" القديمة مبني من المداميك الحجرية المتناوبة، الطابق الأرضي مبني من الحجر الكلسي الأبيض والبازلتي الأسود يتخلله مداميك الحجر المزاوي ذو اللون الأحمر، وهو ذو قيمة أثرية عالية

وتضيف: «عرفت "دمشق" بنشاطها التجاري منذ أقدم العصور، الأمر الذي أدى إلى إنشاء نُزل للمسافرين إليها وكانت تسمى قيساريات أو خانات، والخان لغوياً كلمة ذات أصل فارسي وتعني البيت أو القصر، حيث كانت الخانات بمنزلة الفندق اليوم فخصصت لإقامة القوافل التجارية القادمة من أنحاء العالم، وكثرت الخانات خاصة في العهد العثماني بسبب تزايد النشاط التجاري وانتظام قوافل الحج بشكل ملحوظ، وقد توزعت في مدينة "دمشق" القديمة داخل الأسوار خانات كثيرة وواسعة، ومنها خان "الرز" الذي يضم 30 غرفة موزعة على الطابقين الأرضي والأول».

الخانات كما يبينها الباحث عماد الأرمشي

وتتابع: «"خان الرز" كغيره من خانات وبيوت "دمشق" القديمة مبني من المداميك الحجرية المتناوبة، الطابق الأرضي مبني من الحجر الكلسي الأبيض والبازلتي الأسود يتخلله مداميك الحجر المزاوي ذو اللون الأحمر، وهو ذو قيمة أثرية عالية».

وبيّن التاجر "محمد حسن" من "سوق البزورية" أن اسم "الرز" أطلق على الخان لكونه مكاناً لتخزين وتجارة الرز، إذ كان محط رحال تجار الرز والبقوليات بشكل عام، حيث ينزلون فيه مع قوافلهم وبضائعهم ويعقدون الصفقات التجارية فيه.

أما الباحث "عماد الأرمشي" فيتحدث عن الحالة المعمارية للخان ويقول: «يتألف من بوابة حجرية جميلة على شكل قوس هو هيكل الباب الخارجي، مبني من الحجارة البيضاء والسوداء الأبلقية التركيب (وهي تسمية تطلق على مداميك الألوان المتناوبة أي الصفوف الحجرية الأفقية التي تتناوب فيها الألوان كالأسود والأبيض، أو الأحمر والأبيض، وتعد نوعاً من الطراز المعماري المملوكي)، ويحيط به قوس ذو رسوم هندسية تحيط بحجارة القوس بالكامل، أما الباب فيتألف من مصراعين كبيرين من خشب الجوز ثبتت عليه مسامير ضخمة تشبه إلى حد كبير طراز أبواب مدينة "دمشق" المصفحة، يوجد في مصراع الباب اليميني باب صغير هو "باب خوخة"، وهذا المصطلح كان يطلقه أهل الشام على هذه الأبواب الصغيرة التي كانت مخصصة لدخول الأفراد فقط في الماضي، أما عند دخول القوافل والجمال فكان يتم فتح الباب على مصراعيه لسهولة الدخول».

ويتابع: «يتألف الخان من طابقين حول باحة مستطيلة الشكل، مقسوم إلى جناحين أو بائكتين (البائكة مجموعة من الأعمدة على صف واحد تتخللها أقواس دائرية أو نصف دائرية)، يقاطعها مجاز (أي ممر) مدعّم برتل من الركائز الضخمة الحاملة للقناطر الحجرية المساندة والملتحمة مع الأعمدة الحجرية الحاملة للقبتين كبيرتا الحجم، وبناء الخان من الداخل كما من الخارج من حيث نوعية الحجارة الأبلقية التركيب».

بوابة الخان الخشبية

أما الدكتور المهندس "موفق دغمان" - مدرس في كلية الهندسة المعمارية، فيقول: «تنبهت مؤسسات الدولة التي تعنى بالتراث والمحافظة عليه منذ عقود بأهمية هذه الخانات فعمدت إلى استملاك بعضها لما لها من أهمية أثرية من ناحية، وبسبب نسبة التدهور الهائل الذي وصلت إليه بعضها من ناحية أخرى، فخان "أسعد باشا" استملك لمصلحة وزارة الثقافة، وخان "سليمان باشا" استملك لمصلحة محافظة "دمشق"، وخان "الرز" استملك لمصلحة وزارة السياحة، وإلى اليوم لم تتخذ إجراءات حقيقية لترميم هذه الخانات المستملكة أو توظيف مناسب لها، أما بقية الخانات فهي تعاني من مشكلات كثيرة حتى اليوم».