استعمل في بناء المدرسة أحجار وأعمدة أثرية منقولة من عدة جوامع ومدافن قديمة، فأطلق على جامعها اسم "جامع الجوامع"، ومازالت منذ القرن السادس عشر وحتى اليوم دار دين وعلم...

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 29 أيار 2014 المدرسة "السيبائية"، والتقت "محمد أحمد حمود" أحد زوار الجامع، ويقول: «تقع تلك المدرسة في منطقة "باب الجابية" في حي "الخراطين" وتطل على سوق "مدحت باشا"، وفيها جامع يشتهر بزخارفه الجميلة ومقرنصاته التي تعود إلى فترة الأوابد الأثرية التي تشتهر بها مدينة "دمشق"، ويعدّ من الجوامع المميزة في "سورية"».

تقع تلك المدرسة في منطقة "باب الجابية" في حي "الخراطين" وتطل على سوق "مدحت باشا"، وفيها جامع يشتهر بزخارفه الجميلة ومقرنصاته التي تعود إلى فترة الأوابد الأثرية التي تشتهر بها مدينة "دمشق"، ويعدّ من الجوامع المميزة في "سورية"

ويوضح الدكتور "محمد أسعد طلس" في كتابه "ثمار المقاصد في ذكر المساجد" عن جامع المدرسة بالقول: «بعض أهل الشام يطلقون عليه اسم "جامع الخراطين"، والمتعارف عليه حالياً هو اسم جامع "المدرسة السيبائية" التي أنشأها الأمير "سيباي بن بختجا"، الذي كان أميراً للسلاح في "مصر" ونائباً للسلطنة المملوكية في "الشام"، وقائداً وآمراً للقوة العسكرية المسلحة في "القاهرة"، وقُتل مع "الغوري" في معركة "مرج دابق"».

واجهة المدرسة في عشرينيات القرن الماضي

أما الآثاري "عقبة معن" فحول المدرسة يقول: «بوشر في بناء المدرسة ومسجدها في عام 914 للهجرة - 1508 للميلاد، وفرغ من البناء عام 921 للهجرة، أي في القرن السادس عشر الميلادي، وقد أطلق أهل الشام على جامع هذه المدرسة اسم "جامع الجوامع" لأن الأمير "سيباي" لم يدع في مدينة "دمشق" مسجداً مهجوراً ولا مدفناً مغموراً إلا وأخذ منه من الأحجار والرخام والعواميد، واستعمل في عمارة المدرسة كل أعمدة المساجد المهدمة والمنهارة والترب المهجورة، وكذلك استخدم رخام المدرسة "الخاتونية" لتزيين جدران حرم الجامع من الداخل، ما دفع أهل "الشام" وعلمائها إلى تسميتها بـ"جامع الجوامع"».

وعن المدرسة "السيبائية" يقول الباحث التاريخي "عماد الأرمشي": «تعدّ المدرسة آخر مدرسة مملوكية تم بناؤها في العصر المملوكي في مدينة "دمشق"، وتقع في أول سوق "الخراطين" الذي كان موجوداً قديماً في تلك المنطقة نسبة إلى محلات خراطي الخشب، والجوامع في ذلك العصر كانت تقوم بمهام تدريسية إلى جانب كونها دوراً للعبادة، كجامع "العداس"، وجامع "الحنابلة"، وجامع "يلبغا"، وجامع "تنكز"، إضافة إلى جامع "السيبائية" وهو أهمها، ويتألف جامع المدرسة "السيبائية" من واجهة عريضة تتعدى 40 متراً على طول المدرسة من الجهة الشرقية والمؤلفة من طابقين، ومبنية من المداميك الأبلقية ذات اللونين الأبيض والأسود، يعلوها خط من المدكك على طول الواجهة، ويتوسطها بوابة المدرسة وهي في الحقيقة كمعظم البوابات التي بنيت في العصر "المملوكي" المتأخر عالية الارتفاع غنية بالمقرنصات الجميلة ومزركشة بالمحاريب، وفيها طاسة ملساء التكوين، وفيها مدككات على شكل قطرات ماء طولانية الشكل تصب على مدكك أسود في أسفل الطاسة، ويوجد في واجهة البوابة حشوة مربعة الشكل، فيها زخارف هندسية أخذت شكل أزهار نباتية على طول محيط الحشوة ذات الإطار المزخرف بشكل جميل، وفي أعلاها شريط مورق، وكذلك في أسفلها شريط مرتكز على أحجار مدككة غاية في الجمال».

صورة جغرافية لموقع المدرسة

ويضيف: «باب ومدخل المسجد يرتفع عن الأرض بسبع درجات للدخول إلى صحن المسجد، وتعلو الباب زخارف شريط من المدكك ومنقوش على الساكف آية الكرسي الشريفة بخط جميل مُذهب، وقد ذكرها كل من "كارل، ولتسينجر" في مجلد الآثار الإسلامية في "دمشق" بأنها في جامع "الخراطين"، وهو بناء واسع يرجع إلى ما بعد عام 1700 للميلاد، يتجلى البناء بتناوب شديد بين المداميك الضاربة للزرقة، ويعلو الواجهة والبوابة شريط من أشكال (الزيك زاك)، وشريط آخر من المسننات وكلاهما في مكان مدماكين أسودين، وينتهي الجدار والبوابة في الأعلى بشريط متعرج ومتداخل من زخارف الحفر المائل، وعند المدخل توجد لوحة رخامية حديثة العهد».

ويشير "الأرمشي" إلى أن مدرسة "السيبائية" حتى يومنا هذا تقوم بتحفيظ القرآن الكريم وإحياء السنة الشريفة، ومازالت غرفة تحفيظ القرآن قائمة منذ تلك العصور.