كانت "المدرسة الجقمقية" مكتباً للأيتام ومركزاً للصوفية، قبل أن يجعل منها الأمير "سيف الدين جقمق" تربة له ولوالدته، أما اليوم فأصبحت متحفاً للخط العربي...

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 11 شباط 2014 السيد "أحمد حمود" أحد زوار "المدرسة الجقمقية"؛ الذي تحدث بالقول: «قمت بزيارة المدرسة أكثر من مرة وأعجبت بتصميمها الفريد؛ حيث يقع المدخل الرئيس في الجهة الشمالية ويتوسطه باب ضخم وتعلوه مقرنصات ونصف قبة مضلعة، ويؤدي هذا الباب إلى غرفة صغيرة ومنها إلى صحن صغير في وسطه بركة رخامية مثمنة تحيط به أربعة أواوين (جنوبية وشرقية وغربية) تتقدمها أقواس وأعمدة، وتقوم تلك الأواوين على أعمدة ضخمة ذات تيجان منحوتة وفوقها أقواس تحمل قناطر صغيرة مزدوجة مفصولة بزخارف جميلة ويستند عليها السقف ذو الزخارف النباتية».

بُنيت المدرسة من قبل المعلم "سنجر الهلالي" وابنه "شمس الدين الصائغ"، وكانت تسمى حينها "دار القرآن الهلالية"، ثم صادرها الملك "الناصر حسن" عام 761 هجري، وبنى فوقها مكتباً للأيتام وجعل لها شبابيك من الشرق، ورصد لها الأملاك والحجج، وبعد مقتله عام 772 هجري تحولت إلى مدرسة للصوفية

ويبين الباحث الآثاري "عقبة الخلوف" أهمية المدرسة ومن بناها ويقول: «بُنيت المدرسة من قبل المعلم "سنجر الهلالي" وابنه "شمس الدين الصائغ"، وكانت تسمى حينها "دار القرآن الهلالية"، ثم صادرها الملك "الناصر حسن" عام 761 هجري، وبنى فوقها مكتباً للأيتام وجعل لها شبابيك من الشرق، ورصد لها الأملاك والحجج، وبعد مقتله عام 772 هجري تحولت إلى مدرسة للصوفية».

صور من المدرسة

ويضيف: «تعد المدرسة من أجمل المدارس في زخرفتها وتصميمها، وتحمل ميزات العمارة المملوكية من حيث هندسة البناء والزخارف والتصميم، كما تعد نموذجاً كاملاً من فن العمارة المملوكي واعتمد تصميمها على نظام التعامد، وهي مربعة الشكل مساحتها 285 م2، وهذا البناء مؤلف من واجهتين خارجيتين مبنيتين من الأحجار الملونة والمداميك، التي تراوحت ألوانها بين الأسود والأبيض والأصفر».

وأشار أستاذ التاريخ "وائل العبد الله" إلى أن المصلى من أهم أقسام المدرسة وكان يستخدم للصلاة والتدريس، ويتوسطه في جداره القبلي محراب مرخم بديع الصنع يحوي فسيفساء هندسية مطعمة بالصدف، ونجد في الزاوية الشمالية الشرقية تربة الواقف التي تعلوها قبة عالية محمولة على أربعة أقواس تغطي زواياها مقرنصات، وفيها قبران أحدهما للأمير "جقمق" والثاني لوالدته، وزينت جدرانها بالزخارف الهندسية الملونة والمطعمة بالصدف، إضافة إلى كسوة جدارية عليها شريط كتابي من الآيات القرآنية بخط الثلث القديم، كما زينت جدران المدرسة الداخلية بمجموعة من الزخارف المرمرية المنقوشة والمحفورة والمطعمة والكتابة الجميلة الملونة من القرآن الكريم، إلى جانب كلمات مدح لمرممها "سيف الدين جقمق" موجودة داخل وخارج المدرسة بالخطين الكوفي والثلثي».

المدرسة من الخارج

ويشير إلى أنه في عام 1420 ميلادي أمر الأمير "سيف الدين جقمق" بإعادة بناء أنقاض المدرسة المهدومة التي قام بهدمها "تيمورلينك" عند دخوله إلى "دمشق"، وذلك بعد أن استولى عليها لتكون مدرسة وتربة له ولوالدته، ولكن بناءها لم يكتمل إلا سنة 1421م وذلك حسبما نصت الكتابة المنقوشة على الباب الرئيس وواجهته، وقد أوقف عليها أوقافاً عديدة وعين لها مدرسين، وبقيت المدرسة ركناً للتعليم في "دمشق" إلى وقت قريب، ثم تحولت في عام 1919م إلى مقر لحلقة المولوية الدينية وتعليم الأطفال القرآن الكريم، إلى أن أصيبت بقنبلة أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1941 وهدم سقف قاعتها والجزء الأعلى من جدرانها إثر ذلك، وقد تم ترميمها عام 1972 وجُعل منها متحفاً للخط العربي عام 1974.

يذكر أن "المدرسة الجقمقية" تقع في منطقة "دمشق" القديمة شمال الجامع "الأموي"، في شارع "الكلاسة" بجوار ضريح "صلاح الدين الأيوبي".